انطلاق الحملات الدعائية؛ المؤيدة، والمعارضة، للنظام الرئاسي التركي ستكون عنيفة على خلفية الاستقطاب السياسي والاجتماعي في تحول دستوري من شأنه تغيير الوجه السياسي لتركيا
تنتشر في أوساط المعارضة التركية، مخاوف تدور حول نزاهة الاستفتاء الشعبي لتغيير الدستور المقرر إجراؤه في 9 إبريل/ نيسان القادم، على خلفية رصد عدد من الاعتداءات من قبل مؤيدين بحق ناشطين معارضين، ضمن حملات الترويج للنظام الرئاسي التركي.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو؛ يظهر أحدها تعرض ناشطة معارضة للتهجم من قبل مؤيدين، خلال هتافها ضد النظام الرئاسي، ورفضها للتعديلات الدستورية، التي من شأنها تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، ما يمنح الرئيس مزيدًا من السلطات.
وانطلقت الحملات الدعائية؛ المؤيدة، والمعارضة، مطلع فبراير/ شباط الجاري، ضمن مؤشرات تتنبأ بأنها ستكون عنيفة، على خلفية الاستقطاب السياسي والاجتماعي، من كلا الطرفَين، في تحول دستوري، من شأنه تغيير الوجه السياسي لتركيا.
جيش الدعاية
وفي الوقت الذي تعمل فيه ماكينة إعلامية ضخمة للترويج للنظام الرئاسي، عبر سلسلة من الفضائيات، والجمعيات المدنية، وشركات الإنتاج التلفزيونية، بتسليط الضوء على نجوم الدراما والرياضة والشخصيات العامة المؤيدة، تعاني المعارضة من قصور في الدعاية بسبب خلو الساحة الداخلية من جميع وسائل الإعلام المعارضة، بعد أن عمدت الحكومة إلى مصادرة وإغلاق معظمها، عقب انقلاب تركيا الفاشل، منتصف يوليو/ تموز الماضي.
ويرزخ معارضو التعديلات الدستورية تحت ضغط شعبي وإعلامي تمثل في التشهير ببعضهم، بعد إقدام عدد من الشخصيات العامة على إعلان تأييدهم للدستور الجديد صراحة، ليعمدوا بعد ذلك إلى مطالبة أشخاص عرف عنهم انتماؤهم المعارض بالإفصاح عن موقفهم، وما وضع الكثير منهم في دائرة الحرج، ومنهم أكاديميون ورؤساء جامعات.
الدستور الجديد أو الطوفان
في حين وقع الكثير من الموظفين في حرج مماثل، مخافة فصلهم من وظائفهم، وسط حملة تطهير طالت عشرات الآلاف من الموظفين؛ في ظل إمعان عدد من الوزراء في التشديد على أن “مَن لا يدعم النظام الرئاسي يخدم في شكل ما الانقلابيين” وجماعة “خدمة” التابعة لشيخ الدين المعارض محمد فتح الله غولن، المصنفة من قبل أنقرة على أنها “إرهابية” والمتهمة بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل.
كما يشتكي ناشطون معارضون من تصدي مؤيدين، وفي بعض الحالات من تصدي رجل أمن، لحملات تقف ضد التعديلات الدستورية، بحجة قانون الطوارئ المعمول به، والذي سيستمر العمل به حتى فترة ما بعد الاستفتاء على الدستور.
ويقول معارضون، إن رجال أمن ومؤيدين لحزب العدالة والتنمية الحاكم، يتصدون لرفع الشعارات المعارضة، وتوزيع المنشورات، أو الملصقات الرافضة للنظام الرئاسي.
الطوارئ والاستفتاء
وعلى الرغم من تصريحات سابقة لرئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم أكد فيها على أن “حكومته ستقوم برفع حالة الطوارئ قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع للاستفتاء على تغيير الدستور، وأن حكومته لن تمنح الجهات الداخلية والخارجية فرصة انتقاد بلاده، من خلال الادعاء بأن أنقرة أجرت الاستفتاء في ظل استمرار حالة الطوارئ في البلاد”، إلا أن الواقع يشي بغير ذلك.
ويبدو أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان لم يلقِ بالًا لمخاوف الأتراك، ومنظمات حقوقية دولية، عبر إجراء الاستفتاء في ظل قانون الطوارئ، الذي مددته الحكومة 3 أشهر، للمرة الثالثة، ليستمر العمل به حتى 17 إبريل/ نيسان القادم.
ولا توفر حالة الطوارئ المفروضة مناخًا ديمقراطيًا ملائمًا لإجراء استفتاء شعبي، إذ توفر أرضية خصبة لإصدار قوانين جديدة من شأنها تقليص الحقوق والحريات العامة، أو تعليقها عند الضرورة.
ولا يمانع الدستور التركي، من تقويض الحريات في حالة الطوارئ؛ إذ تنص المادة 15 من الدستور؛ المعنونة بـ “تعطيل الحقوق والحريات الأساسية” على أنه يمكن في حالات الحرب أو التعبئة أو الأحكام العرفية أو حالات الطوارئ، تعطيل الحقوق والحريات الأساسية، بشكل كلي أو جزئي، بالدرجة التي يقتضيها الوضع، وبشكل لا ينتهك الالتزامات المترتبة على القانون الدولي، كما يمكن اتخاذ إجراءات تتعارض مع الضمانات التي يمنحها الدستور بشأن الحقوق والحريات الأساسية.
ومن ضمن الإجراءات التي يسمح بها القانون التركي، حظر التجول بشكل كلي أو جزئي، وحظر حركة السيارات في أماكن أو أوقات معينة، وتفتيش الأشخاص وعرباتهم وأشيائهم ومصادرة ما يمكن أن يحمل صفة الدليل.
ويضاف إلى ذلك، إلزام المواطنين المقيمين في المنطقة التي تم إعلان حالة الطوارئ بها والقادمين لها من المناطق الأخرى بحمل ما يثبت هويتهم، ما يثير حفيظة ناشطين يتخوفون من تأثير ذلك على سير عملية الاستفتاء.
+ There are no comments
Add yours