قاراباغ وحرب الشائعات والتضليل الإعلامي

1 min read

كتب- إميل رحيموف

لم يكن من الممكن في عصر السماوات المفتوحة وتعددية وسائل الإعلام والاتصال الرسمية وغير الرسمية ألا تُستخدم في معركة قاراباغ المصيرية من خلال نشر الأكاذيب والادعاءات والشائعات ضمن منظومة الحرب النفسية التي تعد محورًا مهمًا في استراتيجية أرمينيا لكسب تعاطف العالم، بهدف التغطية على اعتداءاتها وعدوانيتها على الحق الأذربيجانى، إذ طيلة الثلاثين عامًا الماضية منذ الاحتلال الأرميني للاراضى الأذربيجانية نجحت أرمينيا في تضليل كثير من الدول والمنظمات بخطاب اعلامى خادع، وهو الخطاب الذى بدأ يفقد بريقه وجاذبيته أمام حقائق الواقع التي لا تكذب، بل تفضح الخداع الأرميني.

ولكن مما يلفت الانتباه ان أرمينيا لم تستوعب التحولات التي جرت في العالم والتغيرات التي حدثت في الواقع، فارأدت أن توظف ذات الآليات والوسائل لخدمة أهدافها، فلجأت إلى الشائعات والأكاذيب كسلاح يدعم موقفها في حرب هي التي بدأتها، ولكن تغير العالم بما شهده من حقائق وما كشفته أذربيجان من وقائع تؤكد كذب وفضح الخطاب الأرميني، وهو ما برز جليًا فيما شهدته المعركة الأخيرة من حرب تضليل إعلامى نجحت أذربيجان في كسبها، بما يؤكد على أن القدرات الأذربيجانية في ساحة المعركة لا تقتصر على القدرات العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية والبشرية فحسب، بل وكذلك الإعلامية التي أجلت الحقائق وكشفت الوقائع، حيث تمكّن الرئيس إلـهام علييف من تحييد حملة التشهير التي شنتها وسائل الإعلام الموالية لأرمن ودعم جبهة المعلومات بمفرده. قام بعض المراسلين الغربيين الذين حصلوا على مهام خاصة بتشتيت انتباه الموضوع، ووجهوا اتهامات لا أساس لها ضد الجانب الأذربيجاني، مستشهدين بمعلومات مزيفة. أثيرت مرارًا تورط تركيا في الصراع، واستخدام طائرات F-35، وتورط مرتزقة من سوريا وليبيا، وانتهاك وقف إطلاق النار والعديد من الأسئلة المزعجة الأخرى.

في كل مرة، دحض الرئيس إلـهام علييف هذه الاتهامات بالحقائق والأدلة الدامغة، وتحدث عن تاريخ قاراباغ وأسباب الصراع، واغتنم الفرصة لإيصال الحقيقة إلى العالم. من أمثلة ذلك السؤال الذى طرح على الرئيس خلال مقابلة أجريت مع قناة ARD التلفزيونية الألمانية، حيث تمثل السؤال فيما يلى: عندما كنا هناك، في هذا المجال، كان لدينا سؤال. لماذا قاراباغ مهمة جدا لأذربيجان؟ هل هناك موارد أم معنى رمزي؟ وجاءت إجابة الرئيس قاطعة بأن: هل الألزاس واللاترينج مهمان بالنسبة لك؟

هل بافاريا مهمة بالنسبة لك؟ أو الراين ويستفاليا؟ هذه أرضنا، أرضنا المعترف بها دوليًا. إنها ليست مسألة موارد.

الموارد الرئيسية هنا في باكو. هذه مسألة عدالة، إنها مسألة كرامة وطنية، وهذه مسألة تتعلق بالقانون الدولي. تكشف الإجابة رغم قصرها عن مدى عمق المعنى الذي طرحه الرئيس.

كما شهدت أيام الحرب حملة تشهير مليئة بالأكاذيب والافتراءات في بعض وسائل الإعلام الأجنبية وكأن “مقاتلين من سوريا ينتشرون في أذربيجان”. لا شك في أن أرمينيا وراء هذه المزاعم التي لا تستند إلى أي حقائق وتنتشر على شكل مقابلات مع أشخاص وهميين.

وعلى عكس الوضع في أرمينيا التي عانت وتعاني على مر السنين من أزمة ديموغرافية حادة ونتيجة لذلك لم تتمكن من تجهيز قواتها المسلحة بما يدفعها إلى الاستعانة بعناصر مرتزقة للاقتتال في جيشها، فإن أذربيجان تمتلك قوات مسلحة مكتملة الأركان، وهذه القوات المسلحة محترفة وقوية للغاية لا توجد حاجة إلى قوى خارجية، وخاصة المجموعات غير النظامية، لتحقيق الهدف المحدد.

هذه الادعاءات الزائفة غير متوافقة من وجهة نظر تقنية عسكرية، لأنها تفتقر إلى منطق بسيط. تزعم مصادر مختلفة أنه تم إحضار عدة مئات من المرتزقة إلى أذربيجان.

ثم يطرح مثل هذا السؤال. في سياق صدام محتمل بين جيشين نظاميين، هل يمكن لعدد صغير من المجموعات غير النظامية أن تغير ميزان القوى؟ بالطبع، أولئك الذين ينشرون المعلومات الخاطئة لا يستطيعون الإجابة على هذا السؤال.

الكذب والتدليس وتبديل الحقائق صفات دائمًا تلازم المحتل حتى يستطيع تبرير أفعاله الإجرامية الذي يرتكبها ويقوم بها في الأراضي الذي قام باحتلالها، وفعلت ذلك أرمينيا أثناء احتلالها لأراضي أذربيجان.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours