كتب- أبوبكر أبوالمجد
منطقة لا يعرف أو يهتم بها العرب.. لكنها منطقة هامة جدًا ومن المرجح تحولها إلى مسرح لنزاعات متنامية نظرا لموقعها الإستراتيجي.
فالمنطقة تختزن الكثير من الموارد الطبيعية، وهذا ما يجعلها مؤهلة لدائرة صراع قريبًا.
في منتصف شهر أغسطس 2006، أقدمت مجموعة روسية على زرع راية من التيتانيوم (معدن مقاوم للصدأ والتآكل) بعمق 4200 متر في القطب المتجمد الشمالي.
وبهذه العملية الاستعراضية، عبّـرت روسيا عن طموحها في ضم هذه المنطقة المتنازع عليها مع دول أخرى، مثل الدنمارك والنرويج وكندا.
ولم يتأخّر رد فعل البلدان الساحلية، حيث أرسل بعضها مجموعات للاستكشاف والبحوث، وزار ممثلون رسميون من بلدان أخرى المنطقة القطبية الشمالية.
حول المنطقة
يسكن القطب الشمالي في روسيا 1.95 مليون، ويوفرون 11٪ من الدخل القومي لروسيا.
ولدى روسيا أكبر ثلاث مدن خارج الدائرة القطبية الشمالية، وهي مورمانسك – 305 ألف شخص، نوريلسك – 180 ألف شخص، وفوركوتا – 85 ألف شخص.
ولكن منذ وقت ليس ببعيد في هذه المدن كان عدد السكان 30-40٪ أكثر من الآن.
الإشكالية
توجد مناطق اقتصادية خالصة للبلدان الساحلية، التي تمتد إلى 200 ميل في عمق البحر، أما ما هو وراء ذلك، فيُـعد من أعالي البحار، والمشكلة تكمن فيما دون ذلك من المناطق، والتي يجب أن تعالج وِفق ما تنص عليه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982.
الأمر مرتبط من دون شك بتصلّـب الموقف الروسي عامة، بغضِّ النظر عن التوقيت الذي جاء فيه.
فالمنطقة هامة جدًا على المستوى الاستراتيجي، حيث يمكن أن تعبر في جوفها (الغواصات الروسية والأمريكية)، ومن المحتمل أن يكون فيها احتياطي من الغاز والنفط.
وهذا الطمع في القطب الشمالي ظهر أيضًا في الخمسينات ودفع الأطراف المعنية إلى إبرام معاهدة لاستغلال الثروات المعدنية؛ لكنها لم تدخل حيِّـز النفاذ، لأن بروتوكول مدريد الذي صدر سنة 1991 غلب الحفاظ على البيئة على استغلال الموارد المعدنية وعلى افتراض وجود تلك الموارد من الأصل.
لجنة القطب الشمالي
التكوين القوي للجنة القطب الشمالي، برئاسة ميدفيديف، يضم ممثلين عن 31 وزارة اتحادية، بما في ذلك 13 وزيرًا، ووكالات إنفاذ القانون – وزير الدفاع ، ومدير دائرة المخابرات الخارجية، ووزارة الداخلية، والحرس الوطني، وحرس الحدود التابع لجهاز الأمن الفيدرالي، ووزير الخارجية ووزير المالية ووزير الصناعة والتجارة في الاتحاد الروسي وعدد من الهيئات الفيدرالية الأخرى.
واعتمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشكل غير متوقع للمتخصصين في القطب الشمالي ولسياسيي الدول القطبية الأربع المجاورة، وهي الولايات المتحدة وكندا والنرويج والدنمارك (فيما يتعلق بغرينلاند)، المرسوم المؤرخ 25 أغسطس 2020 رقم 526 بشأن إنشاء لجنة مشتركة بين الإدارات التابعة لمجلس الأمن التابع إلى الاتحاد الروسي بشأن قضايا ضمان المصالح الوطنية للاتحاد الروسي في القطب الشمالي”.
رئيس اللجنة المذكورة هو نائب رئيس مجلس الأمن في الاتحاد الروسي، إنه، ديمتري ميدفيديف.
المفاجأة
تكمن مفاجأة قرار بوتين في حقيقة أن هناك لجنة مماثلة، تمت الموافقة عليها في 14 مارس 2015 من قبل رئيس الحكومة الروسية، وكانت حينها نفس ميدفيديف، وأطلق عليها اسم “لجنة الدولة لقضايا القطب الشمالي”، ورئيسها حاليًا هو نائب رئيس وزراء روسيا ومفوض الرئيس في منطقة الشرق الأقصى الفيدرالية، يوري تروتنيف.
ومنذ وقت ليس ببعيد، تم توجيه تعليمات لتروتنيف للتعامل مع تنمية القطب الشمالي، وتحت قيادته كان تطوير “استراتيجية تنمية القطب الشمالي حتى عام 2035” قيد التنفيذ.
فلماذا يتم تشكيل لجنتان؟
سيكون من المنطقي أكثر، في ضوء إنشاء لجنة جديدة حول القطب الشمالي تابعة لمجلس الأمن في الاتحاد الروسي، اتخاذ قرار في نفس الوقت بإلغاء اللجنة الحكومية في القطب الشمالي.
في روسيا التكوين القوي للجنة القطب الشمالي، برئاسة ميدفيديف، يجذب الانتباه.
لكن السلطات المحلية، التي تعيش في القطب الشمالي منذ سنوات، لم تجد مكانًا في اللجنة.
مهام لجنة ميدفيديف
حدد لها الرئيس بوتين ثلاث مهام رئيسية:
– وضع تدابير تهدف إلى ضمان الأمن القومي للاتحاد الروسي في القطب الشمالي.
– ضمان التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة القطبية الشمالية التابعة للاتحاد الروسي.
– تنسيق أنشطة السلطات الفيدرالية وسلطات الدولة للكيانات المكونة للاتحاد الروسي والهيئات الحكومية الأخرى والسلطات والمنظمات المحلية في تنفيذ هذه التدابير.
ويظل السؤال، هل ينجح ميدفيديف في تحقيق حلم القيادة الروسية في تحقيق رفاهية سكان منطقة القطب الشمالي في روسيا، ووقف تدفق السكان منها، لخلق مثل هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تجذب الشباب.
+ There are no comments
Add yours