في تذكير بحادثة تفجير كنيسة القديسين التي وقعت بمدينة الإسكندرية شمالي مصر خلال احتفالات عيد الميلاد عام 2011، والذي راح ضحيته نحو 25 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، فُجعت منطقة العباسية ،وسط القاهرة ، يوم الأحد الماضي، بتفجير وقع في محيط المقر الرئيسي للكاتدرائية المرقسية ، خلال إقامة صلوات الأحد، لنتسائل مجددا عن هوية المتورطين في هذه الأعمال التي تعزز الاحتقان بين أقباط مصر ومسلميها.
انفجار الكنيسة البطرسية
التفجير الذي استهدف الكنيسة البطرسية (المجاورة للكاتدرائية) بالعباسية وسط العاصمة، أوقع 25 قتيلاً و49 مصابا ، وفق حصيلة نهائية لوزارة الصحة المصرية .
في حين أكدت مصادر ، أن التفجير تم عن طريق زرع عبوة زنتها 12 كلغ من مادة "تي إن تي" المتفجرة.
وأدان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ، ببالغ الشدة ،العمل الإرهابي الآثم الذي تعرضت له الكنيسة البطرسية .
وذكر في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية :"إن الدماء التي سالت نتيجة هذا العمل الإرهابي الذي وقع في ذكرى المولد النبوي الشريف ، والحادث الأليم الذي استهدف قوات الشرطة الجمعة الماضي ، وجميع العمليات البطولية التي نفذتها قوات الجيش والشرطة في سيناء ، وتدفع فيها ثمنا غاليا من دماء أبنائها ، لهي جميعا فصول من حرب الشعب المصري العظيم ضد الإرهاب ، الذي لن يكون له مكان في أرض مصر ".
وتم تشيع جثامين الضحايا في جنازة عسكرية شارك فيها الرئيس "السيسي" .
ووصف البابا تواضروس الثاني، بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، التفجير بأنه "مصاب مصر كله، وليس الكنيسة الأرثوذكسية فقط".
وأضاف في قداس جنازة ضحايا التفجير : "عزاؤنا في اهتمام الدولة وتكريم هؤلاء الشهداء".
وتظاهر عشرات الأقباط خارج كنيسة العذراء مرددين هتافات مناوئة لوزارة الداخلية، كما احتجوا على منعهم من دخول الكنيسة لحضور القداس.
وفرضت الشرطة طوقا أمنيا حول الكنيسة والشوارع المؤدية لها، ومنعت دخول أي شخص باستناء أهالي الضحايا.
واللافت أن تفجير الكاتدرائية الذي تزامن مع الاحتفال بذكرى المولد النبوي، وخلال إقامة قداس الأحد داخل الكنيسة الأكبر في مصر، جاء بعد أيام قليلة من وقوع تفجير في منطقة الطالبية بمحافظة الجيزة (جنوب العاصمة) أوقع ستة قتلى من أفراد الشرطة، وآخر في محافظة كفر الشيخ (شمال) أدى إلى مقتل مواطن وإصابة ثلاثة شرطيين.
ورُصدت ثمانية أوجه للشبه بين تفجير كنيسة البطرسية في القاهرة الذي وقع الأحد 11/12/2016، وبين تفجير كنيسة القديسين في الاسكندرية الذي وقع في 1/1/2011 قبل أسابيع من ثورة يناير.
الأعياد
استهدف تفجير رأس السنة الميلادية، كنيسة القديسين بالاسكندرية صباح السبت 1 يناير 2011، في الساعة 12:20، أي ليلة احتفالات رأس السنة الميلادية.
وانفجار الكنيسة البطرسية ، في قداس الأحد، و اقتراب فترة الأعياد أيضا.
وقت الصلوات
كانت الفتيات والسيدات والأطفال يتضرعون إلى الله، الأحد، في أثناء القداس الإلهي وقت "التناول"، بالتزامن مع استعداد المسيحيين هذه الأيام إلى الصلوات والسهرات حتى طلوع الفجر، التي تعقد في الكاتدرائية العباسية، وهو ما يتشابه مع تفجير كنيسة القديسين، وقت صلوات ليلة الميلاد.
ضعف الوجود الأمني
حيث رُصد مشاهد موثقة عن حادث كنيسة القديسين الشهير، الذى أكد قلة عدد الأمن الموجود أمام الكنيسة، رغم أنها كانت فترة تحفل بأعياد الميلاد، وحين كان الشارع مزدحما بالأقباط لم يكُن هناك قوة تأمين، سوى ضابط شرطة و3 أفراد أمن يقفون على جانب الكنيسة، فيما كانت تتراص السيارات على جانبي الطريق ومن ضمنهم السيارة التي كانت مُلغمة بالعبوة الناسفة.
وهو ما يتشابه مع ما حدث في الكنيسة البطرسية أيضا، حيثُ أكد شهود عيان أن الأمن الموجود كان قليلا، وسيطرت الأجواء الهادئة على المشهد بشكل كبير.
كثرة أعداد الضحايا
عقب حدوث انفجار الكنيسة البطرسية، أعلنت وزارة الصحة والسكان، ارتفاع عدد المصابين في التفجير الإرهابي إلى 49 حالة إصابة معظمهم من السيدات والأطفال، و25 وفاة بينهم جثتان عبارة عن أشلاء مجهولة الهوية.
وعقب تفجير كنيسة القديسين، أفادت مصادر في مديرية الصحة بمدينة الاسكندرية المصرية، أن عدد ضحايا تفجير كنيسة قبطية بالمدينة في أول أيام العام الجديد ارتفع إلى 23 قتيلا بعد وفاة مصاب، فيما قال مسؤول في وزارة الصحة إن عدد القتلى الذين تحددت شخصياتهم بلغ 18، لكن العدد يمكن أن يكون 22 لوجود أشلاء انتشلت من مكان الانفجار.
الإرهاب
عادة ما يكون المتهم في تلك الحالات واحد، وهو "الإرهاب"، وعقب حادث الكنسية البطرسية، قال رئيس الطائفة الإنجيلية في بيان صدر عن المكتب الإعلامي فور وقوع الحادث، إن مثل هذه الأعمال الإرهابية لن تثني أبناء الوطن عن الوقوف صفا واحدا في مواجهة الإرهاب، الذي يسعى إلى زعزعة أمن واستقرار الوطن.
وهو ما يتشابه أيضا مع حادث تفجير كنيسة القديسين، حيثُ صرح مصدر أمني بوزارة الداخلية المصرية، أنه باستكمال عمليات الفحص لواقعة الانفجار الذي وقع أمام كنيسة القديسين، فقد تأكد عدم وجود نقطة ارتكاز للتفجير بإحدى السيارات أو بالطريق العام، بما يرجح أن العبوة التي انفجرت كانت محمولة من شخص انتحاري لقي مصرعه ضمن الآخرين.
الإدانة
أدان الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، الحادث الإرهابي الذي وقع صباح الأحد، بمحيط الكنيسة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
و أكد البابا تواضروس الثانى، أن مصاب تفجير الكنيسة البطرسية ليس مصاب الكنيسة فقط، ولكنه مصاب كل الشعب المصرى ،
وأضاف " اننا نتألم كثيرا لانتقال الأحباء ونتألم لهذا الشر ولشكل الشر، الذى تخلى عن كل إنسانية والمشاعر التى أوجدها الله فى الإنسان، وصار أداة فى يد أشرار يؤذون بها مشاعر الوطن".
وكتب المرشح الرئاسي السابق وزعيم حزب "مصر القوية" عبد المنعم أبو الفتوح، على حسابه في موقع تويتر: "انفجار العباسية عمل خسيس وخائن ويتسم بالبشاعة والدناءة ولا مرجعية دينية ولا أخلاقية ولا سياسية له؛ إن لم تتوحد صفوفنا فوراً فسنهلك ويهلك الوطن".
في حين عبر وزير الخارجية والتعاون الدولى الإماراتى الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان،عن أدانته بشدة الهجوم الإرهابى وأكد وقوف دولة الإمارات قيادة وحكومة وشعبًا مع جمهورية مصر العربية الشقيقة فى مواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله.
