حالة من الترقب تلك التي تسود الشارع في جنوب السودان حاليا، وهو ترقب ممزوج بارتياح عام وآمال كبيرة معقودة على حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية، التي أعلن رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، تشكيلها الخميس الماضي، في إطار تنفيذ اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والمعارضة المسلحة، في 17 أغسطس/ آب الماضي.
تشكيل الحكومة الانتقالية، جاء بعد عودة زعيم المعارضة المسلحة “ريك مشار تينج”، وأدائه القسم نائبًا لرئيس جنوب السودان، مؤخرا، بالعاصمة جوبا.
وبموجب اتفاقية السلام، فإن الحكومة الانتقالية تتكون من ثلاثين مقعدًا، 16 منها من نصيب الحكومة الحالية برئاسة سلفاكير، و10 مقاعد للمعارضة، بينما حصلت مجموعة الأحزاب السياسية الأخرى على مقعدين، بجانب مقعدين آخرين لمجموعة المعتقلين السياسيين السابقين.
“البينو بول”، رئيس الاتحاد الوطني للشباب في جنوب السودان (مؤسسة حكومية)، قال إن تشكيل الحكومة الانتقالية سيعمل علي استقرار الأوضاع في البلاد.
وأضاف لوكالة الأناضول: “سندعم كشباب الحكومة الانتقالية وسنتعاون مع جميع الأطراف من أجل تنفيذ بنود الاتفاقية وتنزيلها لأرض الواقع”.
ووفق اتفاقية السلام، فإن الحكومة الانتقالية ستتكفل بمهام تأسيس مؤسسات الفترة الانتقالية، وفق صلاحيات دستورية مفصلة للرئيس ونائبيه خلال 30 شهرا، تنتهي بالإعداد لإجراء انتخابات عامة في جنوب السودان، بمراقبة دولية وإقليمية.
وأدت الحرب التي شهدتها جنوب السودان خلال العامين الماضيين إلي تشريد مايزيد عن 4 ملايين من المواطنين الذين هجروا مناطقهم الأصلية في منطقة أعالي النيل (شمال شرق)، وولاية الوحدة (شمال غرب)، حيث لجأ معظمهم إلى دول الجوار في السودان، كينيا، أوغندا، وإثيوبيا، بينما نزح أكثر من 30 ألف مواطن إلى معسكرات حماية المدنيين المنتشرة في العاصمة جوبا وعدة مدن.
ومتماشيا مع الرأس السابق، اعتبر الفريق الطاهر بيور، رئيس المجلس الإسلامي لجنوب السودان (هيئة خاضة بالمسلمين)، أن “اتفاق السلام الأخير يعتبر هبة من الله سبحانه وتعالي لشعب جنوب السودان الذي يجب أن يحافظ عليه من أجل أن تنعم البلاد بالأمن والاستقرار”.
وتابع في حديثه للأناضول: “هذا السلام هو هبة من الله، ونناشد جميع الأطراف في حكومة الوحدة الوطنية بتشجيع روح التسامح والغفران والعمل بصدق لتنفيذ بنوده وإنزالها إلي أرض الواقع”.
من جهته قال المدير التنفيذي لمنظمة “تمكين المجتمع من أجل التنيمية” (رسمية)، للأناضول، إن نجاح الحكومة الانتقالية يتوقف علي بناء الثقة بين الوزراء و العمل كمجموعة واحدة.
وأشار إلى أن “عدم التعاون وغياب الثقة سيؤدي إلي فشل الحكومة، كما أن نجاح الفترة الانتقالية يعتمد بنسبة كبيرة علي قوة البرلمان الانتقالي القومي”.
وبعيدا عن المطالب السياسية، ينتظر المواطنون في جنوب السودان، أن تتفرغ الحكومة الانتقالية للقضايا المعيشية في ظل الغلاء الكبير في الاسعار، وندرة المواد الغذائية، على الرغم من أن معظم حصة سلفاكير في الحكومة الانتقالية من الوجوه القديمة التي كانت في حكومته.
وفي هذا الإطار، قال إبراهام مديت، مواطن يقيم في العاصمة جوبا، للأناضول: “سعدنا جدا بتكوين الحكومة الانتقالية وشعرنا بالارتياح، نريد أن نري آثار الحكومة في خفض أسعار البضائع وتوفير المواد الغذائية.
يشار إلى أن الحكومة الانتقالية لاقت ترحيبا كبيرا من العديد من الدول، وكذلك من الأمم المتحدة، والجهات الدولية الراعية لعملية السلام في جنوب السودان، باعتبارها بداية فعلية لمرحلة سياسية جديدة في البلاد، تمثل نهاية للاقتتال والعمل من أجل شعب جنوب السودان، وأداة لتحسين الوضع الاقتصادي المتدهور.
وكان “مشار”، نائباً لـ”سلفاكير”، لكن خلافاً اندلع بينهما، غادر على إثره الأول العاصمة جوبا في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2013، متوجهًا إلى إثيوبيا ومناطق وجود قواته في ولاية أعالي النيل شمال شرقي جنوب السودان، وقاد من هناك حرباً ضد الحكومة، تسببت بمقتل الآلاف ونزوح أكثر من مليوني شخص من منازلهم، قبل أن يعود من أجل تنفيذ اتفاقية السلام.
+ There are no comments
Add yours