بعد مرور عامين على توليه رئاسة كولومبيا، وتحديداً في 27 أغسطس/آب 2012، أعلن خوان مانويل سانتوس، الذي شغل وزارة الدفاع سابقاً، عن إطلاق عملية السلام مع تنظيم “القوات المسلحة الثورية الكولومبية”، المعروفة اختصاراً بـ”فارك”، بعد عقود من الصراع، الأمر الذي أفضى أخيراً إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار، في 23 يونيو/حزيران الماضي، ثم توقيع الاتفاق بعد ذلك وإجراء استفتاء عليه.
وبالرغم من رفض الاتفاقية في الاستفتاء، الذي نظم في 2 أكتوبر/تشرين أول الجاري، بأغلبية 50.2%، إلا أن اللجنة المنظمة لجائزة “نوبل” للسلام اختارت، أمس الجمعة، الرئيس الكولومبي لنيلها، تثميناً لجهوده في إحلال السلام في بلاده.
وُلد سانتوس في العاصمة الكولومبية، بوغوتا، عام 1951، لعائلة ثرية، والتحق بالقوات البحرية أثناء دراسته الثانوية حتى عام 1971، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الاقتصاد، ومنها إلى لندن، حيث حصل على درجة الماجستير، ثم إلى بلاده ليبدأ حياته السياسية عام 1991.
تقلد سانتوس عدداً من الوزارات منذ العام 1991، حتى استقر في وزارة الدفاع عام 2006، حيث شهدت فترته معارك ضارية بين القوات الحكومية وقوات حركة “فارك”، وتمكن من تحقيق عدد من الانتصارات، الأمر الذي عكر صفوه قيام ضباط وجنود من الجيش الحكومي بإجراء إعدامات ميدانية متجاوزة القضاء، عام 2008، وترتب على ذلك تسريح وإحالة أعداد كبيرة إلى المحاكم في مايو/أيار 2009.
استقال سانتونس من وزارة الدفاع في 23 مايو/أيار 2009، ليعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران 2010، والتي فاز فيها بعد جولتين، ونصب رئيساً للبلاد في 7 أغسطس/آب 2010، ليطلق بعدها بعامين جهوداً لتسوية النزاع مع “فارك”.
ترشح مجدداً للاحتفاظ بمنصب الرئاسة عام 2014، وبالرغم من حلوله ثانياً في الجولة الأولى، إلا أنه تمكن من الفوز في الجولة الثانية بفارق ضئيل، ليتمكن بعدها من مواصلة جهوده في إحلال السلام بالبلاد.
سانتوس، المعروف بإعجابه بالزعيم الجنوب إفريقي الراحل “نيلسون مانديلا”، وبتعليقه زرا على شكل حمامة سلام بيضاء لا يفارقه، على قميصه، كان من أشهر تصريحاته ما أدلى به الأحد الماضي عقب نتائج الاستفتاء حين قال: “سأواصل البحث عن السلام حتى اللحظة الأخيرة من ولايتي، لأنه الطريق الواجب سلوكه لنترك بلدا أفضل لأولادنا” مضيفا أن “نتيجة الاستفتاء لن تؤثر على استقرار البلاد”.ويعود الصراع في كولومبيا إلى العام 1950، عندما هرب العديد من الثوار الكولومبيين الليبيرليين والشيوعيين من اعتداءات العسكريين التابعين للسلطات الحكومية إلى المناطق الشرقية غير المأهولة، وأعلنوا إقامة دولة مستقلة لهم بعيداً عن “ظلم الطبقة الحاكمة البرجوازية”، وفي عام 1966 أعلنت القوات المسلحة الثورية الكولومبية عن نفسها رسمياً، واستمرت المواجهات المسلحة مع الجيش الكولومبي حتى توقيع الاتفاق الأخير.
وأسفر الصراع المسلح بين القوات الحكومية وحركة “فارك”، عن مقتل 300 ألف شخص، وتشريد 6.5 ملايين مواطن، وفق تقديرات رسمية.
وأثارت نتائج الاستفتاء على اتفاق السلام الأخير، مخاوف من انهيار العملية برمتها، إلا أن الطرفان أكدا، أمس الجمعة، على مواصلة المباحثات، بحسب صحف كولومبية محلية. –
+ There are no comments
Add yours