النفط في أسبوع (الرمل القاري احتياط نفطي جاهز عند ارتفاع الأسعار)

1 min read

 وليد خدوري كاتب عراقي متخصص بشؤون الطاقة

تشير تجربة السنتين الماضيتين الى أن إمدادات النفط الصخري الضخمة أدت الى تخمة في الأسواق وانهيار الأسعار. وهناك أيضاً أنواع أخرى من النفوط غير التقليدية، بخاصة الرمل القاري، قد تغزو بدورها الأسواق في حال عودة الأسعار الى مستويات مرتفعة مستقبلاً.

تبرز أهمية الرمل القاري، خلال فترة ارتفاع الأسعار الى مستويات عالية، اي فوق 100 دولار، إذ إن كلفة انتاجه عالية جداً، تتراوح ما بين 85 و95 دولاراً للبرميل في بعض طرق الاستخراج، ونحو 55 – 65 دولاراً في حالات أخرى.

يستخرج النفط التقليدي إما من طريق حفر الآبار الى المستوى الذي يتدفق فيه النفط بضغط الغازات، او من طريق الضغط الاصطناعي، أو بواسطة قشط السطح حيث تقشط الطبقات العليا من الرمال وترسل للمعالجة لاستخراج النفط منها، او بواسطة الاستخراج الموضعي حيث تخفف لُزوجة النفط البيتومني (القار) إما من طريق ضخ بخار المياه أو من خلال استعمال مخلوط كيماويات بضغط عالٍ في الرمال ليساعد على تدفق النفط.

وبما أن النفط المستخرج من هذه الترسبات هو نفط ثقيل ذو لزوجة عالية لا يمكن نقله بأنابيب النفط الاعتيادية، يتم تحويله في الموقع إما الى نفط صناعي بواسطة معدات تطوير او الى منتجات بترولية بواسطة مصافٍ خاصة.

ومن ثم فإن كلفة تكريره الى منتجات بترولية تجارية باهظة الثمن. وتترك طرق التنقيب المتعددة هذه آثاراً سلبية على طبيعة المنطقة، إضافة الى تلويثها المناخي.

هناك تسميات عدة للنفط القاري، اذ يعرف أيضاً بالصخر القاري، أو النفط الرملي، أو الرمال النفطية، أو الرمال القطرانية. وهو عبارة عن صخور رسوبية تحوي «البيتومين» العالي اللزوجة الذي لا يمكن استخلاصه بالطرق التقليدية. وتقع احتياطات الرمل القاري في ولاية «البرتا» الكندية.

ويتكون الاحتياط من مجموعة مختلطة من الرمل والطين والقار. وهو يشكل نحو 44 في المئة من مجموع الناتج النفطي الإجمالي لكندا، إحدى أكبر خمس دول منتجة للطاقة في العالم. وتكمن أهميتها النفطية بكونها أكبر دولة مصدرة للنفط للولايات المتحدة.

وشكلت الاحتياطات النفطية الكندية مطلع عام 2015 نحو 173 بليون برميل من الاحتياط المؤكد، منها الرمل القاري بنحو 166 بليون برميل.

تعمل الشركات العالمية الكبرى على استخراج النفط القاري منذ سنوات، أهمها شركة «اكسون موبيل». وتثير الاحتياطات الضخمة التي تملكها اهتمام السلطات الأميركية، اذ ارتفع احتياط الشركة من الرمل القاري من 1.4 بليون برميل عام 2007 الى 5.1 بليون برميل في 2015.

كما أخذ الرمل القري يشكل نحو 35 في المئة من احتياطات السوائل البترولية للشركة، مقارنة بنحو 17 في المئة قبل عقد.

تشير صحيفة «وول ستريت جورنال» الى أن الهيئة الأمريكية الناظمة للأوراق المالية والتداولات، تراجع الدفاتر المالية للشركة لمعرفة ما اذا كانت «اكسون» تزود المساهمين بالمعلومات الدقيقة والوافية عن دور الرمل القاري في مجمل موجودات الشركة، ومركزه المالي الحقيقي لقيمة الشركة ذاتها في حال من انخفاض أسعار النفط الخام، ونجاح المحاولات الدؤوبة لتشريع قوانين بيئية تقلص استعمال الرمل القاري خوفاً من مضاره البيئية. وفحوى التساؤلات هي محاولة معرفة القيمة الاقتصادية الفعلية للشركة.

تثار هذه الأسئلة حول «اكسون» بعد تدهور أسعار النفط لعامين متتاليين. وارتفعت احتياطات الرمل القاري لشركة «اكسون» بعد عقود من الاستثمارات بدأت منذ ستينات القرن العشرين.

ومع ارتفاع أسعار النفط مطلع الألفية الجديدة، وارتفاع أسعار النفط الى نحو 140 دولاراً عام 2008، هرعت شركات النفط العالمية لتطوير الرمل القاري الكندي واستثمرت نحو 18.1 بليون دولار. لكن مع تدهور أسعار النفط، انخفضت الاستثمارات لهذه الشركات نحو 60 في المئة خلال العامين الماضيين.

تحاول منظمات المجتمع المدني البيئية، منذ سنوات، الضغط على «أكسون» للافصاح عن أخطار الشركة على التغيير المناخي، وفقاً لنشرة «انسايد كلايمت نيوز» المتخصصة بقضايا البيئة والتلوث المناخي.

وتذكر في تقرير أخير، ان «اكسون» نشرت عام 2014، إثر إلحاح وضغوط منظمات الدفاع عن البيئة، تقريراً تغاضت فيه عن الانعكاسات البيئية لأعمالها، متوقعة استمرار البترول (النفط والغاز) أهم مصدر للطاقة حتى عام 2040، وأنها ستستطيع استخراج كل الاحتياط البترولي لديها.

وجاء في التقرير: «نحن على ثقة بأننا لن نجد صعوبة الآن أو في المستقبل، في استخراج الاحتياطات الهيدروكربونية». لكن منظمة بيئية بريطانية أجابت عن تقرير «أكسون» مشيرة الى «ان ازدياد المحاولات الدولية للحد من الانبعاثات الهيدروكربونية الضارة ستجعل من مشاريع الرمل القاري والمشاريع الأخرى الباهظة الكلفة استثمارات رديئة».

يشكل توافر احتياطات ضخمة من النفط الصخري والرمل القاري، ككميات جاهزة للانتاج في ظل أسعار عالية، تحدياً مهماً للصناعة النفطية العالمية. ويتمثل هذا التحدي في إمكان موازنات الدول النفطية الريعية ترشيد نفقاتها والتزاماتها المالية على أساس معدلات سعرية متوسطة ومعقولة لفترة طويلة (50 -70 دولاراً للبرميل) بدلاً من رسم الموازنات وتحمل التزامات مالية على أساس أسعار قياسية.

لقد حدثت تغيرات أساسية ومفصلية في صناعة النفط العالمية. فمن الصعب الاستمرار بالسياسات الاقتصادية والالتزامات المالية التي تم اعتمادها في الدول النفطية منذ منتصف القرن الماضي.

 المصدر: صحيفة الحياة

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours