حوار| وزير يمني سابق: أزمتنا أعقد بكثير من حلول «بايدن»

1 min read

آسيا اليوم – أجرى الحوار: علاء خميس

انفجار عدن يكشف حجم المعوقات التي تواجه الحكومة

أطماع إيران والإمارات تُنازع سيادة السلطة في اليمن

القوي اليمنية المخلصة قادرة على إرباك الحسابات الخارجية

الملف اليمني أعقد بكثير مما تتصوره إدارة «بايدن»

آسيا اليوم| «لا جديد يُذكر لا قديم يُعاد».. شعار ما زال يُخيم على الأزمة اليمنية التي دخلت عامها السادس دون حل أو انفراجة، في الوقت الذي ما زالت البلاد تُعاني من ويلات الحرب جراء انقلابين على السلطة الشرعية؛ أحدهما في الشمال والآخر بالجنوب.

وما يزيد من تعقيدات الأزمة اليمنية أنها باتت مُعلقة في حسابات مصالح إقليمية ودولية بعد أن تأكل دور السلطة الشرعية وأضحت غير قادرة على التحكم في توجيه بوصلة المشهد الداخلي.

«آسيا اليوم» حاولت أن تسلط الضوء على الأزمة بشكل أعمق، عقب تشكيل الحكومة الجديدة مع السياسي اليمني، وزير الصحة السابق، وعضو مجلس النواب الحالي، الدكتور «نجيب غانم»، وأجرت معه الحوار التالي:

○ بصفتك مسؤول سابق.. كيف ترى تشكيل الحكومة الجديدة، وهل قادرة على تحريك المياه الراكدة في الأزمة اليمنية؟

○○ بداية.. لقد جرى تشكيل الحكومة محاصصة بين فرقاء العمل السياسي وفق قاعدة تقسيم جهوي مناصفة في عدد الوزراء بين الشمال والجنوب بناء على ما نصت عليه اتفاقية الرياض بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا الذي يُنازع السلطة الشرعية صلاحياتها السيادية خاصة في بعض المحافظات الجنوبية المحررة.

وأرى أنه إذا تأمنت الإرادة السياسية والرغبة الحقيقية عند صناع القرار في السلطة الشرعية وقيادة دول التحالف لإنجاح عمل الحكومة؛ فلاشك ستنجح في مهامها المخولة لها دستوريًا على أن يتم وضع حد لكل من يُنازع الحكومة والسلطة الشرعية في صلاحياتها السيادية والدستورية.

لذلك فبإمكان الحكومة أن تنجح في مهامها خاصة إذا امتدت تلك الإرادات السياسية لصناع القرار في السلطة الشرعية ودول التحالف العربي – وأعني تحديدًا المملكة العربية السعودية والإمارات – بحيث يجتمع شمل مجلس النواب اليمني ليمارس صلاحياته المخولة له في الدستور النافذ في مجالي التشريع والرقابة على أداء الحكومة ومحاربة الفساد الذي تفشى في أجهزتها المختلفة خلال الست سنوات السابقة, علمًا بأن ما تبقى من الجهاز الإداري والفني للدولة ورثتها هذه الحكومة من حكومات سابقة ويعاني هو الأخر من بعض مظاهر الفساد المزمن المستشري فيه.

وما حدث يوم الأربعاء الماضي من عملية استهداف غادر وجبان لمطار عدن أثناء وصول الطائرة اليمنية التي كانت تقل أعضاء الحكومة وراح ضحيتها عشرات الأفراد بين قتيل وجريح هو دليل آخر على حجم التحديات والمعوقات وكذلك المخاطر التي تنتظر عمل هذه الحكومة وبالإمكان تصور صعوبة المرحلة القادمة لعمل الحكومة.

لكن يتولد انطباع أنه بالرغم من عدم تنفيذ الشق العسكري والأمني في اتفاقية الرياض والقاضي بأن تغادر المليشيات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي عدن إلى خارجها وأن يتم قدوم ألوية الحماية الرئاسية التابعة للسلطة الشرعية إلى عدن لحماية الحكومة والمرافق الحيوية التابعة للسلطة الشرعية بالرغم من كل ذلك أظهرت السعودية رغبة في إنجاح المشهد الحالي وهي لاشك مُحرجة غاية الإحراج خاصة في حادث استهداف مطار عدن بالأمس بالصواريخ في ظل غياب منظومة الباتريوت السعودية الغير مبرر لحماية أجواء عدن كما فعلت في السابق أثناء اجتماع مجلس النواب عام 2019 في مدينة «سيئون» بحضرموت حيث جرى استهداف مقر سكن أعضاء مجلس النواب بطائرات مسيرة وتم التصدي لها بالباتريوت التابع للقوات السعودية التي كانت مرابطة في مطار سيئون.

○ الرئيس عبد ربه منصور هادي، طالب الحكومة الجديدة بالتركيز على «عدن» وتحويلها إلى عاصمة لكل اليمنيين، فهل سقطت صنعاء من حسابات «الشرعية»؟


○○ طبيعي أن يطالب الرئيس هادي بذلك حيث المُؤمِّل لدى قطاعات واسعة من الشعب اليمني أن تغدو عدن عاصمة سياسية مؤقتة لكل اليمنيين يكون بمقدورها أن تحظى بقدر من الأمن والاستقرار والتنمية كي تستطيع الحكومة عبر مكاتبها الفنية من مزاولة مهامها التنفيذية منطلقة من عدن إلى كل المحافظات المحررة التي تتبع السلطة الشرعية, ويكون كذلك بمقدور البعثات الدبلوماسية والقنصليات أن تستأنف عملها من عدن, وتعود عجلة الاقتصاد والاستثمار من الدوران بفعالية في عدن وفي المدن والمحافظات المحررة المجاورة.

○ «الشرعية» لم تتعلم من دورس الماضي، حين تفاوضت مع الحوثيين وأبرمت معهم اتفاق «السلم والشراكة»، وعلى نفس الوتيرة؛ وقَّعت «اتفاق الرياض» مع «المجلس الانتقالي» الذي انقلب عليها أيضًا، بل رضخت لمطالبه وأشركته في الحكومة الجديدة، وهى تعلم أنه لن يتخلى عن هدفه الرئيسي «استقلال الجنوب».. إلى هذا الحد تأكل دور «هادي» وبات منصبه «حبر على ورق»؟


○○ تم التوقيع على اتفاقية السلم والشراكة مع الحوثيين في سياق لا يبتعد كثيرًا في تداعياته ولا تحدياته عن السياق الحالي الذي اكتنف التوقيع على اتفاقية الرياض، حيث مازال المهيمن في تقديرات وحسابات الدول الإقليمية والدولية التي شاركت بنسب متفاوتة في إنضاج الظروف التي أوصلت شركاء العمل السياسي باليمن إلى تلك السياقات والاتفاقات, حيث مازال لديها هاجسا حتى اليوم من أن تمتلك القوى الوطنية والمخلصة بمختلف مشاربها زمام المبادرة لصالح تحرير القرار اليمني ليكون قرارًا خالصا تمليه مصالح الشعب العليا، وليكن واضحا أن السلطة الشرعية في اليمن بالرغم من إظهارها الوهن والضعف وكان بإمكان القائمين عليها أن يبدون بوضع أفضل مما هم عليه ولكن بالرغم من ذلك كله إلا أن الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن البال أنها ليست فقط أمام مليشيات عسكرية تنازعها سلطاتها السيادية على الأرض اليمنية فحسب ولكنها أمام دول لها أطماع في الأرض وفي الممرات البحرية الاستراتيجية وفي الجزر والموانىء والثروات الطبيعية في اليمن مثل إيران والإمارات فلا معنى للمليشيات الحوثية بدون إيران ولا معنى للمليشيات الانتقالية الجنوبية بدون الإمارات.

باختصار السلطة الشرعية اليمنية أمام دول إقليمية لها مصالح غير مشروعة تتقاطع بشكل تصادمي وحاد مع مصالح الشعب اليمني, حيث وضعت تلك الدول يد مليشياتها على مواقع ومرافق يمينة حيوية وحساسة بالانقلابات وقوة السلاح وتريد أن تشرعن هذه الانقلابات عبر اتفاقات بحيث تغدو مشروعة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي, وللأسف الشديد تقف قوى إقليمية ودولية ممالئة لشرعنة الانقلابات المليشياوية على السلطة الشرعية في اليمن التي هي انعكاس لإرادة الغالبية العظمى من الشعب اليمني وفي أضعف الايمان بالإمكان اعتبار تلك القوى متفرجة إزاء هذا المشهد الدامي في اليمن الذي يستهدف مصادرة مصالح الشعب اليمني حاضر ومستقبلا.

فما يجري في اليمن هو في الحقيقة صراع إرادات بين القوى الوطنية التي تعمل تحت مظلة السلطة الشرعية وبين قوى إقليمية تعمل لصالح قوى دولية لها أطماع في الأرض والثروات اليمنية والممرات والموانىء والجزر الاستراتيجية.

○ التحالف العربي (السعودي – الإماراتي)، تشكل لهدف واحد، وهو إنهاء انقلاب الحوثي وإعادة الشرعية، فلماذا فشل في تحقيق ذلك، وما هو تقييمك لدوره العسكري والسياسي حتى الآن؟


○○ بدا واضحًا أنه لابد من التفريق بين دور المملكة العربية السعودية ودور الامارات العربية المتحدة في إطار قوات التحالف العربي, حيث السعودية ما زالت تتحمل العبء الأكبر في ذلك, ولكن الذي يدعو للدهشة هو عدم وضوح حسابات المملكة وموقفها من حسم المشهد الدامي في اليمن لصالح عودة السلطة الشرعية إلى صنعاء بعد دحر الانقلاب الحوثي على الأرض, ما زال لدى السعودية هاجسًا من أن تفقد زمام المبادرة في إدارة دفة المشهد اليمني خاصة في مآلاته المستقبلية حيث المليشيات الحوثية ليست بالقوة التي قد يتصور البعض حيث كما لو كان عدم القدرة على إرغامها للإذعان لمتطلبات الحل السياسي وذلك من خلال التمكين للجيش الوطني وللمقاومة الشعبية من حسم المشهد لصالح السلام الدائم في اليمن.

أما الإمارات ففي الوقت التي أعلنت انسحابها من اليمن بناء على حسابات ومصالح خاصة بينها وبين إيران إلا أنها لم تنسحب فعلًا بل أضافت انقلابًا آخر على السلطة الشرعية من خلال إنشائها لمليشيات مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تنازع السلطة الشرعية في بعض المدن والمحافظات الجنوبية سلطتها وسيادتها وتحتل موانىء ومطارات عدن والمكلا وميناء بلحاف والمخا وبعض الجزر اليمنية المهمة منها ميون وأرخبيل حنيش على مدخل البحر الأحمر وسقطرى المطلة على بحر العرب وخليج عدن من جهة وعلى المحيط الهندي من جهة أخرى, وغيرها من الواجهات البحرية والممرات الحيوية المهمة وكذلك أعلنت الإمارات الحرب على التجمع اليمني للإصلاح وطالت عناصرها المرتزقة المستأجرة من خارج اليمن عناصر الإصلاح وغيرهم بالاغتيالات وكذلك بالتغييب والسجن القسري والتعذيب للكثير من العناصر الإصلاحية والسلفية وغيرها خاصة الذين تعتقد الإمارات أنهم لا يوافقوا على تمرير أطماعها في تلك المناطق الحيوية الجنوبية.

○ هل تشهد الأزمة اليمنية تطورات جديدة مع تولى الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الديمقراطي «جو بايدن»؟


○○ الإدارة الأمريكية الجديدة أعلنت أنها بصدد العمل على إنهاء الحرب في اليمن، لكننا نقول لها أنّه يسعدنا أن تنتهي الحرب وإراقة الدماء اليمنية، وفي أسرع وقت ممكن؛ لكن بشرط تأمين سلام دائم تُحترم فيه إرادة الغالبية العظمى من الشعب اليمني ولا يتم فرض سلام الإذعان لشرعنة حكم المليشيات الانقلابية على السلطة الشرعية سواء في المحافظات الجنوبية أو الشمالية، ولا تكون لإيران او الإمارات أو أي دولة يد في سلطة القرار اليمني.

ويُعني ذلك أنه لا معنى للسلام في ظل مليشيات خارجة على السلطة الشرعية تنازعها سلطاتها السيادية على الأرض اليمنية ولأن ذلك لن يكون سوى بمثابة ترحيل الصراعات اليمنية –اليمنية، ستكتشف إدارة «بايدن» أن الحقائق على الأرض اليمنية وفي الملف والمشهد اليمني أعقد بكثير ممّا تتصوره وهناك تباينات حادة في مشاريع أصحاب السلطة الانقلابية وأصحاب السلطة الشرعية داخل الساحة اليمنية وكذا في تقاطعات كبيرة حد كسر العظام في المصالح وفي المواقف الكثيرة لبعض الدول على المستوى الإقليمي والدولي.

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours