بالصور.. “وادي غزة” من محمية طبيعية إلى “مستوطنة” للقوارض والأفاعي

1 min read

من محمية طبيعية أعلنتها السلطة الفسطينية عام 1994، تحول “وادي غزة” اليوم إلى مكب للنفايات، ومصرف لـ16 ألف متر مكعب من المياه العادمة غير المعالجة يوميا، واستوطنته أنواع مختلفة من الحشرات والقوارض والأفاعي.

الوادي الذي بات “بؤرة تلوث” يقع وسط القطاع، وهو نهاية مجرى مائي طويل يبلغ طوله(77 كم) وينبع من جبال النقب والمرتفعات الغربية لجبال الخليل ويمتد انتهاء إلى البحر الأبيض المتوسط ويبلغ طول الوادي داخل القطاع(9 كم). 

ومع دخول فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة، يتحول الوادي إلى مصدر لأمراض تصيب سكان المنطقة القريبة منه، فمجرد فتح نوافذ المنازل، من أجل دخول الهواء، يهجم البعوض والحشرات، وتنبعث الروائح الكريهة التي تدفع الناس إلى سرعة إغلاق النوافذ مرة أخرى.

وتقول الفلسطينية “دعاء الحجيري” (57 عاما)، لـ”الأناضول”: إن “السكن بقرب وادي غزة أمر سيء جدًا، فالرائحة الكريهة في المنطقة المحيطة به لا تطاق، بعد أن أصبح مكانًا لتصريف المياه العادمة، ومكبًا للنفايات”.

وتضيف، “رغم ارتفاع درجات الحرارة، وانقطاع التيار الكهربائي لنحو 12 ساعة يوميا، إلا أنني أحرص على عدم فتح النوافذ، خشية تسلل الروائح الكريهة، ودخول الحشرات أو القوارض أو حتى الأفاعي إلى المنزل”.

وتستدرك قائلة “في صغري كان الوادي جميلا، أذكر جيدًا عندما كنا نشاهده من نوافذ المنزل ونسير بقربه نستنشق هواءًا عليلًا”. 

من جانبه، يقول “بهاء الأغا”، مدير حماية البيئة، في سلطة جودة البيئة بقطاع غزة، إن ” 16 ألف متر مكعب من المياه العادمة الصادرة من محافظة وسط القطاع، يتم تصريفها في وادي غزة يوميًا، بسبب أعطال في محطة المعالجة المركزية، التي لم نتمكن من إصلاحها بسبب منع السلطات الإسرائيلية إدخال المواد اللازمة لذلك”.

وتفرض إسرائيل حصار بريًا وبحريًا وجويًا، على قطاع غزة، منذ عام 2006، عقب فوز حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في الانتخابات البرلمانية، وشددته في العام 2007 بعد سيطرة الحركة على القطاع بشكل كامل، إثر أحداث الانقسام الفلسطيني.

وفي كل مرة يقطع فيها الطالب الجامعي، “معتز أبو حمدة” (20 عامًا)، الطريق المؤدي من منزله في مخيم النصيرات إلى جامعته في مدينة غزة، يحاول أن يغلق نوافذ المركبة قبل الوصول إلى منطقة “الوادي”. 

ويشعر “أبو حمدة” بالغثيان، كلما مرّ بجانب الوادي، ويضع منديلا على أنفه، تجنبًا لاستنشاق الروائح المنبعثة منه، كما يصف في حديثه لـ”الأناضول”. 

وتابع قائلًا “كثيرًا ما أشعر بالحسرة بأن مكانًا جميلا أصبح مستوطنة للحشرات الضارة والأفاعي والقوارض”.

وفي السياق ذاته، يقول الأستاذ المشارك في العلوم البيئية في قسم الأحياء، بالجامعة الإسلامية في غزة، “الفتاح عبد ربه”، إن “وادي غزة منذ نحو ثلاثة عقود، لم يعد محمية طبيعية جميلة، بل أصبح مستنقعًا ضارًا مليئًا بالحشرات، والطفيليات والبكتيريا، بفعل السياسات الإسرائيلية تجاه القطاع، والحصار أيضًا”. 

ويضيف لـ”لأناضول”، “أقامت إسرائيل في أوائل السبعينيات من القرت الماضي السدود، وحجزت المياه عن الوادي، فأصبح شبه جاف طوال العام، إلا من المياه العادمة التي يتم تصريفها إليه بشكل يومي”.

ويتابع “قديمًا كانت مياه الوادي نقية وصحية، وبها أنواع أسماك مختلفة، والآن اختفت، ولم تتبق غير الأسماك الملوّثة”. 

ويشير، أن “تلوث منطقة الوادي، وتحوله إلى مكبّ للنفايات الصلبة، وغياب الرقابة البيئية، جعله بيئة ملائمة جدًا لتكاثر البعوض والحشرات الضارة ومسببات الأمراض”. 

ويتابع “تخمّر المياه العادمة ينتج عنه روائح كريهة جدًا لا تطاق، وغازات سامة مثل غاز الميثان، مما أدى إلى انقراض العديد من الحيوانات والطيور، مثل طائر الغزّة والأرنب البري ومعظم الحيوانات الأخرى، وكذلك النباتات”. 

ويلفت “عبد ربه”، إلى أن “انعدام الرقابة البيئية، جعل من الوادي مكبًا للنفايات الصلبة أيضًا، ما تسبب بانتشار الأفاعي، التي تهدد حياة المواطنين القاطنين بالقرب منه”.

بدورها تقول مديرة قسم الدراسات والأبحاث، في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، في القطاع، هيام البيطار، إن “وادي غزة، يعتبر من مجاري المياه الرئيسة الواقعة في الجنوب الشرقي من فلسطين”. 

وتضيف: “الوادي من المناطق الرئيسية في فلسطين والأكثر جذبًا للسكان منذ العصور القديمة، وقامت على ضفافه العديد من الحضارات”. 

وحسب “البيطار”، فإن “نتائج الحفريات الأثرية التي أجريت في قطاع غزة أثبتت أن هناك حضارات قد نشأت ومدن شُيّدت قرب وادي غزة خلال العصر البرونزي، لذلك يوجد حتى اليوم عدد كبير من الآثار، وخاصة الآواني الفخارية، والمواقع التاريخية على ضفاف الوادي والتي تعكس حضارته، وتوالي استقرار السكان فيه خلال فترات التاريخ المتعاقبة”. 

وأُطلق على الوادي عدة أسماء سابقا منها “وادي الحسا”، و”نهر البيسور” الذي يرتبط بالمملكة الكنعانية في بيسور بصحراء النقب جنوب فلسطين التاريخية”، وفق “البيطار”. 

 

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours