رئيس باكستان يدعو إلى “جهاد السدود” للانتصار على شح المياه

1 min read

تواجه الحكومة الباكستانية الجديدة، برئاسة عمران خان، ما يمكن أن يكون أكبر تحدٍ لها، إذ يهدد نقص المياه غير المسبوق بتفجير أزمة كبرى في البلد الآسيوي.

ويحث خان، الذي أدى اليمين في 18 أغسطس/ آب الماضي، نحو تسعة ملايين باكستاني يقيمون أو يعملون خارج بلدهم، على "التبرع بسخاء" لبناء السدود لتلبية احتياجات باكستان المتزايدة من المياه.

لكن خبراء يرون أن هذه الخطوة غير قابلة للتطبيق.

وانتشرت إعلانات في صحف وبث إذاعي وتلفزيوني لمحطات محلية، تدعو الباكستانيين في الخارج بشكل خاص إلى المساهمة في بناء سدود، خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

من تلك السدود، سد "ديامير – بهاشا"، الذي توقف بناؤه لفترة طويلة وهو في المراحل الأولى على نهر السند بمنطقة "جيلجيت بالتستان" شمالا، قرب الحدود مع الصين.

30 يوما فقط

في رسالة متلفزة، الأسبوع الماضي، ناشد خان الباكستانيين العاملين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والشرق الأوسط، المساهمة في ما أسماه "جهاد السدود"، عبر التبرع بألف دولار على الأقل، لصندوق مخصص لبنائها.

خان، الذي حذر من أن باكستان قد تواجه جفافا كاملاً بحلول 2025، قال إنه إذا لم يتم إنشاء سدود جديدة، "فمخزوننا من المياه يكفي 30 يوما فقط".

"في حين أن بلدا مثل مصر، التي واجهت في الماضي نقصا أكثر حدة في المياه، لديها سعة تخزين تكفي لألف يوم".

حتى الآن، لقي نداء خان ردا إيجابيا للغاية، ليس فقط من الخارج بل من داخل باكستان، إذ تمكن من جمع أكثر من ثلاثة مليارات روبية باكستانية (نحو 30 مليون دولار) خلال أسبوع.

وتبرع الجيش الباكستاني، الإثنين الماضي، بمليار روبية (أكثر من 8 ملايين دولار)، وهي أعلى مساهمة من جانب جهة واحدة، حتى الآن.

سبل مبتكرة

لكن هذا السخاء في التبرعات لا يثير إعجاب خبراء الاقتصاد والمياه، الذين يرون أن هذه الخطوة "غير قابلة للتطبيق".

وقال الدكتور قيصر بنغالي، خبير اقتصادي بارز، للأناضول، إن "بناء السدود الضخمة مسألة خطيرة للغاية، ولا يمكن بناؤها من خلال الصدقات والتبرعات".

وتبلغ تكلفة مشروع بناء السدود، حسب تقديرات في 2006، نحو 12.6 مليار دولار، وتصل حاليا إلى 16 مليار دولار، وفق خبراء.

وأضاف أن "الحكومات لا تدار بمثل هذا الأسلوب".

وتابع بنغالي، مؤلف كتاب "سياسة إدارة المياه"، أن "الحكومة بحاجة إلى البحث عن سبل مبتكرة".

واتفق شهاب أوستو، خبير مياه مقيم في كراتشي، مع بنغالي في هذا الرأي.

وقال أوستو للأناضول، إن "بناء السدود عمل مكلف جدا، قد يكون لدى خان منهجا متفائلا في الأساس، بسبب شعبيته بين الباكستانيين في الخارج، لكن هذه المشاريع الضخمة والمكلفة لا يمكن بناؤها ببساطة على أساس الشعبية والتفاؤل".

ووفقاً لإحصاءات صادرة من وزارة المياه والطاقة الباكستانية، تتلقى باكستان 145 مليون "قدم فدان" من الماء سنويا (القدم فدان الواحد يعادل 1233 متر مكعب).

