وضعت عملية مستوطنة "بركان"، بالقرب من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، القادة السياسيين والأمنيين في إسرائيل أمام معضلة الرد على هذه العملية.
وقُتل إسرائيليان متأثران بجروحهما التي أصيبا بها أمس الأحد، في عملية إطلاق نار نفذها فلسطيني في المنطقة الصناعية بمستوطنة "بركان" المقامة على أرضي محافظة سلفيت، شمالي الضفة الغربية.
ويقول يانيف كوبوفيتش، في تحليل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في نسختها الإنجليزية، إن لجوء إسرائيل إلى العقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين بعد العملية قد يفجر موجة عنف في الضفة الغربية، خاصة أن حركة "حماس" التي تقود مسيرات العودة في غزة، تسعى إلى تصعيد موازٍ في الضفة الغربية أيضا.
وتشير الصحيفة، إلى أن "حماس"، تواجه تحديات في الضفة لم تتمكن من التغلب عليها بعد، مثل إعادة بناء جهازها العسكري، بسبب الجهود الإسرائيلية وجهود السلطة الفلسطينية.
ويضيف كوبوفيتش، أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية ترى أن "المزاج" في الضفة قد يوفر أرضية خصبة لمنفذي العمليات المنفردين، لتنطلق سلسلة عمليات كالتي وقعت قبل ثلاثة أعوام، بدءا من أكتوبر/تشرين الأول 2015.
ويتميز منفذو هذه العمليات بعدم وجود انتماء سياسي حزبي لهم.
ونفذ هؤلاء عمليات طعن ودهس وإطلاق نار خلفت عشرات الإسرائيليين بين قتلى وجرحى.
ويشير الكاتب، إلى أن انطلاق موجة عمليات في الضفة الغربية قد يحسن من وضع "حماس" في صراعها مع إسرائيل، لأن فتح جبهة ثانية سيضع الجيش الإسرائيلي أمام تحديات حقيقية تضاف إلى ما يواجهه في قطاع غزة.
وحسب الصحيفة العبرية، حذر مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية مؤخرا الحكومة من أن هناك إمكانية لانطلاق موجة عنف في الضفة.
فرئيس أركان الجيش جادي آيزنكوت، أبلغ المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، سبتمبر/أيلول الماضي، أن هناك تصاعدا في إمكانية وقوع أعمال عنف في الضفة، وقبل شهرين أبلغ رئيس جهاز المخابرات "شاباك" نداف ارجمان، أطلق تحذيرا مشابها.
ويرى المحلل الإسرائيلي، أن قادة الأجهزة الأمنية يدعمون اتفاقا لوقف إطلاق النار مع "حماس"، لكنهم في الوقت ذاته يرون أن مثل هذا الاتفاق إذا تم رغما عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فإنه سيقوض موقفه في الضفة ويعزز موقف "حماس" فيها، وسيقنع الجيل الشاب في الضفة أن عمليات "حماس" تحقق نتائج، ويجعل إسرائيل تدفع الثمن.
لذلك يرى المحلل الإسرائيلي، أن رد الحكومة الإسرائيلية على عملية، الأحد، في المنطقة الصناعية الاستيطانية "بركان"، باللجوء إلى عقوبات جماعية تستهدف 8 آلاف عامل فلسطيني في المنطقة الصناعية، أو 100 ألف عامل يحملون تصاريح للعمل في المستوطنات في الضفة، سيؤدي إلى تعزيز موقف "حماس"، وسيزيد من فرص تفجر العنف في الضفة.
"هآرتس" تضيف، أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل على قناعة أن الحفاظ على الهدوء في الضفة واستمرار التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، أكثر أهمية من فرض عقوبات جماعية، بات قادة المؤسسة الأمنية في إسرائيل مقتنعين أنها لا تشكل رادعا لمنفذي الهجمات المنفردين.
بموازاة المؤسسة الأمنية، فإن القادة السياسيين يفضلون العقوبات الجماعية، كإجراء للردع، لأن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي (المناصرين للقادة السياسيين في إسرائيل) يطالبون عادة بمثل هذه الإجراءات، ويرون أن امتناع المؤسسة الأمنية عن اللجوء إليها هو ضعف في موقفها.
ففي 2017، كانت الحكومة تريد منع كافة العمال الفلسطينيين من دخول مستوطنة "هار أدار"، قرب القدس، إثر تنفيذ شاب عملية قتل فيها ثلاثة من عناصر الأمن الإسرائيليين وأصاب رابعا على مدخل المستوطنة.
ويقول كوبوفيتش، إن الوضع في الضفة حاليا قابل للاشتعال، وستؤدي العقوبات الجماعية إلى تعزيز موقف "حماس" في صفوف فلسطينيي الضفة، لذلك يتوجب على المستوى السياسي أن يوازن بين الحاجة إلى الرد على عملية أمس، وبين الحاجة للمحافظة على حالة الهدء في الضفة الغربية.
+ There are no comments
Add yours