انطلقت في العاصمة نواكشوط، مساء اليوم الخميس، أولى جلسات الحوار السياسي الموريتاني، وسط غياب أبرز أطياف المعارضة.
وقد حضر جلسة افتتاح الحوار الذي تنظمه الحكومة، الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز إضافة إلى أعضاء الحكومة وقادة الأحزاب السياسية المشاركة سواء تلك الأغلبية الحاكمة أو المعارضة، وسط مقاطعة من قبل “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة” (الذي يضم 14 حزباً سياسياً وأغلب الهيئات النقابية وبعض الشخصيات المستقلة)، وحزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يرأسه زعيم المعارضة السابق أحمد ولد داداه.
وفي كلمة الافتتاح، قال الرئيس الموريتاني إنه سيتم الرجوع إلى الشعب عبر استفتاء للبت في أي توصيات للحوار يقتضي تبنيها إجراء تعديلات دستورية.
وأشار ولد عبد العزيز إلى أن جلسة اليوم تهدف لتدارس سبل تطوير تجربة البلاد الديمقراطية، والحفاظ على تكريس الديمقراطية وصيانة وتعزيز الوحدة الوطنية، وحماية الحوزة الترابية، وترسيخ قيم الانفتاح والتشاور.
وأضاف أن “الأغلبية وأحزاب المعارضة المشاركة بذلت جهوداً مكثفة خلال الأشهر الماضية لإشراك جميع الأطراف دون استئناء”، مؤكداً أن يد الحوار ستظل ممدودة لكل الفاعلين السياسيين، وذلك في إشارة منه لمنتدى المعارضة الذي قاطع الحوار.
وأكد ولد عبد العزيز أن النظام استجاب لكل “المبادرات والمقترحات البناءة أياً كان مصدرها، ووفر كل الوقت اللازم لإنضاج إنجاح هذا المسار”.
وفي أول تعليق له على انطلاق جلسات الحوار، قال الرئيس الدوري لـ”المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة”، سيد أحمد ولد باب مين، إن افتتاح الحوار اليوم في ظل مقاطعة قوى المعارضة الرئيسية، سيزيد من انقسام الساحة السياسية في البلاد ويعمق الأزمة.
ولفت “ولد باب مين” إلى أن أحزاب منتدى المعارضة “حريصة على التوافق السياسي والمصلحة العليا للبلاد”، مستطرداً: “للأسف حصل ما كنا نخشاه وأصرّ النظام على مسار أحادي سيزيد من انقسام الساحة السياسية وسيعقد الأزمة”.
ونوه بأن منتدى المعارضة سيصدر قريباً بياناً يحدد فيه موقفه الرسمي إزاء ما حصل.
من جهته، دعا رئيس حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” (الحاكم)، “سيدي محمد ولد محمد”، في كلمة له أمام المشاركين، أحزاب منتدى المعارضة وحزب التكتل، للالتحاق بالحوار، قائلاً “يدنا ممدودة لهم وأماكنهم محجوزة بيننا”.
أما رئيس حزب “التحالف الشعبي التقدمي” (أهم أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار) “مسعود ولد بلخير”، فقال إن “الحوار الذي انطلق مساء اليوم يجب أن يضع معايير أساسية للوحدة الوطنية، وأن يؤسس لثقافة التبادل السلمي للسلطة”.
وتابع في كلة له بالجلسة: “يجب وضع حلول نهائية تضمن الحرية لكل أبناء الوطن مساواة لا تفرق بين مواطن على أساس اللون أو اللسان أو القبيلة أو الطائفة أو المكانة الاجتماعية، دولة لا ظلم فيها ولا تهميش ولا استعباد ولا نظرية دونية للآخر وإبعاد ثقافة الغبن والإقصاء”.
وحصل مراسلنا قبل أيام على مسودة تضمنت 4 محاور أساسية ستتم مناقشتها خلال جلسات الحوار، تتعلق في الأساس بمواضيع الانتخابات والإصلاحات الدستورية والعدالة الاجتماعية والحكامة الاقتصادية.
والعام الماضي، تقدمت الحكومة إلى أحزاب المعارضة بوثيقة تتضمن عرض وجهة نظرها حول موضوع الحوار لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد.
وهي وثيقة تعتبرها الحكومة أرضية ومسودة للحوار، وتتألف من 15 نقطة من بينها: بناء الثقة بين السلطة والمعارضة، إجراء انتخابات برلمانية وبلدية توافقية، منع تدخل الجيش في الأنشطة السياسية، محاربة الفساد، وتحقيق الشفافية في تسيير المال العام، تعديل السن القانونية للترشح لمنصب رئيس البلاد التي ينص الدستور على أنها محصورة بين 40 و75 سنة.
لكن “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة” تحفظ على بعض نقاط مسودة الحوار، لاسيما المتعلقة بتعديل السن القانونية للترشح للانتخابات الرئاسية، معتبراً ذلك مساسا بالدستور، الذي يجب عدم تعديله.
أيضا، تقدم المنتدى بعدة شروط تمهيدية للدخول في الحوار مع الحكومة، من أهمها: ضرورة البدء بحكومة توافقية كشرط أولي للدخول في أي حوار “جدي” مع السلطات، وعدم المساس بالدستور، وحل كتيبة الحرس الرئاسي، وإعلان الرئيس عن ممتلكاته الخاصة، ووضع مؤسسات انتخابية ذات مصداقية تضمن حياد الإدارة (السلطة) على مستوى التحضير، وتعيين شخصيات تحظى بثقة الجميع على هذه المؤسسات”. –
+ There are no comments
Add yours