ترجمة أبوبكر أبوالمجد
تقرير ربما يبدو موجهًا لكن يجب التنويه عنه وأخذه في الاعتبار لإسم وثقل الوسيلة الإعلامية العالمية الناشرة له، وهي لموند الفرنسية التي تصدر منذ العام 1944. والتقرير خارج من رحم بحث علمي قام به باحثون في جامعة السوربون و جامعة بروكسل الحرة وهارفارد ومستشفى الأطفال في بوسطن.
بدأ التقرير بتساؤل عن أول بلد إفريقي قابل لانتشار فيروس كورونا به، ثم أشار إلى أنه منذ الأحد التاسع من فبراير الجاري، أبلغت 24 دولة منظمة الصحة العالمية بإصابات “كوفيد19″، الإسم الجديد لفيروس كورونا الجديد.
ولفت التقرير أن هذا الفيروس القادم من الصين والتي تعد الشريك الرئيسي لإفريقيا، يجعل بلادًا إفريقية عرضة لتفشي الفيروس بها وعلى رأسها مصر والجزائر وجنوب إفريقيا.
ورغم أنه لم يتم تأكيد أي حالة من حالات الإصابة في القارة الإفريقية، إلا أن التقرير أفاد أنه بسبب بسبب الروابط الجوية العديدة بين بكين والدول الإفريقية فإنها تبقى عرضة للإصابة بالفيروس.
وبيّن التقرير أن استجابات البلاد في إفريقيا لتفشي الفيروس يتفاوت من دولة لأخرى بحسب مستوى الاستيراد فيها من الصين، وكذلك البلاد التي لا تمتلك نظام صرف صحي جيد أو قيد الإنشاء تعد الأكثر عرضة لتفشي هذا الوباء، بحسب وصف الصحيفة.
وفي ظل ذلك التقييم، ووفقًا للنمذجة ، فإن مجموعة من ثلاث دول تقع في المراكز الثلاثة الأولى من بين الدول الأكثر تهديدًا لوصول الفيروس إليها، وهي مصر والجزائر وجنوب إفريقيا، وتليهم مجموعة ثانية تتكون من نيجيريا وإثيوبيا.
ووفق فريق دولي يقوده فيتوريا كوليزا، من (معهد بيير لويس، بكلية أندرم – جامعة السوربون) والذي نشر هذا التقرير على موقع medrxiv.org يوم الجمعة على نموذج للمخاطر بالنسبة للبلدان الإفريقية.
لهذا عبر الباحثون، ومنهم الباحث الإيفواري سيرج بول إهولي، أن المخاطر المرتبطة بحجم تدفقات المسافرين إلى إفريقيا من مختلف مقاطعات الصين، باستثناء مقاطعة هوبى، مركز الوباء، والتي حظرت الصين عليها الرحلات الجوية منذ 23 يناير، إضافة إلى ضعف قدرات الدول الإفريقية أو معظمها في مواجهة حالات الطوارئ الوبائية، يجعل من السهل تفشي هذا الوباء.
وقدر الباحثون هذا الخطر بناءً على بيانات الحركة الجوية بين الصين وإفريقيا خلال العام الماضي، وعدد الحالات المؤكدة، وحجم السكان في كل مقاطعة صينية.
وأخذ الباحثون في الاعتبار هذه البيانات والمطارات الثلاثة التي لديها أعلى حركة جوية في كل محافظة، ثم قاموا بحساب احتمالية أن تكون المدينة الصينية نقطة الانطلاق للشخص المصاب لكل من البلدان الإفريقية، مع العلم أن هناك علاقات مميزة بين بعض المقاطعات الصينية ودول إفريقية مختلفة.
وقد أظهر هذا أن مصر والجزائر وجنوب إفريقيا هي الدول الثلاث الأكثر عرضة لاستيراد 2019-nCoV عن طريق الجو.
وبحسب البحث، يتم التعبير عن فهارس السعة والضعف (مواجهة الوباء) على مقياس من 0 إلى 100، فكلما زاد الرقم، ارتفع مستوى السعة وانخفضت درجة القدة على مواجهة الوباء.
لذلك، يتم منح كل بلد احتمال أكبر أو أقل لخطر عرض حالة مستوردة من الصين، بالإضافة إلى درجة السعة ودرجة الضعف.
بالطبع ، يمكن أن تغطي نفس قيمة المؤشر نقاط القوة والضعف المختلفة حسب البلد.
تتمتع مصر والجزائر وجنوب إفريقيا بقدرات استجابة تتراوح من “المعتدل” إلى “العالي”.
مصر لديها بالتالي مؤشر قدرة عند 87 من 100 ومؤشر الضعف عند 53، والجزائر لديها 76 في القدرات و 49 في الضعف، وجنوب إفريقيا لديها مؤشر القدرات من 62 ومؤشر الضعف من 69.
ولتقييم قدرات البلدان الإفريقية، استخدم ماريوس جيلبرت (جامعة بروكسل الحرة) وموريتز كرايمر (جامعة هارفارد ومستشفى الأطفال في بوسطن) وزملاؤهم أداة منظمة الصحة العالمية للتقييم الذاتي للدول الأعضاء لوضع تنفيذ أحكام اللوائح الصحية الدولية (IHR) لإدارة قضايا الأمن الصحي.
فتم تقييم البعد الآخر من الضعف باستخدام فهرس يجمع البيانات الصحية والاقتصادية والديمغرافية، بالإضافة إلى بيانات حول ديناميات المرض والسياق السياسي الوطني والدولي.
في الترتيب وفقًا لتقلص خطر ظهور فيروس كورونا الجديد، يوجد دولتان ذات كثافة سكانية عالية، وهما نيجيريا وإثيوبيا، بقدرات معتدلة (51 و 67 على التوالي) إلى جانب درجة عالية من الضعف (27 و 38 على التوالي). مما يضعهم مباشرة بعد المراكز الثلاثة الأولى.
وهناك مجموعة ثالثة تشمل المغرب والسودان وأنغولا وتنزانيا وغانا وكينيا، وعدد سكانها متشابه نسبيًا ونسبة خطر تفشي الوباء.
ومع ذلك يختلف مؤشر القدرات فيما بين 34 (كينيا) و 75 (المغرب) وهذه البلدان بها مؤشر ضعف ضعيف كلي (أقل من 46)، مما يعكس ضعفًا كبيرًا، باستثناء المغرب (تم تقييم الثغرة الأمنية إلى 56).
وتواجه بقية الدول الإفريقية البالغ عددها 54 دولة خطر الإصابة بالفيروس بالإضافة إلى الضعف الذي يتراوح بين “منخفض” إلى “معتدل”، وبالنسبة لمعظمها، فإن درجة منخفضة نسبيًا في السعة، باستثناء تونس ورواندا.
وبالطبع، كما هو الحال في أي نموذج، يمكن للعوامل أن تؤدي إلى تغيير التوقعات.
هذا هو الحال مع ديناميات الوباء في الصين نفسها.
ويشير الباحثون على سبيل المثال إلى عواقب حدوث زيادة كبيرة محتملة في عدد الحالات الجديدة في مقاطعة غواندونغ، مما سيزيد بشكل خاص من خطر الإصابة بالفيروس في مجموعة من البلدان تتكون من الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
فـ(جمهورية الكونغو الديمقراطية) ومدغشقر وموزمبيق ورواندا والسنغال وتونس، وبالمثل، فإن القيود المفروضة على الرحلات الجوية بين الصين وإفريقيا – وهي أكبر شركة طيران إفريقية للطيران الإثيوبي وحدها والتي تمثل نصف هذه الحركة – ستغير هذا الخطر.
وينصح الباحثون “من خلال عملنا في النمذجة، نريد أن نسترعي انتباه الدول الغنية إلى الخطر الذي يمثله هذا الوباء على الصحة العالمية. فتقول فيتوريا كوليزا: “يمكننا القيام بمنع انتشار هذا الوباء؛ لأن الكثير من البيانات متاحة وهذا يمكن أن يساعد في وضع إطار أفضل لما يحدث”.
وفي نهاية التقرير تم التوصية بضرورة الانتباه إلى المسافرين القادمين من الصين، وأن يتذكر مسؤولو الصحة في هذه البلاد فيروس سارس الذي ظهر في 2002-2003 ، من الصين أيضًا، وما كان بالإمكان الحد منه لولا انتباه هذه الدول للرحلات الآتية من المقاطعات الصينية المختلفة، وتكثيف العديد من الدول الإفريقية مراقبة مطاراتها من خلال إجراء فحوصات درجات الحرارة ومقابلات مع المسافرين القادمين من الصين، فضلاً عن حملات الاتصال مع منظمة الصحة العالمية.
+ There are no comments
Add yours