فيما بعث أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح برقية عزاء إلى الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، عبر فيها عن خالص تعازيه وصادق مواساته لضحايا الانفجار الإرهابى، وأكد استنكار دولة الكويت وإدانتها الشديدة لهذه الأعمال الإجرامية الشنيعة التى تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار فى مصر.
وقَدَّمَ رئيس دولة فلسطين محمود عباس أبو مازن، تعازيه للرئيس عبد الفتاح السيسى، فيما عبرت الأردن عن استنكارها للحادث الإرهابى.
وأدان البرلمان العربى فى جلسته المنعقدة فى مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية فى القاهرة التفجير الإرهابى، وأشار البرلمان إلى أن استهداف دور العبادة وقتل الأبرياء أعمال إرهابية جبانة تخالف تعاليم الأديان السماوية كافة.
فيما عبرت عدة دول أجنبية عن إدانتها للهجوم الإرهابى الذى استهدف الكنيسة البطرسية .
حيث أعلنت فرنسا تضامنها الكامل مع مصر عقب الحادث الإرهابى، وقال وزير الخارجية الفرنسى جون مارك إيرولت فى بيان له: "لقد تلقيت بحزن نبأ الهجوم البغيض الذى وقع صباح اليوم، وقت قداس الأحد، بالكنيسة البطرسية بالقاهرة، ما أسفر عن وقوع العديد من الضحايا"، معربا عن تعازيه لأسر الضحايا، ومتمنيًا الشفاء العاجل للمصابين.
و نعت السفارة الأميركية فى القاهرة فى تغريده على "تويتر" ضحايا انفجار الكاتدرائية، واصفة الهجوم بـ"البغيض".
وأدان رئيس البرلمان الأوروبى "مارتن شولتز" حادث انفجار الكنيسة البطرسية ووصفه بـ"الشنيع".
وشهد حادث تفجير كنيسة القديسين ايضا، إدانات مصرية وعربية وعالمية.
تعليق البرادعي
خرج الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عقب تفجير كنيسة القديسين، 2011، ليوجه رسالتين على صفحته الخاصة على م"تويتر"، أول أيام العام الجديد، وقدم البرادعي في أول رسائله العزاء للمسيحيين بعد الحادث الأليم الذي شهدته كنيسة القديسيين بالإسكندرية، وقال: "سلام الله على شهداء كنيسة القديسين، كفانا استخفافا بعقول الشعب"، مضيفا: "لدينا نظام عاجز عن حماية مواطنيه، لذا فهو نظام آن الآوان لرحيله".
وعقب انفجار الكنيسة البطرسية، خرج أيضا وكتب في حسابه على "تويتر": "الإرهاب الأسود مدان بكل أشكاله ومهما كانت دوافعه"، وقال: "العنف لا يولد إلا العنف، ومُجتمع يتسع للجميع قائم على العدل والحرية والكرامة هو مخرجنا".
الغضب
عادة ما يسيطر الغضب على الجميع أوقات الأحداث المأساوية، حيث رُصدت مشاهد الغضب من أهالي الضحايا بعد الانفجار، و تظاهر العشرات من أمام الكنيسة البطرسية بالعباسية، احتجاجًا على حادث الانفجار، مرددين هتافات منددة بالإرهاب . ومطالبين أجهزة الأمن بسرعة ضبط الجناة وتكثيف الجهود لملاحقتهم.
وهو ما حدث أيضا وقت تفجير كنيسة القديسين، حيثُ خرجت عدة مظاهرات في أوقات متزامنة بالقاهرة للتنديد بأحداث كنيسة القديسين بالإسكندرية، حمل خلالها المتظاهرون الصلبان ورددوا هتافات تندد بالتفجير الإرهابي، فيما وقعت صدامات عنيفة بين الأمن والمتظاهرين .
ويعد حادث الكنيسة البطرسية ، أول تفجير على الإطلاق يشهده محيط المقر الرئيسي الكنسي للأقباط الأرثوذكس الذين تقدرهم الكنيسة المصرية رسميا بـ 15 مليونا نسمة، حيث يمثلون العدد الأكبر من المسيحيين في مصر.
+ There are no comments
Add yours