ويتم الاحتفاظ بـ 14 مليون قدم فدان فقط؛ وتهدر باكستان مياها بقيمة 25 مليار روبية (حوالي 200 مليون دولار) كل عام.

وتحصل باكستان على معظم مياهها من ثلاثة أنهار في غربي البلد، هي: السند، جيلوم وتشيناب، بموجب اتفاقية مياه أبرمت عام 1960 مع الهند، بوساطة من البنك الدولي.

وتم تخصيص مياه أنهار في شرقي باكستان، مثل سوتليج وبياس ورافي، للهند بموجب الاتفاقية.

مبدأ الإنشاء والتشغيل

اقترح بنغالي أن تخصص الحكومة بين 20 و25 بالمائة من إجمالي النفقات كأولوية لمشروع بناء السدود، وتسليمه إلى شركة أو مجموعة شركات من خلال مناقصة دولية تستمر عقودا.

وأضاف أنه "بهذه الطريقة لن تضطر الحكومة إلى دفع أية مبالغ مقابل أعمال الصيانة، خلال الأعوام الثلاثين المقبلة".

وشدد بنغالي على ضرورة ترشيد استهلاك المياه كخيار أفضل بكثير من بناء السدود للتعامل مع متطلبات المياه.

وأردف: "أريد أن أقول إنه لا يوجد نقص في المياه في باكستان، القضية الوحيدة هي سوء إدارة وتوزيع المياه".

وتابع: "يتم استخدام نحو 90 بالمائة من مياهنا لأغراض الزراعة، 40 بالمئة منها يضيع بسبب الأساليب الزراعية البدائية، وإذا تم استخدام التكنولوجيا والأدوات الحديثة، يمكننا توفير 40 بالمائة من المياه المهدرة".

سلاح المياه

انخفضت مستويات المياه في 26 من أصل 43 بحيرة في باكستان بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، وفقا لصحيفة "دون" المحلية نقلًا عن مسؤولين.

وتتشارك باكستان والهند في مياه 6 أنهار هي: بيس، راوي، ستلج، السند، تشيناب وجيلوم، بحسب اتفاقية مياه السند (IWT)، التي وقعها رئيس الوزراء الهندي، جواهر لال نهرو، والرئيس الباكستاني، أيوب خان، في 19 سبتمبر/ أيلول 1960.

مرارا، وضمن خلافات حول المياه، هددت الحكومة الهندية بأنها ستتخذ إجراءات ضد باكستان، بينها إلغاء هذه الاتفاقية، وكذلك تجميد اتفاقيات التجارة المشتركة.

وتعتبر اتفاقية مياه السند صفقة مهمة جدًا لباكستان، إذ تمكنها من بسط سيطرتها على ثلاثة أنهار غربية كبيرة، وهي: السند، تشيناب وجيلوم، ما يعادل 80 بالمئة من إجمالي مياه الحوض بأكمله.

وسيترتب على إلغاء الاتفاقية سيطرة الهند المباشرة على تلك الأنهار النابعة أساسًا من أراضيها، لكن الأمر سيستغرق منها سنوات لبناء سدود وخزانات وبنى تحتية لتوليد وتخزين كميات كافية من المياه، ومنع تدفقها إلى مصباتها في باكستان.

وتحتل الأنهار الغربية الثلاثة، لاسيما السند، أهمية خاصة بالنسبة لباكستان، كونها المصدر الأساسي لمياه للري والاستهلاك البشري، بجانب نهر كابول.

وصنّف صندوق النقد الدولي نقص المياه في باكستان باعتباره تهديدًا خطرًا على هذا البلد.

وسنويا، يبلغ نصيب الفرد في باكستان من المياه نحو 35 ألف و300 قدم مكعب، ويتغير هذا النصيب على خلفية عوامل كثيرة، منها تغير المناخ، وزيادة تعداد السكان، وفق الصندوق. 

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours