كتب- أبوبكر أبوالمجد
كان يوم سبت.. وافق الثاني من مايو الماضي.. حينها نشرت وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الشمالية صورة تظهر الزعيم كيم جونغ أون وهو يقص شريط افتتاح مصنع للأسمدة، في أول ظهور علني له عبر الإعلام الرسمي عقب انتشار شائعات وتكهنات حول صحته في 11 إبريل، حيث ترأس اجتماع المكتب السياسي لحزب العمال.
منذ ذلك التاريخ لم يظهر، ولم يحضر احتفالات ذكرى ميلاد مؤسس النظام الكوري الشمالي كيم إيل سونغ.
وأفادت الوكالة بأن “الزعيم الأعلى كيم جونغ أون يقص شريط افتتاح مصنع سون تشون للأسمدة الفوسفاتية”. مشيرة إلى أن كيم “حضر الاحتفال” الجمعة وسط هتاف المشاركين وتصفيقهم، لافتة إلى أنه تفقد المصنع أيضا حيث تم “إطلاعه على عملية الإنتاج” فيه.
حرب التصريحات
ويبدو أنه بعودة الزعيم الكوري الشمالي للظهور مجددًا عادت حرب التصريحات المعادية للجارة الجنوبية، وربما تعود المباحثات بين الجارتين والتي توسمت برعايتها الولايات المتحدة خيرًا ستعود إلى المربع الأول.
فاليوم السبت، شنت بيونغيانغ هجومًا على جارتها الجنوبية، اليوم السبت، وطالبتها بوقف الحديث “غير المنطقي” عن “نزع” سلاحها النووي.
ولم تكتف بيونغيانغ بذلك فحسب، بل تعهدت بتوسيع قدارتها العسكرية، وفقًا لما ذكره كوون جونغ غان، المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الكورية الشمالية.
وجاء البيان الصادر عن كوون جونغ غان بعد أن قالت، وزارة الخارجية الكورية الجنوبية للصحفيين أن سيؤول ستواصل العمل من أجل تحسين العلاقات الثنائية وإحياء المفاوضات النووية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة.
وكانت حكومة الرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي – إن، بذلت جهودا حثيثة من أجل إقامة قمم نووية بين رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، اللذين التقيا 3 مرات منذ عام 2018.
كذلك عمل الرئيس الكوري الجنوبي على تحسين العلاقات بين سيؤول وبيونغيانغ، بحسب ما ذكرت الأسوشيتد برس.
غير أن بيونغيانغ علقت في الشهور الأخيرة كافة أوجه تعاونها تقريبا مع سيؤول، كما أعربت في الوقت نفسه عن مشاعر الإحباط جراء عدم إحراز تقدم في مفاوضاتها النووية مع الإدارة الأمريكية.
قطع القنوات
والأسبوع الماضي، أعلنت كوريا الشمالية أنها قد تقطع جميع قنوات الاتصال الحكومية والعسكرية مع كوريا الجنوبية؛ بل وذهبت إلى حد التلويح بالتخلي عن اتفاقات السلام بينهما، والتي كان قد تم التوصل إليها في العام 2018.
كذلك ألقت كوريا الشمالية باللوم على كوريا الجنوبية لفشلها في منع نشطاء من نشر منشورات مناهضة لها باستخدام “بالونات الهيدروجين” عبر الحدود.
بالونات الهيدروجين
وفي وقت سابق، انتقدت كيم يو جونغ، شقيقة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الجهات التي تقف وراء إرسال منشورات باستخدام “بالونات الهيدروجين” إلى بيونغيانغ انطلاقا من كوريا الجنوبية.
وقالت كيم يو جونغ بأن “منشقين” عن نظام كيم جونغ أون هم من يقفون وراء “حملة الإسقاط الجوي” المستمرة منذ العام 2004، والتي تمرر للمواطنين في كوريا الشمالية رسائل ضد نظام بيونغيانغ الحالي، هذا إلى جانب تهريب عملات أجنبية وكتب دينية.
ووصفت شقيقة الزعيم الكوري المسؤولين عن هذه الحملات بألفاظ نابية، معتبرة إياهم مجرد “حثالة خانت وطنها”، وفق تصريحات نقلتها مجلة “نيوزويك” الأمريكية عن صحيفة “رودونج سينمون” الكورية الشمالية.
وتابعت قائلة: “هل كوريا الجنوبية على استعداد لتحمل العواقب المترتبة على السلوكيات الشريرة لهؤلاء الساعين لتشويه سمعتنا؟”
وكانت كوريا الجنوبية قد قالت الأربعاء، إنها ستوجه اتهامات ضد منظمتين ناشطتين أطلقتا بالونات تحوي منشورات مناهضة لبيونغيانغ إلى كوريا الشمالية بزعم أنهما خرقتا القانون بإرسال مواد غير مصرح بها إلى دولة منافسة.
وردت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية على بيان منفصل صادر عن كوريا الشمالية في وقت متأخر من أمس الجمعة قالت فيه إن ثقة كوريا الشمالية مع سيؤول “محطمة” تمامًا، وأن “أوقات الندم والألم” تنتظر منافستها.
شقيقة الزعيم
و بحسب ما ذكرته وكالة أنباء (يونهاب) الكورية الجنوبية، اليوم، قالت كيم يو جونج، شقيقة الزعيم الكورى الشمالي، إن بلادها ستتخذ خطوتها التالية ضد كوريا الجنوبية، حيال ما وصفته بـ”خيانة وجرائم” من سيؤول ضد كوريا الشمالية، مضيفة أن جيشها جرى تكليفه بالتخطيط واتخاذ أي إجراء ضروري.
وأضافت، كيم، النائبة الأولى لرئيس اللجنة المركزية لحزب العمال الحاكم – في بيان نقلته وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية – “الوقت حان للقطيعة المؤكدة مع السلطات الكورية الجنوبية، وسنتخذ قريبًا الإجراء التالي”.
وأضافت الشقيقة الصغرى للزعيم الكورى الشمالى: “من خلال ممارسة سلطتي التي خولني إياها القائد الأعلى وحزبنا والدولة، أعطيت تعليمات لأذرع الإدارة المسؤولة عن الشؤون مع العدو لتنفيذ الإجراء التالي بشكل حاسم”.
وتابعت: “إن الحق في اتخاذ الإجراء التالي ضد العدو ستكلف به هيئة الأركان العامة لجيشنا”، مشيرة إلى أن الجيش الكوري الشمالي سيحدد خطوته التالية التي ستهدئ “استياء شعبنا وبالتأكيد سينفذها”.
وجاء بيان كيم بعد حوالي أسبوع من تهديدها بقطع جميع الاتصالات مع كوريا الجنوبية، وإلغاء اتفاق عسكري يهدف إلى تقليل التوتر بين الكوريتين، بسبب الجماعات الناشطة في كوريا الجنوبية والمنشقين الكوريين الشماليين الذين يرسلون منشورات دعائية مناهضة لبيونج يانج.
وتوقفت بيونج يانج عن الرد على أي محاولة من كوريا الجنوبية لإجراء محادثات منذ يوم الثلاثاء الماضي.
كما جاء بيان كيم بعد يوم واحد من تصريح رئيس جبهة الوحدة لحزب العمال الحاكم في البلاد بأن كوريا الشمالية فقدت كل الثقة في حكومة كوريا الجنوبية، وحذر من الأوقات “المؤسفة” و”المؤلمة” التي تنتظر سول.
الولايات المتحدة
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الكوري الشمالي، ري سون-كون، إن بلاده “لن تقدم شيئا أبدًا للولايات المتحدة بلا مقابل، كحزمة تنازلات أخرى قد يستخدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتباهي بإنجازاته”، مشيرًا إلى أن الهدف الاستراتيجي لبلاده هو تعزيز القدرات لمواجهة التهديدات العسكرية الأمريكية على المدى الطويل.
وبعد مرور عامين على القمة الأولي بين زعيم كوريا الشمالية ونظيره الأمريكي، اتهم وزير الخارجية الكوري الشمالي، ري سون جوون، واشنطن بـ”النفاق” والسعي إلى تغيير النظام قائلً،ا إن آمال العام 2018 “تلاشت” ليحل محلها “كابوس مظلم”، مضيفًا أن “الآمال بتحسين العلاقات بين البلدين التي كانت مرتفعة جدًا ومحطّ أنظار العالم بأسره قبل عامين، تحولت الآن إلى إحباط يتسم بتدهور متسارع”.
وذكر الوزير أنه على الرغم من أن شعبي البلدين يرغبان بالسلام إلا أن “واشنطن عازمة على تأزيم الوضع.. ونتيجة لذلك، أضحت شبه الجزيرة الكورية حاليا أخطر نقطة ساخنة في العالم ويُطاردها باستمرار شبح الحرب النووية”.
وأشار إلى أن رغبة الكوريين الشماليين في إنهاء فترة “العلاقات العدائية” بين بيونغ يانغ وواشنطن وفي “فتح حقبة جديدة من التعاون والسلام والازدهار” أصبحت “أعمق من أيّ وقت مضى”.
لكن الوزير اعتبر أنه “حتى الشعاع الضعيف من التفاؤل بالسّلام والازدهار في شبه الجزيرة الكورية قد تلاشى”، تاركًا مكانه “كابوسا مظلمًا”.
كما اتّهم الوزير الكوري الشمالي ترامب تحديدًا بعدم تقديم أي عرض جوهري على بيونج يانج، منوهًا أن الوضع في شبه الجزيرة الكورية على طريق التدهور وحده مع مر الأيام، وتدل على ذلك العلاقات الكورية الأمريكية الممتدة إلى السنتين الماضيتين.
وأضاف: “لقد ألغت قيادتنا العليا مكان التجربة النووية الواقع في شمال بلادنا إلغاء تامًا، وأعادت عشرات الرفات من الجنود الأمريكيين إلى الولايات المتحدة، وأصدرت العفو الخاص عن المجرمين الكبار ذوي الجنسية الأمريكية، المحبوسين في بلادنا، كانت هذه إجراءات ذات المعاني باعتبارها قرارا تاريخيًا”.
هذه التصريحات المتوالية خلال الأيام القليلة الماضية تنذر بحرب حقيقية في الطريق وليس مجرد تصريحات يمكن الرد عليها بتصريحات مضادة، خاصة في ظل انشغال إدارة ترامب بالوضع الأمريكي الداخلي المتأزم، والذي قد يشجع كوريا الشمالية على تنفيذ أي من تهديداتها.
+ There are no comments
Add yours