تمديد خفض الإنتاج في ظل تحالف سعودي – روسي

1 min read

وليد خدوري كاتب عراقي متخصص في شؤون الطاقة

تبنّت «أوبك» وحلفاؤها من الدول المنتجة غير الأعضاء في المنظمة وتحديداً روسيا، حلاً وسط لخفض إنتاج 2018 لتقليص فائض المخزون العالمي الضاغط على الأسعار.

ينتهي الاتفاق الحالي لخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يومياً من جانب 24 دولة «أوبك» وحلفائها، نهاية آذار (مارس) 2018. وطُرحت أسئلة كثيرة وبرزت معلومات متناقضة ومصالح مختلفة، عند محاولة تمديده حتى نهاية 2018، ما جعل من الصعب اتخاذ قرار استمرار الخفض حتى نهاية العام المقبل حتى اللحظة الأخيرة.

يكمن سبب الصعوبات في عدم دقة المعلومات حول إمكان زيادة الإنتاج من الدول غير المشاركة في الاتفاق. إذ يُتوقع أن يؤدي ارتفاع الأسعار في حال استمرار الخفض على مدى العام المقبل، إلى زيادة في الإنتاج الأميركي وتحديداً النفط الصخري.

لكن ما هي الطاقة الإنتاجية الإضافية المتوافرة للنفط الصخري الأمريكي؟ لا جواب واضحاً عن هذا السؤال، وتختلف الإجابات عنه. إذ تتراوح الأرقام بين زيادة 500 ألف و1.7 مليون برميل يومياً.

وهذا يعني تأثيرات متباينة في الأسعار، نظراً إلى الفجوة بين الرقمين المحتملين. وتوجد الطاقة الإنتاجية المتوافرة في ليبيا ونيجيريا، وهما عضوان في «أوبك»، إذ استُثنيا من الخفض حتى الآن، نظراً إلى الأوضاع المضطربة لديهما.

لكن تقرر ضمهما إلى اتفاق التمديد مع سقف إنتاج لكل منهما يعادل ذلك التقديري لهذه السنة، أي نحو 2.8 مليون برميل يومياً، منها 1.8 لنيجيريا ومليون برميل لليبيا. ويُستبعد أن يزيد إنتاج البلدين عن هذه المعدلات، وستضطلع الأوضاع الأمنية في الدولتين بدور مهم في معدلات الإنتاج.

وإلى التفاوت في المعلومات، توجد مصالح مختلفة بين الدول المنتجة الكبرى روسيا والسعودية، نظراً إلى التباين في هيكلية اقتصادهما. فروسيا مثلاً، تحاول مراعاة خطط شركاتها النفطية المتعددة خصوصاً «روزنفت»، التي تنتج 40 في المئة من النفط الروسي، والمقربة جداً من الكرملين.

والتزمت «روزنفت» برامج إنتاج طموحة وباهظة التكاليف في دول كثيرة خلال السنوات الماضية، ما يعني أنها تحتاج إلى تنفيذ التزاماتها والإنتاج من حقولها المطورة حديثاً.

ويتضح أيضاً أن سعر 60 دولاراً البرميل خلق توازناً واستقراراً في الموازنة السنوية، إذ أعلن وزير الاقتصاد الروسي، أن «خفض الإنتاج لمدة تسعة شهور إضافية في 2018، غير مفيد للاقتصاد الروسي».

ويبرز تخوف من أن سعراً أعلى، مثل 70 دولاراً، قد يزيد قيمة الروبل، ما يؤثر سلباً في الصادرات. تنبع المخاوف الروسية من زيادة معدل النفط الصخري الأمريكي في ضوء ارتفاع الأسعار. لكن رغم هذه المخاوف، وافقت روسيا على الخفض لعام 2018.

من جانبها، تُبدي أقطار المنظمة ارتياحها لارتفاع سعر البرميل إلى 65 و70 دولاراً، لأن الريع النفطي يشكل الدخل المالي الرئيس لهذه الدول. كما أدى ارتفاع الأسعار إلى تفادي العجز في موازنات سنوية كثيرة، في وقت تواصل دول في المنظمة استثمار بلايين الدولارات سنوياً لتطوير طاقتها الإنتاجية.

أما شركة «أرامكو السعودية» فهي في صدد طرح جزء من أسهمها في الأسواق خلال النصف الثاني من 2018، ما يجعلها تستفيد من أسعار أعلى لدى التقويم. وهيمنت التباينات في المصالح والمعلومات على اجتماعات كل من المجلس الوزاري لمنظمة «أوبك» واجتماعات وزراء المنظمة مع الدول غير الأعضاء في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) في فيينا.

لكن كانت سبقت هذه الاجتماعات خلال الأسابيع الماضية، سلسلة من الاستشارات بين وزراء وخبراء المجموعتين للتوصل إلى تسويات مرضية للأطراف المعنيين.
وطُرحت بدائل أهمها اثنان رئيسان، هما اقتراح الكويت وروسيا تأجيل اتخاذ قرار الخفض في اجتماع الأسبوع الماضي إلى حين عقد اجتماع استثنائي في شباط (فبراير) أو آذار (مارس) 2018، قبيل انتهاء مدة القرار الحالي، لمراجعة موازين العرض والطلب في الربع الأول من 2018.

والبديل الثاني، الذي أيّدته السعودية هو الذي حصل على الموافقة النهائية الأسبوع الماضي، ويقضي بالموافقة على الاستمرار في خفض 1.8 مليون برميل يومياً حتى نهاية 2018 ، مع انتهاز فرصة اجتماع المجلس الوزاري للمنظمة في حزيران (يونيو) المقبل، لمراجعة تطورات الأسواق خلال النصف الأول من السنة، كما هو معتاد، واتخاذ ما يتوجب من خطوات في حال الضرورة.

تكمن خلفية اتخاذ قرارات «أوبك» خلال المرحلة الحالية في العلاقات البترولية الوثيقة بين الرياض وموسكو، والتي تنطلق من الاتفاق السعودي- الروسي الذي وقعه وزيرا الطاقة في الدولتين خالد الفالح وألكسندر نوفاك على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة خوانجو الصينية في أيلول 2016، حيث أعلنا اتفاقهما على العمل لتحقيق استقرار الأسعار وتعزيز التعاون في قطاع النفط والغاز. ويُتوقع استمرار توثيق هذه العلاقات في المستقبل، نظراً إلى التحدّي الذي يشكله النفط الصخري الأمريكي على الأسواق.

ويُذكر أن الدولتين اتفقتا أيضاً في «خوانجو» على التعاون في المجال البترولي الصناعي، الذي يشمل إمكان استيراد الغاز المسال الروسي إلى المنطقة الغربية في السعودية.

وتوقعت الأسواق قبيل الاجتماع اتفاقاً يمتد على مدى عام 2018، من دون مراجعة أخرى لإنهائه. وانعكست هذه التوقعات على ارتفاع الأسعار أخيراً، وفي شكل مفاجئ من نطاق 55- 60 دولاراً إلى نطاق 60- 65 دولاراً لبرميل «برنت».

لقد ترك نجاح تجربة التعاون بين «أوبك» والدول المنتجة غير الأعضاء، خصوصاً روسيا، التفكير لدى المنظمة على توفير إطار مؤسساتي للتعاون مع الدول المنتجة غير الأعضاء. إن المحك النهائي في نجاح هذه التجربة هو تنفيذ التعهدات، كما حصل طوال هذه السنة، إذ انخفض فائض المخزون إلى النصف، من 280 مليون برميل في أيار (مايو) الماضي، إلى 140 مليون برميل في تشرين الأول الماضي.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours