ترجمة: أبوبكر أبوالمجد
تواجه أوروبا وفي قلبها الاتحاد الأوروبي أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير (هي أزمة اقتصادية حدثت في عام 1929م ومرورًا بعقد الثلاثينيات وبداية عقد الأربعينيات، وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، وقد بدأت الأزمة بالولايات المتحدة الأمريكية).
والمؤسف أن تواجه أوروبا خطورة تفاقم هذه الأزمة بسبب إعادة فتح الجروح السياسية والقانونية القديمة التي يمكن أن تهدد تريليونات اليوروهات التحفيزية للاقتصاد.
وهذا ما نشرته شبكة سي إن إن في تقرير مطول لها، حيث حذرت المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء من أن اقتصاد الاتحاد الأوروبي سينكمش بنسبة قياسية تبلغ 7.5٪ هذا العام، وقد يكون الانخفاض أكثر سرعة في البلدان التسعة عشر التي تستخدم اليورو.
وذكر التقرير أن هذا التراجع سيكون أكثر حدة مما عانت منه المنطقة في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008 ، وتوقعات أكثر تشاؤما من توقعات صندوق النقد الدولي التي نشرها قبل ثلاثة أسابيع.
ومن المتوقع أن تنخفض أسعار المستهلكين بشكل كبير، في حين أن الإنفاق على تدابير تخفيف أثر الفيروسات التاجية سيدفع عجز الحكومات الأوروبية من 0.6 ٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى حوالي 8.5 ٪ هذا العام.
وتتوقع المفوضية أن ترتفع البطالة في الاتحاد الأوروبي من 6.7٪ في 2019 إلى 9٪ هذا العام.
و”تشهد أوروبا أزمة اقتصادية هي الأكبر منذ الكساد الكبير، ولن يستطيع الانتعاش الاقتصادي المتوقع تعويض آثار مستوى الركود، لكون مستوى الانتعاش مشروط بالسرعة التي يمكن بها رفع القيود على أوجه الاقتصاد المختلفة وأهمها الخدمات السياحة.
ومن جانبه، قال مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي باولو جنتيلوني في بيان، يمكن أن يكون الألم أسوأ مما كان متوقعًا، وفقًا لمسؤولين في الاتحاد الأوروبي، الذين حذروا من أن “جائحة أشد وطويلة الأمد مما هو متوقع حاليًا يمكن أن تتسبب في انخفاض أكبر بكثير في الناتج المحلي الإجمالي مما هو متوقع”.
وقال إن المطلوب هو “استراتيجية انتعاش مشتركة قوية وفي الوقت المناسب” على مستوى الاتحاد الأوروبي لتجنب “التشوهات الشديدة” داخل التكتل التجاري الضخم.
وعلى الرغم من الاتفاق الواسع النطاق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن الحاجة إلى الإغاثة العاجلة، إلا أنه من المرجح أن تؤخر الانقسامات القديمة تنفيذ جهود الانعاش الرئيسية. ويمكن لقرار قانوني تاريخي في وقت سابق من هذا الأسبوع في ألمانيا أن يعيق قدرة البنك المركزي الأوروبي على استخدام إحدى أدوات التحفيز الرئيسية.
كيف ومتى؟
ووافق قادة الاتحاد الأوروبي على إجراءات الإنقاذ الفوري بقيمة لا تقل عن 500 مليار يورو (538 مليار دولار) وضعها وزراء المالية. تتضمن هذه الحزمة إعانات الأجور التي تهدف إلى منع تسريح العمال الجماعي ، وكذلك القروض للشركات.
لكن الانقسامات العميقة بين الدول الأعضاء منعت مسؤولي الاتحاد الأوروبي من إحراز تقدم سريع في صندوق أكبر للتعافي، حيث تأمل المفوضية الأوروبية في جمع ما لا يقل عن تريليون يورو (1.1 تريليون دولار) لإعادة بناء الاقتصادات الإقليمية التي دمرها الوباء.
وفي سياق متصل، دعا تشارلز ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي للقادة الوطنيين في الاتحاد الأوروبي، إلى تفعيل الحزمة بحلول الأول من يونيو؛ لكن المفوضية فشلت هذا الأسبوع في وضع اللمسات الأخيرة على اقتراحها بشأن التدابير التي سيتم تضمينها في الصندوق، مما يعني أسبوعًا آخر على الأقل من تأخير. ومن غير المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي مرة أخرى قبل 18 يونيو المقبل.
ولا تزال هناك خلافات حول كيفية عمل الصندوق، ولا سيما ما إذا كان ينبغي عليه تقديم قروض أو منح للدول الأكثر تضررًا مثل إيطاليا وإسبانيا.
(المنح، أو التحويلات المالية المباشرة، تعني ضمنًا درجة من تقاسم الديون التي قاومتها دول مثل هولندا والنمسا وألمانيا منذ فترة طويلة).
القضاة الألمان والبنك المركزي الأوروبي
أصدرت أعلى محكمة ألمانية قرارًا يوم الثلاثاء يمكن أن يمنع البنك المركزي الألماني من شراء السندات كجزء من برنامج التحفيز الرئيسي للبنك المركزي الأوروبي، والذي يسبق أزمة الفيروس التاجي كورونا المستجد.
ولدى البنك المركزي الأوروبي الآن ثلاثة أشهر لتبرير البرنامج، في حين أن القرار لا يؤثر بشكل مباشر على خطة البنك المركزي الأوروبي لشراء 750 مليار يورو (810 مليار دولار) من السندات الحكومية والأصول الأخرى استجابة للوباء؛ لكنه قد يعوق قدرته على توسيع هذه الإجراءات، والتي ساعدت على ربط الاقتصادات التي تستخدم اليورو، ويشعر الاقتصاديون بالقلق من الآثار المترتبة على هذه الخطة على المدى الطويل.
“إذا قام البنك المركزي الأوروبي بتقييد عمليات شراء الأصول الخاصة به نتيجة للحدود التي أكدت عليها المحكمة الألمانية، أو إذا كان الخروج القسري للبوندس بنك من عمليات شراء الأصول هذه في غضون ثلاثة أشهر، سيؤدي ذلك إلى اضطراب مالي، وستكون النتيجة بحسب ما قاله كبير الاقتصاديين في بيرنبرغ هولغر شميدينج “قد يكون الركود أطول وأعمق في ألمانيا ومنطقة اليورو ككل”.
ورد البنك المركزي الأوروبي على المحكمة الدستورية الألمانية في بيان موجز يوم الثلاثاء، مشيرًا إلى أن محكمة العدل الأوروبية قد أكدت بالفعل أن جهودها التحفيزية قانونية، والسلطات الآن في مسار متصادم.
وقال كيت جوكز محلل سوسيتيه جنرال “إن محكمتين من أعلى المحاكم في أوروبا تتجادلان حول شرعية شراء السندات في وسط جائحة تسببت في انتشار عدم اليقين في سوق لا تحتاج إليه ولا تفعل شيئًا لتعزيز الثقة”.
كما يمكن أن يحفز القرار المزيد من التحديات القانونية للبرامج التي ينفذها البنك المركزي، بما في ذلك شراء السندات المتعلقة بالوباء. وهذا بدوره سيضع المزيد من الضغط على الدول الأعضاء المتصدعة في الاتحاد الأوروبي للاتفاق على حزمة مذهلة من الإجراءات المالية.
وقال محللون في BofA Global Research ، “لا يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يكون اللعبة الوحيدة في المدينة إلى الأبد، ويجب على الحكومات أن تتقدم”.
+ There are no comments
Add yours