>> المجلس العسكري ارتكب أخطاءً رهيبة وزرع بذور الفشل التي جاءت بـ"مرسي" رئيسًا
>> إصلاح مصر يبدأ بضمان انتخابات رئاسيه نزيهه فى 2018 وإلا فثورة الجياع قادمة
>> كنا نأمل أن يكون السيسي منقذّا لكنه أعاد نظام مبارك بأسماء ووجوه مختلفة ولن يستمر
>> إذا سلم "السيسي" تيران وصنافير للسعودية فسيكون خطؤه أكبر من أخطاء مبارك فى 2010
>> ليس عندنا سلطة تشريعية ومجلس الشعب امتداد للسلطة التنفيذية
>> النظام الحالى يعيد دولة مبارك ويقود مصر إلى الهاوية
>> المشروعات القومية غير المحسوبة هى السبب فى أزمة الدولار و"السيسي" يقود الاقتصاد المصرى بطريقة عشوائية
>> لولا انحراف خارطة الطريق لصناعة دولة "السيسى" لكان لمصر شأن آخر
>> قضية آية حجازي دللت أن التهم التي أدانتها كانت ملفقة وأننا نخضع للضغوط الأجنبية
>> إيجاد علاقات جيدة بين مصر والسعودية من شأنه إنقاذ الدول العربية مما يهددها من مخاطر
كتب: أحلام عبدالرحمن وشريف المصري وشعبان حمزة
دكتور حسن نافعة.. هو أحد هؤلاء القلائل الذين استوقفتهم "آسيا اليوم" لتدير معهم حوارًا ينبض بحب مصر وأماني مخلصىة لأن تخرج من محنتها وربما رسم ملامح طريق الخلاص.
نافعة هو الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، حصل على دكتوراه الدولة في العلوم السياسية من جامعة السوربون بفرنسا عام 1977بمرتبة الشرف الأولى وعمل أستاذًا زائرًا في العديد من الجامعات المصرية والعربية والدولية, وحاضر في العديد من المعاهد الدبلوماسية التابعة لوزارات الخارجية في مصر وعدد من الدول العربية، خاصة المعهد الدبلوماي بسلطنة عمان.
أختير أستاذ العلوم السياسية بإجماع القوى السياسية المصرية منسقًا عامًا للحملة المصرية ضد التوريث ثم للجمعية الوطنية للتغيير، وهو عضو الهيئة الاستشارية لمجلة السياسة الدولية التي تصدر عن مؤسسة "الأهرام"، وحصد العديد من الجوائر, منها جائزة الدولة التشجيعية في العلوم السياسية وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية.
وإلى أعماق تصريحات أحد شيوخ السياسة المصرية المحنكين..
هل أنت راض عن المتحدثين الآن في الشئون السياسة لمصر من إعلاميين وخبراء؟
إننى رجل بلغ السبعين عاماً.. عشت عصر عبدالناصر كاملاً وعصر أنور السادات وعصر حسنى مبارك وعصر محمد مرسى وعصر عدلى منصور, واليوم أعيش عصر السيسي الذي لم ينته بعد ولا نعرف كيف سينتهي، ويمكنني القول أن الإعلام الحالي في مصر هو الأسوأ عبر كل العصور والقيود المفروضة عليه اليوم تكاد تفوق القيود التي فرضت عليه في عهد مضى، فإعلام ناصر كان موجهًا ولم يكن إعلاما حرا لكنه كان صاحب رسالة وكان يعبر عن مشروع وطني، بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع تفاصيل هذا المشروع, وكان يقوده إعلاميون كبار من الناحية المهنية.
أما إعلام اليوم فأصبح مهنة من لا مهنة له, وبالتالي هو إعلام مأزوم, وأزمته جزء من أزمة عامة تمس كل قطاعات الدولة، حيث لا يوجد قطاع تسطيع أن تقول أنه يمارس دوره بشكل مهني، فالأزمة تضرب المجتمع المصري ككل.
وماذا عن السياسيين؟
لا توجد فى مصر مؤسسات سياسية حقيقية, بما في ذلك مؤسسة الرئاسة، فكلها مؤسسات الرجل الواحد وتفتقر إلى المهنية والخبرة ويغيب المنهج العلمي تماما عن أدائها.
ورغم كوني باحثا في العلوم السياسية, لكن لو سألتني من هم مستشارو الرئيس فلن أستطيع أن أجيبك, فأنا لا اعرف من هم مستشاري الرئيس وماهى مؤهلاتهم, باستثناء شخصية وحيدة سمعنا عنها وتشغل رسميا منصب مستشار الرئيس للأمن القومى وهي السفيرة فايزة أبو النجا؛ لكنني لا أعرف, ولا أظن أن غيري يعرف ماهو دورها؟ وماذا تفعل؟ ولا أحد يعرف من هم مستشارو الرئيس فى السياسات الخارجية أو الداخلية أو من توكل إليهم إدارة الأزمات التي تعصف بالوطن؟
وأظن أن الرئيس ليس لديه مستشارون حقيقيون لأنه لا يستريح إلا للعسكريين ولا يثق إلا فيهم وفي رجال الأمن ويعتمد عليهم اعتمادا كاملا فى كل المجالات، إذن نحن نعيش بالفعل دولة الرجل الواحد الذى يتحكم فى كافة شئونها.ولا نعيش دولة المؤسسات
وكيف ترى المؤسسة التشريعية؟
لا توجد في مصر حاليا مؤسسة تشريعية بالمعنى الحقيقي للكلمة. فمجلس النواب الحالي هو صنيعة الأجهزة الأمنيه التي تدخلت بوسائل واشكال مختلفة فى الانتخابات التشريعية, وهذا التدخل كان واضحاً جدا حتى قبل إجراء الانتخابات نفسها لأنها هي التي صاغت القانون الذي أجريت على أساسه تلك الانتخابات والذي استهدف إفراز برلمان بمواصفات خاصة، وربما نتذكر أن معظم الأحزاب السياسية اعترضت على هذا القانون ورفضته لكن تم تمريره رغم ذلك، وأنا أرى أن قانون انتخاب البرلمان هو قانون معيب, وقد قلت هذا الكلام في حينه ومنذ صدوره, فقد تم تصميمه وهندسته ليأتى ببرلمان يريح الرئيس ويساعده فى أداء مهامه بالطريقة التي يراها ولا يقوم بأي من وظائفه الرئيسية سواء وظيفة التشريع أو الرقابة على أداء السلطة التنفيذية, وهو ما نراه الآن، ولو نظرنا لما قام به البرلمان سنجده مجرد امتداد للسلطة التنفيذية وليس رقيبا عليها.
في تقديركم ما هي أبرز نتائج الأزمة السياسية في مصر؟
الأزمة السياسية التى تعيشها مصر حاليا ليست وليدة اليوم؛ ولكنها تراكم لسلسلة من السياسات الخاطئة, خاصة السياسات المتبعة منذ ثورة 25 يناير.. أنا واحد ممن شهدوا ثورة يناير وكنت سعيداً بها وشاركت بحماس فيها وعندما استطاعت الثورة أن تسقط رأس النظام شعرت أننى أستطيع الآن أن أموت وأنا مرتاح البال والضمير؛ ولم يخطر ببالي أبدًا أني سأظل على قيد الحياة حتى أرى عودة نظام مبارك باسماء ووجوه مختلفة.
