“تقبل الآخر” يجعل الصوفية عدوًا لداعش والقاعدة وباقي المتشددين

1 min read


تعكس التقاليد الصوفية اختلافًا شاسعًا عن التقاليد الإسلامية بشكل عام، بالمقارنة مع حركات السلف الإسلامية مثل الوهابيين والسلفيين.

يستهدف السلفيون الجهاديون من تنظيمي داعش والقاعدة، أتباع الطرق الصوفية باعتبارهم “مبتدعين” لطرق عبادة مخالفة لتعاليم الإسلام، فضلا عن اتهامهم بأنهم دخلوا في خانة “الشرك”.


واستهدفت هذه التنظيمات، مجموعة متنوعة من مواقع أولياء الصوفية أو “مقامات الصالحين”، التي يتجمع فيها أتباع الطرق الصوفية للعبادة.

ومع ذلك فإن مثل هذه الممارسات لا تتفق مع الإيديولوجيات الإسلامية المتعصبة للجماعات المتطرفة مثل تنظيمي داعش والقاعدة.

من هم المتصوفة؟

يأتي أصل كلمة “الصوفية” من التعبير العربي الصوف أو الكافي، وترجع إلى الملابس الصوفية التي يرتديها الزاهدون في غرب آسيا القديمة، وتشير إلى العامل المشترك بين جماعة الصوفية وحالة التقشف.

وعادة ما ينظر المسلمون إلى هذا التقشف، كمبدأ نابع من التقوى الصادقة التي تدفع بالصوفية في علاقة شخصية وثيقة مع الله عز وجل، بصورة مشابهة لجوانب من حياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

تقديس الصوفية

يتم تدريب العديد من الطلاب على “الطرق” الصوفية بعناية، وبعض الصوفيين يكتسبون سمعة التبصر وإحراز المعجزات، ويتم اعتبارهم كنوع من المرشدين والمعالجين في مجتمعاتهم، في حين ترتبط بعض هذه المعجزات بهم إما أثناء حياتهم أو بعد موتهم.

وعند وفاة أحد المتصوفين، تصبح أضرحتهم وجهة شعبية شائعة لاستجلاب “البركة” وهو مصطلح ديني مرتبط بـ”النعمة” و”الوفرة” و”الراحة” و”الصحة”.

ويعتبر بعض المتعبدين بأن هذه “البركة” تعزز صلواتهم وأدعيتهم، بينما يرى آخرون بأنها معجزة بسبب الطاقة الروحية التي يمكن اكتسابها بالتقرب من الضريح.

وبالنسبة للمتعبدين، فإن الصلاة عند أماكن القبور التي أصبحت أضرحة، توليهم اهتماماً خاصاً بمقدار الحسنات وتقارب بين المصلي وربه.

 ومع ذلك، فإن بعض المتعبدين والمصلين يتجاوزون ويذهبون أبعد من ذلك، ويصلون من  أجل وساطة شخصية للولي المتصوف المتوفّى.

الاعتراض على الصوفية

تعترض بعض الجماعات الأصولية مثل داعش على المتصوفة بطريقة عنيفة لسببين، الأول أن بعض الصوفية  كما يتضح من رابعة العدوية، تهزأ عمداً بالممارسات الإسلامية لأقرانهم، مما يدفع بالكثيرين في مجتمعاتهم للتنديد بآرائهم وممارساتهم غير التقليدية.

أما السبب الثاني، فهو نظر العديد من المسلمين وليس فقط الذين يستخدمون الأسلحة في فرض نظرتهم للشريعة، بأن التقرب  للأضرحة ينطوي على الخرافات والوثنية، ويثير تقديس القبور بين المسلمين وغير المسلمين الكثير من المحافظين.

فعندما تتنامى سمعة القدرات الخارقة عند قبر أحد الأولياء الصوفية، فهذا يدفع بعدد متزايد من الناس للتمسح والحصول على “البركة”، وغالباً ما تصبح المقابر مكان تجمع حتى لأناس من ديانات أخرى.

بيد أن الجماعات الإسلامية مثل طالبان ترفض زيارة الأضرحة، ناهيك عن الرقص والغناء وتعتبرها تصرفات غير إسلامية، لهذا السبب اغتيلت مغنية القوالي الباكستانية الشهيرة أمجاد صبري على يدهم، ففي رأيهم أن تعبد الصوفية يعتبر من الشرك.

نجاح التقاليد الصوفية

تعكس التقاليد الصوفية اختلافا شاسعا عن التقاليد الإسلامية بشكل عام، بالمقارنة مع حركات السلف الإسلامية مثل الوهابيين والسلفيين.

وعمل الكثير من المسلمين للدفاع عن التقاليد الصوفية مثل أضرحة الأولياء، ويعتبرونها بفخر جزءًا لا يتجزأ من المجتمعات المسلمة، ليس فقط في جنوب آسيا بل في جميع أنحاء العالم، وبالنسبة للكثيرين، فإن هذه المواقع تقدم تعبيراً إسلامياً لما يعنيه حب الله عز وجل.

ومن الناحية التاريخية فإن الصوفية نجحت في مناطق كثيرة من العالم، عبر التكيف مع النظريات الإسلامية والممارسات التقليدية المحلية لغير المسلمين، لهذا السبب فإن التقاليد الصوفية دفعت بالأغلبية لاعتناق الإسلام في جنوب آسيا.


ويتعلق الأمر بالتوسع العالمي لجماعات السلف الإسلامية في القرن الماضي التي تحث على التطابق المطلق بين المسلمين، وحتى ذلك الحين فإن قبول أغلبية المسلمين لمثل هذه الممارسات الإسلامية متباين جداً.

ونظرًا لشعبية الصوفية، فليس من المستغرب أن يعترض تنظيم داعش، على هذه النماذج من التعددية الإسلامية، التي تتعارض مع مبادئه الرئيسية في إنهاء وجود الآخر، لمجرد أنه لا يتبع أسلوبهم في الدين والدنيا. بحسب تقرير لمجلة “نيوز ويك” الأمريكية.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours