القنوات والإذاعات الخاصة بموريتانيا.. 6 سنوات على التحرير

1 min read

6 سنوات مضت على إنهاء الحكومة الموريتانية سيطرتها على المجال السمعي البصري في البلاد، بعد عقود من إحكام قبضتها على هذا القطاع.

وعقب إعلان الحكومة رسمياً عن تحرير الفضاء السمعي والبصري، منتصف 2011، شهدت البلاد ما يشبه "الثورة" في مجال الإعلام، فظهرت 10 قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية خاصة دفعة واحدة.

وظهرت حينها القنوات "شنقيط"، "دافا"، "المرابطون"، "الوطنية"، و"الساحل"، ويغلب عليها الطابع العام غير المتخصص، ومن أبرز المحطات الإذاعية "موريتانيد"، و"صحراء مدينا".

وبعد هذه السنوات باتت تلك القنوات والمحطات الخاصة تعاني أزمة وجود بسبب قلة المنتج الإعلامي، وضعف سوق العرض الناجم عن تدني الكثافة السكانية (نحو 4 ملايين نسمة)، وغياب الاهتمام بالمخرجات الإعلامية، وفق خبراء وعاملين بالمجال.

وشكا المشرفون على القنوات الخاصة بموريتانيا من كساد سوق الإعلانات وغياب أي اهتمام لدى رجال الأعمال بالاستثمار في مجال الإعلام التلفزيوني.

وقال رئيس تحرير قناة "الساحل" (خاصة) عبد الله ولد الناهي، إن جميع القنوات الخاصة في البلاد، تواجه صعوبات في الاستمرار، أبرزها غياب التمويل طويل الأجل، وصعوبة الولوج للمعومات الرسمية الموثوق بها.

وأشار، في حديث للأناضول، إلى أن غياب ثقافة الاستثمار في الإعلام لدى جميع رجال الأعمال في البلاد، جعلت من مهمة تسيير قناة الخاصة بالشكل المطلوب أمراً "شبه مستحيل".

ولفت إلى أن جميع القنوات تعاني أزمات مالية خانقة وجميعها لم تعد قادرة على سداد رواتب موظفيها بشكل منتظم.

كما كشف عن أزمة أخرى بنيوية تواجه القنوات الخاصة، تتعلق بالحصول على المعلومات الرسمية الموثوق بها.

وفي هذا الصدد، قال والد الناهي،: "إذا أردت أن تبحث معلومة صحيحة من جهات حكومية، فإنك تصطدم بعقبات لا حدود لها".

وأرجع السبب في ذلك إلى أن أغلب الموظفين "ليسوا مخولين بالحديث للإعلام" والجهات المسموح لها بالحديث للإعلام لا تتعاطي بالقدر الكافي مع القنوات الخاصة، حسب قوله.

من جهته، رأى محفوظ ولد السالك، رئيس تحرير قناة "المرابطون" (خاصة) أن احتكار الإعلام الرسمي للمعلومات "أضعف" من أداء القنوات الخاصة.

وقال، للأناضول، إن السلطات "ترفض" تزويد القنوات الخاصة بالمعلومات والأخبار الحكومية، "ولا تمنح منها إلى النزر اليسير ويكون عادة للاستهلاك والتسويق".، وفق تعبيره.

ويعد تنظيم سوق الإشهار (ينظم العلاقة بين مختلف الفاعلين بالمجال) في البلاد أبرز مطلب للصحافة الموريتانية بشكل عام، لا سيما القنوات الخاصة منذ تأسيسها.

وطالبت نقابة الصحفيين الموريتانيين (غير حكومية)ـ في أكثر من بيان، الحكومة بالإفراج عن قانون الإشهار وإيجاد سوق منظم للإعلانات، غير أن الحكومة لم تتقدم بعد بأي قانون ينظم المجال.

وأضاف رئيس تحرير "المرابطون" إن غياب سوق للإشهار في موريتانيا، وغياب إطار قانوني ينظم ذلك، ضاعف من حجم الوضع المادي للقنوات الخاصة، وبات يهدد استمرارها بشكل واضح للجميع.

وأضاف ولد السالك: "الوضع المادي لدى المؤسسات الإعلامية، وخصوصا القنوات التلفزيونية الخاصة يعتبر صعبا، إذ ليس بمقدور هذه المؤسسات، أو بالكاد، تستطيع توفير رواتب عمالها، وكثيراً ما تتراكم لأشهر دون أن يتم التسديد".

أستاذ الحضارة والإعلام، بجامعة العلوم الإسلامية في لعيون (شرق)، يعقوب ولد محمد الأمين، اعتبر أن التحديات تجعل من استمرارية القنوات الخاصة أمراً "شبه مستحيل".

ولفت، إلى أن أن ما يفاقم المر تطور الإعلام الجديد بموريتانيا، وانتشاره، خصوصاً بين فئة الشباب، النسبة الكبيرة من المجتمع، والتي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي بدرجة أكبر.

واعتبر أنه من الصعب استمرار القنوات الخاصة بشكلها الحالي، نظرا لأن البدائل "متوفرة، وبدون تكلفة مادية كبيرة، ولا وقيود مهنية مطلوبة، أو شروط لازمة".

وأشار أن تلك المنافسة رافقها كذلك تحديات، لا حصر لها، "تتمثل في نقص الكوادر القادرة على القيام بأعباء ومستلزمات العمل الصحفي المهني بالقنوات".وفي هذا الصدد، أكد ولد محمد الأمين أن أغلب العاملين في القنوات الخاصة، قادمون من الصحافة الورقية أو مجرد هواة وهو مايشكل عقبة كأداء أمام تطور المنتج والتغلب على المشاكل الفنية.

وقال إن نشأة الإعلام السمعي البصري الخاص في البلاد تميزت بوجود فائض في العرض مقارنة مع الطلب، ومع حجم الإنتاج السياسي.

واعتبر أن ما يوفره المشهد الموريتاني من معطيات ومعلومات لاتحتاج إلى عدد القنوات والإذاعات، التي تم الترخيص لها، (5 قنوات تلفزيونية خاصة، و5محطات إذاعية خاصة)، بالإضافة للمحطات الإذاعية والتلفزيونية الحكومية.

كما حمل تلك القنوات جانباً من المسؤولية بالقول إن محتواها "عشوائي ومكرر"، ويفتقد لأي خطط برامجية علمية محكمة.

واستشهد ولد محمد الأمين بأن أغلب البرامج "مسجلة"، وتميل إلى السرد، ولاتمت بصلة إلى الإنتاج النوعي الجاذب للمشاهدين.

واقترح الأكاديمي الموريتاني، لاستمرار تلك القنوات، "الاندماج" في وسيلة سمعية بصرية واحدة أو اثنتين، والتكتل في مجموعة قادرة على تلبية حاجات المشاهدين.

ورأى أن تلك الخطوة من شأنها خلق كيان قادر على تحمل الأعباء المالية والمهنية والفنية التي يتطلبها الإعلام. 

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours