المصريون تجاهلوا أحداثًا سياسية مهمة كبراءة مبارك وزيارة ميركل وعضوية السادات، وصبوا في الوقت ذاته اهتمامهم على مباراة الزمالك.
شهدت الفترة الماضية، عزوفًا عن الحياة السياسية من قبل المصريين، ففي اليوم الذي تابعت فيه جميع دول العالم جلسة المحاكمة للرئيس المعزول محمد حسني مبارك التي حصل فيها على براءته والذي تزامن مع زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لمصر، انقسم اهتمام المواطنين في الشارع المصري ما بين متابعة افتتاح أحد مراكز التسوق الفاخرة “مول مصر” ومشاهدة مباراة لفريق “الزمالك” في الدوري العام.
صفحات موافع التواصل الاجتماعي والكلمات الأكثر بحثًا على حسابات المصريين، ابتعدت تدريجيًا عن الواقع السياسي حتى كادت تختفي، فربما كان للحالة الاقتصادية التي يعيشها المصريون دور في توجيه فكرهم بشكل أكبر للاهتمام بجلب متطلبات الحياة، أو أنهم احتاجوا للالتهاء والترفيه بعيدًا عن إزعاج السياسة.
وسخر المصريون في اليوم الأول لافتتاح المركز التجاري التابع لمجموعة الفطيم بمدينة أكتوبر، من أسعار أنشطة التزلج على الجليد التي بدأت من 400 جنيه للساعة، حيث انشغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمتابعة أنشطة المركز ومناطق الترفيه والأسعار.
وعلى الرغم من انتشار قائمة الأسعار على مواقع التواصل الاجتماعي والسخرية منها، أصر عدد كبير من المصريين على الذهاب للمركز في يومه الأول والثاني، لرؤية الفكرة الجديدة التي تنفذ للمرة الأولى في مصر أسوة بمدينة “سكاي دبي” في مول الإمارات، والتي تعد من أهم مناطق التزلج المعروفة على مستوى العالم، وتمتد مساحتها لـ 22.500 متر مربع تقريبًا.
وبعد أن رفض حكم مباراة المقاصة والزمالك، جهاد جريشة، احتساب ضربة جزاء لصالح الزمالك في الدقيقة 66، انهالت التعليقات الساخرة من المصريين عبر صفحاتهم على الخطأ الفادح الذي ارتكبه الحكم.
وتصدرت تصريحات رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، على الواقعة، مانشيتات الصحف المصرية في اليوم التالي للمباراة في تجاهل تام لحكم براءة مبارك، حيث أعلن مرتضى منصور في مؤتمر صحفي، أن “جريشة لن يحكم ثانية وسيتم استبعاده من هذه المهمة لأجل غير مسمى”، وكلما صدر عن مرتضى منصور تعليق على الواقعة يتداوله المصريون فيما بينهم ساخرين أو غاضبين من ضياع فرصة الفوز.
ورغم تزامن الأحداث الترفيهية السابقة مع زيارة المستشارة الألمانية “المهمة” إلى مصر والحكم ببراءة الرئيس الأسبق حسني مبارك وإسقاط العضوية عن البرلماني محمد السادات وغيرها من الأحداث السياسية المهمة، لكن المصريين هرولوا بتعليقاتهم ومتابعاتهم نحو الترفيه.
إحباط
وبرر أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتور سعيد صادق، سبب هذا العزوف بـ”حالة الإحباط” التي أصيب بها المصريون، فبعد أن كان العزوف عن الحياة السياسية خاصاً بالمرأة والشباب والأقباط فقط قبل الثورة، امتد لباقي الفئات بالمجتمع بعدها، على حد قوله.
وقال صادق في تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز” إن “الثورات إما تحقق التوقعات المرجوة أو الإحباطات، وإذا لم يحدث التطور السريع فإن الجمهور يصل لمرحلة الإحباط والعزوف عن الحياة السياسية”، لافتًا إلى أن “برامج التوك شو المصرية استبدلت الموضوعات السياسية المهمة بالنفخ في موضوعات محددة تستهلك الجمهور بها وتكررها”.
أما عن السبب الآخر لرفض المصريين الانشغال بالحياة السياسية، أكد صادق أن “صعوبات الحياة الاقتصادية كان لها دور كبير في ذلك، إضافة إلى فيضان الأحزاب التي بلع عددها الآن 105 أحزاب، ما تسبب في حالة إغراق أحدثت بشكل أو آخر رد فعل عكسياً”.
ورأى أن “التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها، ما دفع المصريين للاهتمام بأحوالهم لأن المواطن البسيط ممن يعاني البطالة لن يهتم لحكم صادر ضد رئيس راحل”.
وأضاف أن “الرموز السياسية التي كان يتابع آراءهم عدد من المصريين، اختفت من الساحة، وهو الأمر الموجود في كافة دول العالم، من بينها أمريكا التي يعتبر شعبها من أكثر الشعوب الغارقة في العمل في بمنأى عن الحياة السياسية وما يحدث فيها”.
+ There are no comments
Add yours