أبوبكر أبوالمجد
أقام معهد البحوث والدراسات العربية، بالتعاون مع سفارة كازاخستان بالقاهرة، اليوم الخميس، ندوة حول العلاقات العربية الكازاخية، حضرها وحاضر فيها نخبة من الأساتذة والباحثين المهتمين بالعلاقات العربية مع كازاخستان وشؤون آسيا بوجه عام.
افتتح الندوة في جلستها الأولى مدير المعهد الدكتور فيصل الحفيان، والذي أبدى سعادته بإقامة هذه الفعالية بمعهد البحوث والدراسات العربية، وأحد أهم وأعرق المراكز البحثية في مصر والعالم العربي.
وحيّ الحفيان الجهود التي تبذلها القيادة السياسية في كازاخستان وعلى رأسها نور سلطان نزارباييف من أجل تحقيق النهضة والرفاهية للشعب الكازاخي ومد الجسور مع الدول العربية وخاصة مصر، كدولة محورية.
وقدم بدوره مدير معهد البحوث العربية سفير جمهورية كازخستان بالقاهرة أرمان إساغالييف، ليلقي كلمته.
وفي كلمته أشاد إساغالييف، بمعهد البحوث والدراسات العربية ودوره الرائد في مد جسور التعاون بين الدول العربية والإسلامية بوجه عام والدول العربية ودول العالم بوجه عام.
وقدم السفير شكرًا خاصًا لكلا الدكتورين فيصل الحفيان، مدير المعهد، ومحمد الطناحي، رئيس قسم البحوث والدراسات بالمعهد، على تعاونهما البنّاء في الإعداد والتنظيم لهذه الندوة.
كما هنأ إساغالييف الشعب المصري بإعادة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي لدورة ثانية، متمنيًا له ولمصر الاستقرار والازدهار ومواصلة الإصلاحات الناجحة.
وكشف السفير الكازاخي عن الدور الذي لعبه الرئيس نور سلطان نزارباييف في تجاوز كازخستان للعديد من الصعوبات والعقبات بمختلف أنواعها وأشكالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتى صارت اليوم مؤهلة للمنافسة في كل مناحي الحياة، ونموذجًا ديمقراطيًا يحتذى.
وأضاف إساغالييف، إن كازاخستان هي الشريك المستقر في منطقة آسيا الوسطى، وقد أثبتت نفسها كدولة أوروآسيوية تتطور بصورة متسارعة وفق أسس اقتصاد السوق، وتحقيق الوفاق الإثني والديني، وبناء أسس السياسة الخارجية البرجماتية متعددة الأقطاب.
وأوضح السفير أن الاستقرار السياسي الداخلي كان عنصرًا حاسمًا في نجاح كازخستان على الساحة الدولية، وقد نالت الاحترام الدولي نظرًا لذلك بفضل التنفيذ الناجح للبرامج الاستراتيجية التي أطلقها الرئيس نور سلطان نزارباييف كاستراتيجية "كازاخستان 2030 و 2050" و"نورلي حول" و"100 خطوة محددة".
وأفاد إساغالييف، أن هذه الاستراتيجيات الموضوعة من القيادة السياسية تأتي في إطار سعيها لتحصين مسيرة تحديث الدولة، ووضعها بين الثلاثين دولة الأكثر تقدمًا في العالم، من التعثر حال حدوث أي أزمة عالمية.
ولفت سفير كازاخستان بالقاهرة أن الرئيس نزارباييف أوصى في يناير الماضي بضرورة خلق نموذج جديد للنمو الاقتصادي من أجل تحقيق التحديث الثالث، وتضمن خطاب الرئيس الكازاخي عشرة اتجاهات لتحقيق هذا التحديث، منها رقمنة عمليات الإنتاج والتوسع في نماذج الأعمال الحديثة وتحسين كفاءة استخدام الموارد وتطوير مجمع الصناعات الزراعية إلى مستوى تكنولوجي جديد ومواصلة تطوير البنية التحتية للنقل واللوجيستيات، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في البناء والمرافق العامة وإعادة إطلاق القطاع المالي وتحسين نوعية رأس المال البشري والإدارة الفعالة للدولة والالتزام بسيادة القانون ومحاربة الفساد وإدخال تكنولوجيا المدن الذكية.
ونظرًا لإدراك القيادة السياسية الكازاخية المبكر لأهمية التكنولوجيا ودورها الحاسم في النهضة الاقتصادية للمجتمعات المتحضرة حول العالم سابقًا ولاحقًا، فقد كان لتحسين ورفع إنتاجية العمل في قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات كبير الرعاية من القيادة السياسية.
كما أشار السفير الكازاخي إلى إصرار الدولة على تحسين مستقبل الكازاخيين بإدخال طرق جديدة في دراسة اللغات خاصة الروسية والإنجليزية، بالإضافة إلى الإصلاحات الخمس الاجتماعية التي تناولها الرئيس نور سلطان نزاربايبف والتي منها مسكن لكل أسرة وتخفيف العبء الضريبي وزيادة أجور العمال وزيادة فرص الحصول على تعليم عالي وتحسين الظروف المعيشية للطلاب، والتوسع في القروض متناهية الصغر ومواصلة توصيل الغاز بكازاخستان.
وربط السفير إساغالييف، بين رؤية مصر 2030 وخطابي الرئيس نزارباييف "إمكانيات التنمية الجديدة في ظروف الثورة الصناعية الرابعة" و"خمسة إصلاحات اجتماعية"، معتبرًا كونهما خارطة طريق لمستقبل أفضل لكلا البلدين وشعبيهما.