أزمتنا الحالية بدأت عقب سقوط مبارك، فمنذ ذلك الحين ومصر تتخبط وتنتقل من مرحلة انتقالية إلى أخرى أسوأ فأسوأ، فمبارك قام بتسليم الحكم للمجلس العسكري الذي ارتكب أخطاء رهيبة زرعت بذور الفشل التي نجني حصادها المر الآن, ولولا الإدارة السيئة للمجلس العسكري لما وصل محمد مرسي رئيسا للبلاد، ثم جاءت ثورة 30 من يونيو التي كانت في تقديري ثورة شعبية انطلق بسبب خوف قطاعات عريضة جدا من الشعب المصري من اختطاف الدولة في اتجاه المجهول؛ ولكن فى 3 يوليو أعلنت خارطة الطريق وكان من الممكن أن نخرج من الأزمة لو تم تطبيق ما ورد في هذه الخارطة حرفيا وبحسن نية؛ ولكن هذا لم يحدث, فقد انحرف مسار الثورة مرة أخرى، وكما ركبت جماعة الإخوان المسلمين ثورة 25 يناير، تمكنت شبكة المصالح التي تأسست في ظل نظام مبارك من ركوب ثورة 30 يونيو، وما نعيشه الآن هو عودة لنظام مبارك ولكن بشكل أسوأ وبأسماء أخرى.
إذا ترى أن الثورة المصرية أجهضت؟
إذا كنتم تقصدون أن الثورة ماتت وأن الثورة المضادة انتصرت بشكل نهائي فأنا لا أوافقكم الرأي؛ فنحن ما زلنا نعيش مرحلة انتقالية جديدة ومضطربة مثل المراحل الانتقالية السابقة, والذين يتصورون أن النظام السياسى الحالي, والذي اكتملت أضلاعه لأول مرة منذ 25 يناير ببرلمان ورئيس منتخبين ودستور, وهو الشكل النهائي للنظام الذي يفترض أن يحل محل النظام الذي أسقطته ثورة يناير أو النظام الذي أسقطته ثورة يونيو, فهو مخطئ تماما. فمصر ما تزال تعيش مرحلة انتقالية رغم اكتمال نظامها السياسي من حيث الشكل لأول مرة منذ ثورة يناير, فالنظام السياسي الحالي في مصر يثير من المشاكل بأكثر بكثير مما يستطيع حله، ويمكنني التأكيد على أن الأزمة السياسية في مصر ما تزال قائمة، واصبحت أكثر تعقيدا بكثير. فانتخابات الرئاسة التي فاز بها السيسي كانت أشبه بالاستفتاء ولم تكن انتخابات حقيقية، والبرلمان الحالي لا يمكن اعتباره برلمانًا معبرًا عن الثورة، أو معبرا عن الشعب بكل أطيافه وتوجهاته السياسية والفكرية، وليس لدينا قضاء مستقلا استقلالا حقيقيا أو حكومة تمثل إرادة الشعب،وتقديرى الشخصى أن النظام الحالي والذى كان يجب أن يكون نظاماً مستقرًا يعمل على إصلاح الأخطاء التي وقعت فيها المراحل الانتقالية السابقة بات أشبه بنظام انتقالي يحكمه رجل واحد بالمشاركة مع رجال الأمن السابقين وشبكة المصالح القديمة.
لكن كثيرون رأوا ولا زالوا يرون في السيسي منقذًا؟
بالفعل نحن كنا نتصور أن السيسي هو المنقذ وأنه جاء لتصحيح المسار الذي انحرف في ظل الإخوان, وأن النظام الذي أراد أن يقوده بنفسه سيعبر عن ثورتي 25 يناير وثورة 30 من يونيو كما ينص الدستور؛ ولكن للأسف الشديد النظام السياسي الحالي لا علاقة له بالثورتين؛ وأعاد إنتاج نظام مبارك ولكن بدون مبارك و رجاله، وأنا لا أظن أن السيسي بنظامه الحالي يستطيع الاستمرار فى قيادة دولة قام شعبها بثورتين.
إلى أي مدى يمكن أن يؤثر الوضع الاقتصادي الحالي على انتخابات الرئاسة فى 2018؟
انا لست خبيرا اقتصادياو وخبرتي المهنية والعملية تقتصر على الأمور السياسية، لكن بإمكاني أن أتحدث عن بعض جوانب السياسات الاقتصادية الحالية لأنها تعكس طبيعة النظام السياسي، وإذا سلمنا بأن النظام القائم في مصر حاليا هو نظام فردي يرسم سياساته و يتخذ قراراته بشكل فردي ودون الرجوع إلى المؤسسات أو على أهل الخبرة, فيمكننا حينئذ أن نكتشف مواطن الخلل في السياسات الاقتصادية بسهولة.
حتى بالنسبة للقرارات المتعلقة بالمشروعات القومية الكبرى, وهي مشروعات تستنفذ موارد ضخمة, لا تخضع لدرساة علمية متأنية ويراد لها أن تنسب لشخص السيسي، فالسيسي يريد أن تنسب له العاصمة الإدارية الجديدة والتفريعة الجديدة لقناة السويس والمليون وحدة وشبكة الطرق، ليقال أن السيسي هو من نفذ كل تلك المشروعات؛ ولكننا عندما ندقق في الأمر ونتساءل هل القرارات التى اتخذت بعد 3 يوليو في المجال الاقتصادي كانت قرارات رشيدة؟ أي هل اتخذت وفق رؤية استطاعت تشخيص المشكلات الاقتصادية القائمة وتمكنت من ابتكار الحلول المناسبة لها؟ لا أظن ذلك، ففي تقديري أن تلك السياسات والقرارات تعكس طموح شخص وليس طموح أمة قامت بثورتين، فالشعب المصري قام بثورتين من أجل الخبز والحرية والعداله الاجتماعية والكرامة الإنسانية، فهل تحققت هذه المطالب أو أي منها؟
كان يفترض أن تتوجه السياسة الاقتصادية تجاه الفقراء لكن ما نراه الآن أن شريحة كبيرة من الطبقة المتوسطة تهبط لتصبح جزء من الشريحة الفقيرة والسياسات القائمة بنيت لتخدم طبقة رجال الأعمال وأصحاب المصالح، وحتى المشاريع القومية بين قوسين، ربما كانت عظيمة؛ لكن توقيتها لم يكن مناسبا وساهمت في تعميق أزمتنا الاقتصادية بدلا من حلها.
كل هذا بالقطع سيكون له تأثير على مزاج المصريين العام واختياراتهم المقبلة، فبمنتهى الصراحة من يراجع خارطة الطريق التي أعلنها عبدالفتاح السيسى عندما كان وزيراً للدفاع سوف يدرك أن ما جرى بعد ذلك لاعلاقة له بخارطة الطريق.. فالانتخابات الرئاسية سبقت البرلمانية، وإعلان السيسي ترشيح نفسه ردع جميع المرشحين المحتملين وحول الانتخابات الرئاسية إلى ما يشبه الاستفتاء، ووضع محمد مرسي في السجن, بصرف النظر عن موقفنا من تصرفاته السابقة, كلها ممارسات لا تمت لخارطة الطريق بصلة، ويجب أن نتذكر أن خارطة الطريق تضمنت نصوصا تلزم بإجراء مصالحة وطنية وبإصدار قانون للعدالة الانتقالية, وهو ما لم يحدث، ولو جاء نظام مدني حقيقى وجرت انتخابات رئاسية حقيقية بعد 30 يونيو لكان من الممكن أن نحافظ على خط ونقاء ثورة 25 يناير، وأعتقد أن تصحيح المسار سيكون في الانتخابات المقبلة.
لو كنت مكان الرجل فماذا أنت فاعل.. مصر كانت في ظل تهديد إرهابي حقيقي؟
كنت أرى أن مصلحة مصر تقضي أن يظل عبدالفتاح السيسي وزيراً للدفاع, خصوصاً وأن الدستور المصري حصن منصبه لولايتين رئاسيتين، أي لمدة 8 سنوات وكان يجب أن تترك انتخابات الرئاسة حرة حتى وإن استبعدنا جماعة الإخوان المسلمين مؤقتا ولمرحلة معينه بسبب الأخطاء التي ارتكبوها بصرف النظرعن الجدل حول الشرعية، ثم تجرى انتخابات رئاسية حقيقية لايقودها القائد العسكري الذي وضع الرئيس المنتخب في السجن, حتى لا تتحول الثورة إلى انقلاب وحتى لا تسرق الثورة من جديد، حينها كان يمكن لمصر أن تخرج من الأزمة وكان يمكن لكل التيارات السياسية الأخرى أن تخوض الانتخابات لتكون شبه حرة وأن يكون النظام مدنيًا وأن يكون هناك توازن بين المؤسستين المدنية والعسكرية، برئيس مدني منتخب ووزير دفاع له شعبية ويستطيع ان يساهم في حماية الوطن بعيدا عن الطموحات الشخصية ويعيد التأكيد على أن الجيش تدخل لمساندة الثورة والشعب وليس طمعاً فى السلطة.
هذا المشهد لو تم على النحو الذي شرحته حالا لكان بالإمكان أن نشرع مباشرة في تنفيذ كل الخطوات التي نصت عليها خارطة الطريق بسهولة, بانتخاب برلمان حر يمثل إرادة الثورة و تمهيد الطريق نحو مصالحة وطنية حقيقية في ظل قانون للعدالة الانتقالية يحظى بموافقة الجميع، ولاصبح حالنا أفضل بكثير مما هو عليه الآن ولجنبنا أنفسنا مرحلة الشك الدولي حول تكييف ما جرى في مصر وهل هو ثورة أم انقلاب؟
ماهو الفارق بين السيسي يوم 30 يونيو و3 يوليو والسيسي اليوم؟
هناك فارق كبير بين السيسيين، فالسيسي الأول عسكري وطني كانت له شعبية عريضة بل جارفة باعتباره منقذًا خلص البلاد من حكم جماعة الإخوان الفاسد المتحالف مع القوى المتطرفة وغير المؤمنة بالديمقراطية؛ لكن بعد انتخاب السيسي رئيسًا بدأت شعبيته في التآكل بكل تأكيد، فيس كل قائد شجاع يصلح رئيسًا ناجحاً، وتتذكروا ما حدث لتشرشل بعد الحرب العالمية الثانية, فهو الرجل الذيً قاد بريطانيا للانتصار فى هذه الحرب, ومع ذلك رسب فى أول انتخابات رئاسيه بعد الحرب, ولم يكن ذلك نكرانا لجميل الرجل من جانب الشعب البريطانى وإنما كان تقديره إن الرجل الذي ينتصر فى حرب ليس بالضرورة هو الأنسب لقيادة معركة إعادة بناء ما دمرته الحرب.
الشعب جرب عبدالفتاح السيسي رئيساً للبلاد, وهو الآن يعانى الغلاء وعدم الاستقرار. فالأمن ليس منضبطاً بالقدر الكافي وهناك رجال من الجيش والشرطة ومن المدنيين ايضا يتساقطون ليس بالضرورة كل يوم ولكن بين الحين والحين، والدماء لازالت تسيل والسجون مليئة بالأشخاص ليس فقط من جماعة الإخوان المسلمين ولكن من كل التيارات السياسية, وهؤلاؤلاء ليسوا إرهابيين او متطرفين وإنما يعارضون فقط سياسات السيسي.
إذا فما هو توقعكم لمستقبل السيسي كرئيس فى 2018؟
ليس لدى السيسي في تقديري أى فرصة للفوز فى انتخابات 2018 إذا أجريت انتخابات رئاسية نزيهة، لكن السؤال الأكثر أهمية هنا: هل يمكن إجراء انتخابات رئاسيه نزيهة في ظل الأوضاع القائمة حاليا؟ وهل المجتمع المدنى جاهز ومستعد لهذه الانتخابات والضغط كي تأتي نزيهة وشفافة؟ أشك كثيرًا رغم اعتقادي أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون هى الفرصة الوحيدة للتغيير السلمي، وفي تقديري أن الذين يتصورون أن التغيير يمكن أن يكون من خلال الشارع أو التظاهرات هم حمقى.
