“السور الأخضر العظيم”، “إعادة تأهيل حوض بحيرة تشاد”، وإنقاذ “حوض نهر الكونغو”.. كانت أهم المشروعات التي تناولها القادة الأفارقة المشاركين، في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 22"، والذي اختتم أعماله الجمعة الماضي بمدينة مراكش المغربية.
“أسازو بانكانا”، الخبير الاقتصادي الإفريقي وعضو اللجنة العالمية للبيئة والتنمية، اعتبر، في حديث للأناضول، أن هذه المشاريع “المصيرية” ستتجسد على “أرض الواقع”، بسبب ما تشكّله القارة السمراء من أهمّية متزايدة في مسار السلام العالمي.
وأوضح “بانكانا”، في الشّأن ذاته، بالقول: “أعتقد أنّ الأطراف الرئيسية في المجتمع الدولي والجهات المانحة الكبرى، ستدرك في نهاية المطاف، بأنّ السلام العالمي مرتبط باستقرار منطقة الساحل (غربي إفريقيا)”.
وتابع: “لهذا السبب ستجتاز هذه الجهات مرحلة الوعود نحو التجسيد الفعلي، خصوصا في ظل توحّد الصفوف الإفريقية خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 22) في مراكش”.
ودعا القادة الأفارقة، خلال القمة المذكورة، إلى تقدم الدعم من المجتمع الدولي والجهات المانحة، للمرور إلى مرحلة تنفيذ أبرز المشاريع الإفريقية المتعلقة أساسا بالمحافظة على النظام البيئي.
ويعتبر “السور الأخضر العظيم” واحد من أهمّ المشاريع “الواعدة”، المدرجة ضمن أولويات القارة السمراء، وهو مقترح، في 2005، من قبل الرئيس التشادي “إدريس ديبي اتنو” ونظيره النيجري “يوسوفو محمدو”، إلى جانب السنغالي “ماكي سال”، غير أن إطلاقه الفعلي جرى عام 2007.
ويرمي المشروع إلى إعادة تشجير شريط يمتدّ على 7 آلاف كم، من العاصمة السنغالية داكار إلى جيبوتي، لوقف زحف الصحراء الكبرى نحو افريقيا جنوب الصحراء، وفق البنك الإفريقي للتنمية.
غير أن المشروع لم يبصر النور بسبب نقص التمويلات اللازمة، حسب المصدر نفسه. ووفق تقرير “برنامج الأمم المتحدة للبيئة”، باتت قضية وقف تقدم الصحراء ضرورة “ملحة” في ظل ما تعانيه أراضي القارة الإفريقية من عوامل التعرية (عملية طبيعية تؤدي إلى انفصال الصخور أو التربة عن سطح الأرض)، التي تؤثر على 200 طن من المحاصيل الزراعية في الهكتار الواحد سنويا.
وتعد الأمطار من بين أسباب هذه الظاهرة المناخية، بوسط إفريقيا وجنوبها، إضافة إلى المغرب ومدغشقر، في حين تتسبب الرياح في تعرية التربة بمنطقة الصحراء الكبرى وصحراء داناكيل (شمال شرقي إثيوبيا وجنوبي إريتريا) وصحراء ناميب (جنوب غربي ناميبيا).
ووفق دراسة أممية آخيرة شملت 42 بلداً إفريقياً، تفقد القارة السمراء جراء ظاهرة تآكل التربة وتدهور الأراضي، 280 مليون طن من الحبوب سنويا، أي بخسارة قدرت بأكثر من 4 تريليونات دولار، خلال السنوات الـ 15 القادمة، و12.3% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً.
مشروع حظي باهتمام الجهات المانحة الدولية (بينها البنك الدولي والمنظمة العالمية للأغذية والزراعة “الفاو” وبرنامج الأغذية العالمي والاتحاد الأوروبي) منذ إطلاقه، إلا أن هذا “الحماس” خفت بعد مراجعة الأولويات العالمية للبيئة.
ولم يتمكن “السور الأخضر العظيم” من جمع سوى ملياري دولار، من مجموع 3 مليارات، عقب سنوات من التخطيط الاستراتيجي والمسح الميداني. ومنح البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي أكبر قسم من هذا التمويل المقدم، وفق موقع irinnews.org (إيرين نيوز).
** “إعادة تأهيل حوض بحيرة تشاد” المشروع البيئي الثاني في القارة الإفريقية يتمثل في “إعادة تأهيل حوض بحيرة تشاد”.المشروع المقترح من قبل الرئيس التشادي “ديبي اتنو” ونظيره الغيني “ألفا كوندي” يشمل الكاميرون وليبيا والنيجر ونيجيريا وإفريقيا الوسطى وتشاد، الدول الأعضاء بـ “لجنة حوض بحيرة تشاد”، التي تأسّست عام 1964.
ويهدف المشروع إلى إعادة الإحياء الطبيعي والبيولوجي للبحيرة، من أجل مكافحة التصحر والحفاظ على الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، مثل صيد الأسماك وتربية الماشية وتوفير مياه الشرب لفائدة 25 مليون شخص يعيشون في هذه المنطقة.
ووفق خبراء من “لجنة حوض بحيرة تشاد”، تعيش بحيرة تشاد خطر “الاضمحلال” ما من شأنه أن يقوض آمال عشرات الملايين من سكان المدن المطلة على ضفافها. وتشكل البحيرة مصدر الدخل الرئيسي لمنطقة الساحل التي تعيش أساساً من الصيد والزراعة، ما يحتم ضرورة البحث عن مصدر للمياه لهذه البحيرة التي فقدت ما يقرب من 90% من مساحتها المقدرة، منذ 40 عاما، بـ 25 ألف كم مربع.
ويتطلب المشروع 11 مليار دولار لتنفيذه و3 مليارات لدعم وتعويض الأشخاص الذين سيغادرون منازلهم خلال عملية الأشغال، وفق المصدر نفسه. ** حوض نهر الكونغو” “حوض نهر الكونغو”، الذي يعتبر الرئة الثانية للأرض بعد نهر الأمازون، يشكل أحد أبرز المحاور البيئية في إفريقيا التي تناولها مؤتمر المناخ.
وأعلن رئيس الكونغو برازافيل دينيس ساسو نغيسو، خلال لقاء جمع قادة أفارقة على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب 22″، عن انشاء “صندوق أزرق” لإنقاذ “حوض نهر الكونغو”.
وتأثرت عديد الدول الإفريقية (بينها الكونغو الديمقراطية والكونغو برازافيل والكاميرون وإفريقيا الوسطى والغابون, وجزء من غينيا) من تدهور الحوض الذي يشكل 220 مليون هكتار من الغابات.
ودعا رئيس الكونغو برازفيل إلى أن تصبح المشاريع، التي يعتزم الصندوق تمويلها، من قبيل توليد الطاقة الكهرومائية ومعالجة المياه وري الأراضي الزراعية، “هماً مشتركاً” للأفارقة.
وقال نغيسو: “إنقاذ بحيرة تشاد يمر عبر استقرار مياه حوض نهر الكونغو”.في السياق نفسه، قال الخبير “أسازو بانكانا”: “تغيير أوضاع السكان في هذه المنطقة من خلال التنمية الاقتصادية والاجتماعية سيساهم في إرساء السلام وتقديم ضمانات فعالة في مقاومة قضية تجنيد الجماعات المسلحة والمتطرفة وتجار المخدرات لمقاتلين في صفوفهم”.
+ There are no comments
Add yours