وبدوره أكد الدكتور محمد الطناحي على أن كازاخستان هي أكبر دولة إسلامية، لافتًا إلى امتلاكها للعديد من الموارد الاقتصادية حيث امتلاكها لمعدلات وفيرة من النفط والغاز ومعادن أخرى، إضافة إلى ثروة زراعية وحيوانية كبيرة.
وألمح الطناحي إلى ما تتميز به الثقافة الكازاخية عن غيرها من الثقافات في الأقاليم المجاورة لها، نظرًا لما تتمتع به من تنوع إثني حيث يعيش على أرضها أكثر من 130 إثنية.
وأشار رئيس قسم البحوث والدراسات بالمعهد إلى الطفرة الدبلوماسية والعلاقات الواسعة لكازاخستان مع جميع دول العالم في ظل قيادة حكيمة من الرئيس نزارباييف.
أما الدكتور عبدالرحمن حجازي، فقد أشاد بدور الكازاخ في الحضارة الإنسانية بوجه عام والإسلامية على وجه الخصوص، مشيرًا إلى علماء وقيادات كازاخية أثرت في الإنسانية كالفارابي، واهتمام الدولة الكازاخية بتعليم اللغة العربية مشيرًا إلى وجود خمس جامعات تدرس اللغة العربية وكذلك قامت الدولة بوضع العربية كمادة اختيارية في المدارس الحكومية.
ولفت حجازي إلى عشق الكازاخ للغة العربية وخاصة الثقافة المصرية، مضيفًا أن الموروث الثقافي الكازاخي كان يكتب باللغة العربية حتى العام 1928.
كما استعاد الباحث أحمد طرابيك كلمات السفير أرمان إساغالييف، في حديثه عن النهضة الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يقودها الرئيس نورسلطان نزارباييف، والتي ترتكز على التنمية الاقتصادية التي تناولها نزارباييف في استراتيجية 2050، موضحًا تفصيلًا المحاور التي تقوم عليها هذه الاستراتيجية.
وبعد جلسة الاستراحة افتتح إيلمان جولداسوف المستشار الثقافي لجمهورية كازاخستان بالقاهرة الجلسة الختامية للندوة، والذي قدم فيها استعراضًا تاريخيًا لدور كازاخستان التاريخي والمعاصر، وكيف يمكن للعالم العربي وفي قلبه مصر الاستفادة من موقع كازاخستان الرابط بين أوروبا وآسيا في التجارة والسياحة وإمكانية مد الجسور بصورة أقوى بين العرب وكازاخستان، وبالعكس كيف يمكن أن تستفيد كازاخستان بنفس الطريقة، بما يحقق الرفاهية للبلاد العربية وكازاخستان.
ثم أعطى جولداسوف الكلمة للأستاذة الدكتورة ماجدة صالح، العميد السابق لكلية السياسة والاقتصاد بجامعة القاهرة، والرئيس السابق للعديد من المراكز البحثية لدول آسيا والتي منها اليابانية والماليزية والكورية والصينية وغيرها، والتي أشادت بالسياسة الخارجية لكازاخستان والتي جعلتها تقيم علاقات مع 138 دولة حول العالم، وتمتلك 70 بعثة دبلوماسية، معتمدة في سياستها على المنافع المشتركة وعدم التدخل في شؤون الدول.
كما أشارت لرؤية القيادة المصرية المعتبرة لكازخستان في هذه المرحلة ولأهمية مد الجسور معها، لما لها من ثقل في قاراتي آسيا وأوروبا، وما يمكن أن تقدمه للدولة المصرية في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية منها، حيث لفتت صالح، إلى صناعة الدواء المصري ومدى ثقة دول آسيا الوسطى فيها، آملة أن يتم البدء في إقامة المشروع المصري الكازاخي لإنتاج الدواء والذي رصد له 80 مليون دولار، وضرورة الاستفادة من التجربة الكازاخية خاصة في نقل التكنولوجيا ومجالات الاستشعار عن بعد وما يعرف بالاقتصاد الأخضر، حيث التنمية دون تلوث يمس من نظافة البيئة وصحة الإنسان.
وعادت صالح لتؤكد أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل أكثر من عامين تأتي دلالة على تقدير القيادة المصرية للدور المحوري الذي تلعبه كازاخستان في السياسة الآسيوية والدولية ودورها في حفظ الأمن والسلام العالمي، وإذا كانت كازخستان بوابة مصر لمنظمة شنغهاي التي تسعى لعضويتها فضلا عن أنها بوابة لأوروبا وآسيا، تبقى مصر أيضا بوابة هامة لإفريقيا بالنسبة لكازاخستان.
وبدوره لفت الدكتور أشرف سمير إلى أن ثمة مجالات عديدة يمكن الاستفادة فيها من كازاخستان، وبخاصة مجالي التكنولوجيا والسياحة، لافتًا إلى عشق الكازاخ للحضارة المصرية، وتزايد عدد زوارهم إلى مصر.
كما أشار أشرف، إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لم يزل صغيرًا وهو يصب في صالح كازاخستان التي تورد لمصر 185 نوعًا بينما تصدر مصر لكازخستان 65 نوعًا فقط.
واختتم الندوة المستشار الثقافي لكازاخستان إيلمان جولداسوف، حيث أكد على رغبة الشعب الكازاخي في التقارب مع مصر، ورغبة القيادة السياسية الكازاخية كذلك في تمتين هذه العلاقات، خاصة أن الرؤى المصرية وخاصة في الكثير من السياسة الخارجية والتي على رأسها الموقف من حل القضية الفلسطينية ونزع أسلحة الدمار الشامل تأتي متطابقة، وليست فقط متشابهة، ما يجعل التقارب بين الدولتين ضروري ومفيد لكلا الشعبين في البلدين.
+ There are no comments
Add yours