نكشف جذور قضية حي الشيخ جراح ودور المحكمة الإسرائيلية العليا
تبعات التطبيع العربي علي الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
حوار: أبوبكر أبوالمجد
انتفض المقدسيون؛ بل الفلسطينيون نصرة لأسر فلسطينية تخطط شركة استيطان طردهم منازلهم بحي الشيخ جراح، عبر جسر المحكمة الإسرائيلية العليا التي قال عنها رجلنا في هذا الحوار، أنها أداة لتنفيذ أجندة الاحتلال وسياساته.
وها هي شوارع حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية تضج بالاضطرابات منذ أكثر من 10 أيام على التوالي، بين الفلسطينيين والمستوطنين وجنود الاحتلال، عقب تهديد القوات الإسرائيلية عددًا من العائلات المقدسية بإخلاء منازلها لصالح جمعيات استيطانية.
وعلى إثر هذه الأحداث، اختفت مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك، وصار سحورهم على الغاز المسيل للدموع وإفطارهم على قنابل الصوت!
وكان من المقرر أن تصدر المحكمة العليا الإسرائيلية الخميس الماضي قرارًا نهائيا بخصوص إجلاء 4 عائلات فلسطينية من الحي لصالح مستوطنين يدّعون ملكيتهم للأرض إلا أنها أعلنت عقد جلسة جديدة الاثنين القادم.
وأكدت العائلات الفلسطينية رفضها أي تسوية تتضمن نزع حقها في ملكية البيوت واعترافًا بحق المستوطنين فيها.
وحول هذه المواجهات والاضطرابات ورصدًا لما يجري في الداخل الفلسطيني، كان حوارنا مع محامي القدس أمام المحاكم الإسرائيلية، خالد رمضان زبارقة، وهو من مواليد قرية اللد (من أكبر وأقدم مدن فلسطين التاريخية، تقع اليوم في اللواء الأوسط الإسرائيلي)، عام 1972، متزوج وعنده أربعة أولاد.
يزاول مهنة المحاماة في المحاكم الإسرائيلية منذ العام 1999، حاصل اللقب الثاني في القانون (ماجستير) من جامعة الأمير.
ما هي جذور هذه القضية؟
وتعود جذور قضية حي الشيخ جراح إلى خمسينيات القرن الماضي، عندما قررت الحكومة الأردنية بالتعاون مع الأونروا توطين وبناء وحدات سكنية لـ28 عائلة لاجئة من أراضي عام 1948 بعد تهجيرهم قسرًا من الداخل المحتل وحدات سكنية مقابل التخلي عن حقوقهم كلاجئين.
وتعاقدت الأردن مع هذه العائلات على دفع إيجارات لـ3 أعوان لتصبح المنازل بعدها ملكًا لهم، وانتهت عقود الإيجار عام 1959 لتصبح هذه العائلات مالكة لهذه العقارات.
وبعد احتلال القدس عام 1967، وضم الجزء الشرقي تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي توجهت لجان يهودية لدائرة الأراضي عام 1972 وسجلت ملكيتها لهذه الأراضي البالغة 18 دونمًا.
وذكرت جماعة “السلام الآن” الإسرائيلية أن مستوطنين قدّموا دعاوي إخلاء منازل الفلسطينيين، مدعين أنهم اشتروا الأرض بشكل قانوني من منظمتين يهوديتين
وكانت وزارة الخارجية الأردنية قد أعلنت في 29 أبريل الماضي عن مصادقتها على 14 اتفاقية وتسليمها لأهالي حي الشيخ جراح في القدس الشرقية عبر وزارة الخارجية الفلسطينية، وهي وثائق جديدة تضاف إلى مجموعة من وثائق سابقة كانت قد سلمتها أيضا للجانب الفلسطيني، تدعم تثبيت حقوق أهالي الحي بأراضيهم وممتلكاتهم، وتوضح أنها تعهدت بموجب الاتفاقيات أن يتم تفويض وتسجيل ملكية الوحدات السكنية بأسمائهم، ولكن نتيجة لحرب 67 فإن عملية التفويض وتسجيل الملكية لم تتم.
وأشارت وزارة الخارجية الأردنية إلى أنها زودت في وقت سابق، الجانب الفلسطيني بكافة الوثائق المتوفرة لديها والتي يمكن أن تساعد المقدسيين على الحفاظ على حقوقهم كاملة، من عقود إيجار وكشوفات بأسماء المستفيدين ومراسلات، إضافة إلى نسخة من الاتفاقية عقدت مع الأونروا عام 1954.
وتتواصل الاحتجاجات في حي الشيخ جراح من أهالي الحي والمتضامنين منذ أكثر من 10 أيام، فيجتمع الجميع ويرددون الهتافات الوطنية والأغاني الشعبية.
ويتدخل الجنود في محاولة لتفريق الفلسطينيين باستخدام الخيالة وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والمياه العادمة، في نفس الوقت الذي يردد فيه المستوطنون هتافات عنصرية ضد العرب والفلسطينيين.
وسجلت هذه الأيام ارتفاعًا في عدد الإصابات بسبب المواجهات من حالات اختناق ورصاص مطاطي وضرب وقمع وتكسير، كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عددًا من الشبان المشاركين في الاحتجاجات.
لكن ثمة جذور أعمق لهذه القضية، وهي جذور عقائدية، فاليهود يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار، وهذه الأرض الفلسطينية ملكية لهم وفق معتقداتهم، وكذا المسيحيون يعتبرون هذه الأرض مرتبطة بأحداث آخر الزمان، أما نحن فنؤمن أن ديننا هو الدين الخاتم ودورنا أن نقود البشرية وننقذها من براثن الظلم والشر وعبادة الناس، وهذه الأرض المقدسة ستكون عاصمة الخلافة التي ستكون على منهاج النبوة في آخر الزمان، ولذا فهي جزء لا يتجزأ من عقيدتنا الإسلامية، وهي ليست قضية سياسية ولا جغرافية ولا حتى وطنية، بل هي عقيدة.
هل من تبعات لعمليات التطبيع العربية الأخيرة مع دولة الاحتلال على ما يجري اليوم؟
طبعا هناك تبعات لهرولة مجموعة من الدول العربية نحو التطبيع، أو يمكنك القول اتفاقيات الإذعان، التي وقعتها دول الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، إضافة لاتفاقيات سرية أو غير معلنة مع المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى، وأهم هذه التبعات، بدلًا من أن تكون هذه الاتفاقيات لمصلحة المسلمين والعرب والفلسطينيين، أصبحت هي التي تعطي الدعم والقوة والشرعية لإسرائيل لممارسة كل أعمالها القذرة في المسجد الأقصى المبارك والقدس، وما كان لها أن تفعل ما تفعل لولا أنها تعتقد أنها تملك القوة والشرعية، والاتفاق والموافقة من جميع الدول العربية، وعلى الأقل الدول المحيطة بنا، والمطبعة.
ما هو الدور الحقوقي والقانوني الذي تقومون به اليوم؟
على مستوى القضاء الإسرائيلي، فهو جزء لا يتجزأ عن الاحتلال الإسرائيلي، ولذا فنحن لا نعول عليه أصلًا، فهو أحد أفرع الاحتلال، ويقوم بواجبه في شرعنة الاحتلال، وتنفيذ سياساته وأجندته.
أما عن جهود القانون الدولي، والمحافل الدولية، فهي ضعيفة، لا ترقى لمواجهة المخطط الإسرائيلي والمشروع الصهيوني بكليته على مستوى العالم، والسلطة الفلسطينية مشهود ضعفها هي الأخرى، والأردن، بصفته الراعية للأماكن المقدسة في القدس، ضعيفة لا تملك أي قوة في مواجهة الصلف الإسرائيلي، وما يبقى سوى صمود المقدسيين الذين يدفعون ثمنًا باهظًا من أنفسهم ودمائهم وحرياتهم ومصالحهم وصحتهم ووجودهم، في سبيل الحفاظ على هوية القدس كهوية عربية إسلامية فلسطينية، والحفاظ على هوية المسجد الأقصى المبارك كمعلم ومكان مقدس حصري للمسلمين.
كل السياسات التي تابعناها خلال السنوات الأخيرة، تدلل فقط على هذا وتعطينا إشارة أنه لا أمل في الخلاص من هذا الاحتلال سوى بالصمود ثم الصمود ثم الصمود.
ما هي رؤيتك لمستقبل القضية الفلسطينية على المدى القصير والمتوسط؟
على مستوى القانون والمواثيق الدولية، والمجتمع الدولي، فأنا لا اعتقد أن هناك أرضية قوية لإقامة دولة فلسطينية وفق ما نريد، وأرى أن المشروع الصهيوني الصليبي العالمي لا يوجد فيه شيء اسمه دولة فلسطينية، فالمحرك لهذا المشروع عقيدة، ولا يوجد في معتقداتهم تنازلات لإقامة دولة فلسطينية، ولذا على المدى القصير والمتوسط لا أرى حدوث تغيير، وأهم نقطة في المعادلة الوجود البشري الفلسطيني والثبات، فالإجراءات التي يتم اتخاذها من قبل جنود الاحتلال ضد الفلسطينيين لا يكاد يشابهها مكان في العالم، ومع ذلك هناك صمود وثبات لا نظير له من الفلسطينيين، وهذا هو ما يعول عليه.
+ There are no comments
Add yours