اللبنانية “ماريا عراجي”.. طفلة بدرجة فارسة

1 min read

لم تُفتح صالة الشرف في مطار رفيق الحريري الدولي بالعاصمة بيروت، يوما لمن هم في عمر الطفولة. وحدها الطفلة “ماريا عراجي” ابنة الثمانية أعوام استطاعت كسر تلك القاعدة. 

“ماريا” العائدة من مسابقة فروسية الجواد العربي العالمية، وصلت الصالة في أواخر يوليو/تموز الماضي، حاملة لقب “الفارسة الأصغر في العالم”، وسط استقبال رسمي وشعبي.

تُعرّف الطفلة نفسها كما يناديها الآخرون بـ”الأميرة ماريا عمران عراجي”، وتقول للأناضول: “منذ فوزي في المسابقات المختلفة أصبح من حولي ينادونني بأسماء كثيرة كزهرة البقاع وأحياناً أسمعهم يقولون أني نجمة الفروسية اللبنانية، كما قال لي أحدهم أني ملكة الخيل الجميلة”. 

ومثلت “ماريا” لبنان في مسابقة الياسمين التي نظمها نادي “الجواد العربي للفروسية” بالأردن، في يوليو/تموز الماضي، حيث حازت حينها على المركز الثاني في بطولة القفز عن حواجز فئة تسعين سنتيمتر، كما صُنّفت في الوقت نفسه كأصغر فارسة عالمية حسب إدارة النادي والمشرفين على المسابقة.

ابنة الأعوام الثمانية التي سافرت شهراً بمفردها إلى الأردن للمشاركة في المسابقة، تؤكد أنها تمكنت من اجتياز العقبات كلها وسجّلت جولة كاملة بدون أية أخطاء.

وتروي: “الحقيقة في البداية كنت خائفة ومتوترة بعض الشيء، لكنني أَلِفت الجواد بعد أيام وتدربت كثيراً وكنت أهتم به وأعتني باحتياجاته وأُطعمه كما لو أنه لي، حتى أحبني وأحببته ووصلت لهذا الفوز وأصبحت مشهورة”. 

وتشهد بطولة الياسمين الدولية كل عام “مشاركة واسعة من الفرسان العرب والأجانب وتتميز بمنافسة قوية، نظراً لكونها تمتد إلى سبعة وعشرين عاماً تُنَظم فيها المباريات السنوية والدورية”، بحسب “عمران عراجي” مدرب “ماريا”. 

ووفق “عراجي” المدرب، شارك في المسابقة على مدار الأعوام السابقة العديد من كبار أبطال الفروسية، ويقيّم الأداء لجنة متخصصة من مختلف الدولة العربية. 

وشاركت أكثر من 11 دولة أجنبية وحوالي 20 دولة عربية في المسابقة الأخيرة التي نظمت في العاصمة الأردنية عمان، بحسب “عراجي”.

وتقول “رجاء جبري” والدة “ماريا”، إن ما يميز ابنتها بالفروسية يرجع لعدة أسباب أهمها التدريب المبكر الذي تلقته منذ عمر السنتين. 

وتضيف للأناضول: “كانت (ماريا) تجلس بصحبة والدها على الفرس إلى أن استطاعت في عمر الأربع سنوات أن تقود الخيول بنفسها بعد سلسلة من التدريبات التدريجية التي تلقتها في نادي قلعة الفرسان المجاور للمنزل، وتعلمت وهي لا تزال في سن الخامسة القفز لفئة الثمانين سنتيمر”.

وتتابع: “كل يوم يحمل لي شغفها الكبير بالخيول مفاجأة جديدة، بحيث أدخل إلى المنزل أحياناً وأجد دُمية لفرس صغير الحجم يتجول في الغرف برفقة ماريا، وأحياناً تشاطره الطعام الذي تأكله كالشوكولا متصورة أنها تسدي له جميلاً بمشاركته ما تحب”. 

“على الرغم من بعض الشقاوات الطريفة التي تقوم بها ماريا إلا أنها غاية في التنظيم، تهتم بالتفاصيل مستفيدة بذلك من مهاراتها الفروسية، ولا تخلط بين هواياتها والتزاماتها، وهذا ما يُفسّر القدرة العالية عندها على التركيز وتحصيل درجات الشرف في مدرستها”، وفق الوالدة. 

لكنّ الطفلة من جانبها، علقّت على أمها ممازحة: “أنا أحب كل الخيول التي أملك، وأرغب بأن أبقى معها كل الوقت، لكن أمي لا تسمح لي باستضافتها في المنزل وتمنعنا من النوم معا في غرفتي، لهذا اشتريت لعبة (بوني) صغيرة لتنام معي، فهذه هي الحالة الوحيدة التي لا تعترض فيها والدتي”. 

وعن رؤيتها للمستقبل ردت الفارسة الصغيرة بكثير من الثقة بالنفس: “أرغب أن أصبح عالمة وطبيبة عندما أكبر، لكني أتمنى أن أستمر في التدرب كل يوم على ركوب الخيل حتى لو أصبحت مشهورة، لأن النجم يحتاج أن يكرر التمرينات التي يحتاجها لكي يكون حاضرا ومستعدا لأية مباراة أو مسابقة في العالم”. 

“وأنا اتفقت مع والدي أن أكبر وأشارك في الأولمبياد وأفوز بميدالية ذهبية لأبقى أميرة مشهورة”، هكذا تضيف “ماريا”. 

وعن واقع نوادي الفروسية في لبنان، قال المدّرب “عمران عراجي”، إنها “لا تلقى الدعم الحقيقي الذي تستلزمه ولكن تحتكر نواد قليلة الرعاية العالية، والحقيقة انها ليست نواد عامة بل مخصصة للطبقة الأرستقراطية فقط”. 

وعلى الرغم من دخول هذه الرياضة إلى لبنان في الخمسينيات، وفق المدرب نفسه، إلا أنها ما زالت تُعدّ نوعاً من الترف الشخصي بالنسبة لبعض المسؤولين اللبنانيين. 

وخلال حديثه عن نادي قلعة الفرسان حيث تتدرب الطفلة ماريا يعتبره “النادي الوحيد الذي يلبي حاجات الراغبين في الريادة الفروسية على امتداد محافظة البقاع شرقي لبنان في ظل أقل الإمكانيات اللوجستية وأعلى النتائج التدربية”. 

“العراجي”، يراهن على أن ماريا “ستصل يوما إلى الأولمبياد ولن نستسلم قبل بلوغ هذه النتيجة، وذلك لأننا نعتزم دفعها هي وكل متدربينا للمشاركة في المسابقات الوطنية والإقليمية والعالمية على السواء ولدينا طاقات نثق بإمكانية تألقها”.

وينظم نادي الجواد العربي مسابقات سنوية ودورية تستهدف التنافس في كل أقسام القفز الفروسي بدء من القفز على ارتفاع ٨٠ سنتم وصولاً الى ١٤٠سنتم. وشملت المسابقة الأخيرة كل الفئات العمرية وصولاً إلى من هم في عمر الخمسين عاماً.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours