أبوبكر أبوالمجد
دخل الإغلاق الجزئى للحكومة الأمريكية يومه الثاني والعشرين، ليضرب الرقم القياسي للإغلاق الحكومي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان أطول إغلاق للإدارات الفيدرالية في الحكومة الأمريكية قد حدث في عهد الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون، واستمر 21 يومًا.
كذلك أغلقت الحكومة الأمريكية 18 يومًا إبان حكم جيمي كارتر عام 1978، وأغلقت الحكومة 16 يومًا خلال حكم باراك أوباما في 2013.
ويأتي هذا الإغلاق بسبب الخلاف الكبير بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والديمقراطيين في الكونغرس بشأن تمويل الجدار الحدودي العازل الذي ينتوي بناءه مع المكسيك.
وحال انتقال هذا النزاع إلى المحكمة وفق ما هو متوقع، فإن ذلك سيتيح إعادة فتح مؤسسات الحكومة المغلقة بالكامل بينما يجرى نظر القضية وهو ما قد يستغرق شهورًا.
الإغلاق الثالث
ويعد هذا الإغلاق هو الثالث الذي يحدث منذ تولي ترامب إدارة البلاد، إذ أُغلقت الحكومة ثلاثة أيام في يناير الماضي، ثم أغلقت بضع ساعات في فبراير 2017، وتعطل العمل في بعض الإدارات الفيدرالية في الولايات المتحدة، في وقت مبكر من السبت الموافق 22 ديسمبر الماضي وحتى اليوم السبت 12 يناير الجاري، بعد إرجاء الكونجرس مداولاته بشأن مشروع قانون الاتفاق وتلبية طلب ترامب بتخصيص 5 مليارات دولار لبناء جدار على الحدود الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، والذي تعهد ببنائه خلال حملته الانتخابية، وهو ما يرفضه الديمقراطيون.
معنى الإغلاق الجزئي
الاغلاق الجزئي للحكومة هو توقف عمليات العديد من الوكالات الأساسية بالولايات المتحدة الأمريكية، ويؤثر هذا الإغلاق على حوالي 800 ألف موظف فيدرالي ويحولهم إلى عاطلين عن العمل أو العمل بدون أجر.
وكان المشرعون الأمريكيون قد وافقوا على حوالي 75% من الإنفاق التقديري للسنة المالية، التي بدأت في مطلع أكتوبر الماضي، ووقع عليها ترامب، مع ذلك، من الممكن أن يؤثر النزاع على تسع من بين 15 إدارة بالإضافة إلى عشرات الوكالات، من ضمنها وزارة الأمن الوطني والنقل، والداخلية، والخارجية، والزراعة، والعدل، بالإضافة إلى المتنزهات الوطنية والغابات.
وقد حصلت العديد من الوكالات الحكومية على التمويل بالفعل، بما في ذلك وزارة الدفاع (البنتاجون) وإدارات شؤون المحاربين القدامى والصحة والخدمات الإنسانية، وسيواصلون عملهم كالمعتاد، بغض النظر عما إذا كان الرئيس والكونجرس سيتوصلان إلى اتفاق أم لا.
ولن يؤثر الإغلاق الجزئي للحكومة على وضع القوات التي ستبقى في مواقعها وتؤدي مهامها بشكل طبيعي، كما يحصل الأطباء والمستشفيات على تعويضات.
ولن يتوقف عمل الوكالات الحكومية الأمريكية الأساسية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وحرس الحدود وخفر السواحل، وموظفي الجمارك والحدود لكن مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين سيجبرون على ترك أعمالهم، وفقًا لوكالة أسوشيتيد بر الإخبارية.
ونقلت الوكالة عن تقرير الديمقراطيين في لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ، أن أكثر من 420 ألف موظف فيدرالي لن يتوقفوا عن العمل ولكنهم لن يتقاضوا رواتبهم أثناء الإغلاق الجزئي للحكومة، ومن بينهم 41 ألف من موظفي إنفاذ القانون و150 ألف من العاملين في الأمن الداخلي، علاوة على 54 ألف من موظفي الجمارك وحماية الحدود، و42 ألف من خفر السواحل.
ولن يتوقف عن العمل 5000 من رجال الإطفاء العاملين في قطاع الغابات، و3600 من موظفي دائرة الأرصاد الجوية الوطنية، مع احتمالات حصولهم على أجرهم بعد إعادة فتح الحكومة.
علاوة على ذلك، تقول الوكالة الإخبارية إن أكثر من 380 ألف موظف سيحصلون على إجازات، من بينهم جميع موظفي وكالة ناسا، والعاملين في الإسكان والتطوير الحضاري، ووزارة التجارة، بالإضافة إلى 16 ألف موظف في المتنزهات القومية التي سيتم إغلاق العديد منها.
حيلة ترامب
وكي يتفادى الرئيس الأمريكي هذا النزاع مع الكونغرس، فقد يلجأ إلى إعلان حالة الطوارئ، إلا أن هذا سيلزمه بتقديم المسوغات التي من شأنها إقناع المحكمة الدستورية في البلاد بموافقة ترامب في قرار كهذا.
وتعهد ترامب فى البداية بأن تدفع المكسيك ثمن تمويل الجدار الذى يقول إنه ضرورى لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات. لكن الحكومة المكسيكية رفضت.
ويطالب ترامب الكونجرس الآن بتوفير 5.7 مليار دولار من حصيلة الضرائب لتمويل الجدار، ومع عدم وجود أى مؤشر على حل وسط فى الكونغرس تحدث ترامب علنا الخميس الماضي أثناء زيارة لحدود تكساس عن دراسة إعلان حالة طوارئ، ويرى أحد المقربين من ترامب أن الوقت حان لاتخاذ هذه الخطوة.
وقال السناتور الجمهورى لينزى جراهام فى بيان "حان وقت استخدام الرئيس ترامب لسلطات الطوارئ لتمويل الجدار/الحاجز الحدودي. آمل أن يفلح ذلك".
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال وشبكة (إن.بي.سي) وصحيفة واشنطن بوست نقلا عن مصادر لم تنشر أسماءها أن البيت الأبيض طلب من فيلق المهندسين فى الجيش الأمريكى بحث تحويل أموال من ميزانيته لتمويل الجدار وتحديد سرعة بدء البناء فى ظل إعلان حالة طوارئ.
ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة هذه التقارير، ويقول منتقدو استراتيجية إعلان الطوارئ إنها قد تكون غير قانونية. ومن المؤكد تقريبا أن الديمقراطيين سيطعنون على تلك الخطوة أمام المحكمة وسيشمل ذلك اتهاما بمحاولة الالتفاف على سلطة الكونغرس المتعلقة بتخصيص وإنفاق الأموال الوطنية.
وسيكون إعلان حالة طوارئ محفوفا بالمخاطر حتى أن بعض الجمهوريين فى الكونغرس عبروا عن مخاوفهم بشأن هذه الخطوة. ونظرا لأن الدستور يمنح الكونجرس سلطة تحديد أولويات الإنفاق وتخصيص المال فإنهم قلقون بشأن نزاع قانونى عنيف وسابقة لا تتسم بالحكمة.
المتضررون
هذا الانقسام المتصاعد في الولايات المتحدة منذ تولي الرئيس ترامب إدارة البلاد قبل عامين تزيد حدته في هذه المواجهة التي يعد المواطنون البسطاء أكثر المتضررين منها، والحكومة الأمريكية مهددة بدفع ثمن باهظ كتعويضات للعمال المتضررين من هذه النزاعات بين البيت الأبيض ومجلس النواب "الكونغرس".
+ There are no comments
Add yours