لن تحدث ثورة جديدة بسبب القمع وسطوة الأجهزة الأمنية وبسبب خوف البعض من أن تتحول مصر إلى دولة فاشلة مثل سوريا وليبيا والعراق وخلافه، لكني أخشى من ثورة جياع بسبب الغلاء وعجز قطاعات هائله من الشعب على التمتع بحياة كريمة والحصول على مايساعدهم على البقاء على قيدها وتوفير متطلباتهم المعيشية والصحية، وغذا استمرت الأوضاع والسياسات على ما هي عليه في تظييق نطاق الحريات وخنق المجال العام فستقوم ثورة جياع وربما تعم الفوضى التي نخشا وقوعها لا سمح الله. ولا شك أن الفوضى ليست في صالح أحد لا الشعب ولا المؤسسة العسكرية، وحتى لو حاول الجيش القيام بإحداث التغيير من داخله فلن يكون هذا هو الحل الأمثل في رأيي والأمل الوحيد الباقى لتغيير الوضع هو الانتخابات الرئاسية القادمة.
وكيف السبيل لانتخابات حرة والبديل الشعبي غير موجود والتناحر بين النخب السياسية على أشده؟
هذا صحيح؛ لكني أرى حاليًا وجود رغبة متزايدة من جانب النخب السياسية وأكثر من أي وقت مضى للتوحد وتجنب الأخطاء السابقة، فكثيرون يطالبون الآن كل الفصائل بالحوار والتشاور وتجاوز أزمة الثقة فيما بينها, والتي فضحتها السنوات الخمس السابقة، وعلى هذه النخب أن تقدم مصلحة الوطن على مصالحها الشخصية، وأن تصحح صورتها لدى الشعب وأن تتفق على برنامج موحد واتمنى أيضاً أن تتواصل مع قيادات من الجيش ممن يريدون تصحيح الخلل الذي حدث بين المؤسسه العسكرية والشعب, وذلك بالتشاور مع عسكريين سابقين أو حاليين ممن يتعاطفون مع النخبه السياسية المدنيه ويتفهمون مطالبها من أجل إصلاح الخلل.
القائم حاليا وإعادة العلاقة بين الجيش والشعب إلى وضعها التاريخي الصحيح, فالمؤسسة العسكرية كانت وما تزال وستظل مؤسسة وطنية بكل معنى الكلمة وموضع احترام من الجميع
وما هى روشتة الإصلاح المنشودة في تقديركم؟
أولا مطلوب سواء من النخبة السياسية أو العسكرية أن يكون هناك توافقًا و رغبة في تصحيح الأخطأء على الجانبين وأن تشرع المؤسسة العسكرية الوطنية في الانسحاب التدريجى من المشهد السياسي بشكل يحافظ على كرامة الجيش وهيبة المؤسسة العسكرية، على أن يبقى الجيش صمام أمان حال اختلت الأوضاع السياسة؛ ولكن يجب أن يكون ذلك بشروط وضوابط يحددها المجتمع ولا تفتح ثغره لنزوات شخصية لقيادات طموحة داخل الجيش.
لكننا نحتاج إلى بعض الوقت لبناء أحزاب سياسية قوية ومؤسسات مجتمع مدني بشكل قوي لأن هناك تجريف سياسي كامل لإضعاف تلك الأحزاب السياسية، فبعد الـ30 من يونيو تم إضعاف هذه الأحزاب تماماً وتخريبها.
هل الأحزاب السياسية مستسلمة للوضع الحالي؟
هى ليست مستسلمة هى مقموعة وخائفة ومقيدة الحركة، لذلك أنا لا ألوم الأحزاب السياسية لأن القيادة السياسية الحالية هى السبب فيما وصلت إليه حالة الأحزاب الآن.
كيف رأيت زيارة الرئيس للسعودية؟
العلاقات المصرية السعودية هى السبيل الوحيد لإنقاذ المنطقة من الوضع الإقليمى المتذبذب والنظام العربي المنهار، فالسعودية بإمكانياتها المادية ومصر بقدراتها البشرية والعسكرية إذا توافقتا على رؤية استراتيجية لإنقاذ النظام العربي سوف يكون هناك فرصة للنجاة.
لكن أنوه هنا أن التوافق المطلوب ليس معناه إما أن تأتى السعودية على ارضية الرؤية المصرية أو يحدث العكس وتختفي الرؤية المصرية تحت العباءة السعودية.. لا يحتاج النظام العربي إلى قيادة بالمفهوم السعودي ولا إلى قيادة بالمفهوم المصري الحالي.. وفي ظل انشغال العاهل السعودي بتمكين نجله وانشغال السيسي بصورته وزعامته سيكون من الصعب جدا أن نرى هذه الرؤية. مطلوب رؤية مشتركة شاملة تنطلق من المصالح العربية العليا.
كان السيسي قد طرح فكرة جيدة جداً وهى تشكيل قوة عربية مشتركة تستدعى في إطار قيادة جماعية, لكن السعودية أجهضتها, وها هي اليوم تلوم مصر لأنها لم تنخرط بما فيه الكفاية فى التحالف العربي الموجود الآن باليمن؛ لكني من أنصار وجود علاقة استراتيجية بين مصر والسعودية تبنى على المصالح العربية العليا؛ وألوم السعودية لأنها تصرفت بطريقة لا هي فى مصلحة السعودية ولا هي فى مصلحة مصر حين ضغطت في ظل الظروف الصعبة الراهنة لضم تيران وصنافير, و تجاوب السيسي مع الضغط السعودي لم يعبر إطلاقا عن الإرادة الشعبية التي تصر على عدم التفريط في حبة رمل من أرضها أو تعريض أمنها الوطني للخطر، وإذا كانت زيارة السيسي تم دفع ثمنها مؤقتاً بالتزام مصر بإعادة تيران وصنافير إلى السعودية فأعتقد أن هذا قد يؤدى إلى تهدئة العلاقات المصرية السعودية مؤقتاً للحصول على بعض المعونات الاقتصادية ولكن هذا سيؤدي على المدى الطويل غلى دخول العلاقات السعودية المصرية فى توتر شديد.
وماذا لو تم سعودة الجزيرتين فعلا؟
سيكون هذا أكبر خطأ يرتكبه السيسي، وسيكون من الناحية السياسية أكبر بكثير من الأخطاء التي ارتكبها مبارك حين اقدم على تزوير الانتخابات البرلمانيه فى 2010 وهذا سيكون بمثابة العد التنازلى للنظام شعبياً لأن الشعب المصري سينظر حينئذ إلى هذا النظام باعتباره غير مؤتمن على التراب الوطني.
كيف رأيت قضية آية حجازي؟
هى قضية كاشفة للمأساة والملهاة التى وصل إليهما النظام المصرى, وأكدت أن النظام المصري الحالي سريع الاستجابة للضغوط الأجنية وعصيا على الضغوط الشعبية والمحلية. فلولا تدخل الإدارة الأمريكية لما أفرج عن آية، حيث تم الإفراج عنها بصفتها مواطنة أمريكية.
وسوف يفسر هذا الإفراج على أن القضاء المصري ليس مستقلا وأن المحكمة حكمت ببراءتها بهوى سياسي بعد تدخل الرئيس الأمريكي، وللأسف ما جرى أثبت أن الحكم الذى صدر وجميع الأدلة التى قدمت للنيابة كانت ملفقة.
لذا أدعو الرئيس السيسي إلى سرعة الإفراج عن كل المسجونين المصريين الذين دخلوا السجن ظلما وأولئك الذين لم تثبت إدانتهم بتهم حقيقية وأن يقتصر العقاب والتهميش والعزل على القوى التي تحمل السلاح فى وجه الدولة أو القوى التي تحرض على الفتنة الطائفية، أما القوى التي تختلف مع النظام سياسياً فمكانها ليس السجن وإنما مكانها الأحزاب السياسية؛ لأن التعددية السياسية هى الطريق الوحيد لقيام نظام صحي.
+ There are no comments
Add yours