لم يحمل اليوم ويوم أمس أي تغيير كبير في خريطة السيطرة بعد الهجوم الكبير لمجموعات “جيش الفتح” وحلفائها غرب حلب. فاستعادة الجيش السوري للمبادرة ساعدت على تخفيف حدّة اندفاع المسلحين.
ومع نجاح الجيش السوري وحلفائه في صد اندفاع مجموعات “جيش الفتح” على مدخل حلب الجنوبي الغربي، شهدت تلك الجبهة ثباتاً في خطوط السيطرة رغم استمرار الاشتباكات ضمن ضاحية الأسد وغربي منيان.
وكان أكثر من عشرين فصيلاً، سبعة منها تابعة لجبهة فتح حلب (النصرة)، و13 فصيلاً تتبع لغرفة عمليات حلب حشدت ما يقارب عشرة آلاف مقاتل للبدء بحلقة جديدة من “ملحمة حلب الكبرى”، حيث أراد المسلحون من خلالها اختراق الأحياء الغربية للمدينة وكسر الطوق العسكري عن الأحياء الشرقية.
الهجمات الأولى للمسلحين أدت لانسحاب قوات الجيش السوري من ضاحية الأسد القريبة من الأكاديمية العسكرية، إضافة إلى التراجع عن بلدة منيان، قبل أن تعود تلك القوات وتستعيد أجزاء واسعة من منيان المحاذية لحي حلب الجديدة المكتظ بالسكان.
العملية التي كان مقررا أن يبدأها المهاجمون على عدة مراحل، تم توزيع الفصائل بموجبها على أكثر من محور: جيش الفتح وفصائله في محور البحوث العلمية وحلب الجديدة والفاميلي هاوس والزهراء، بينما باقي الفصائل الـ13 بما فيها جبهة فتح حلب وجيش المجاهدين والجبهة التركستانية عُهد إليها الهجوم على ضاحية الأسد ومشروع 1070 والأكاديمية العسكرية.
الخبير العسكري كمال الجفا أفاد، بأن ساعة الصفر التي كان مقرراً أن تبدأ بعد صلاة الجمعة الماضية، علم بها الجيش السوري فاستبقها، بمبادرة من قائد محور البحوث العلمية الذي رأى أن من الضروري منع المسلحين من تحقيق أهدافهم فتم استهداف تجمعاتهم وتحركاتهم لأكثر من أربع ساعات بالصواريخ الثقيلة.
وأضاف الجفا أنه تم منع المهاجمين من التقدم نحو أهدافهم، فتوقفت الاشتباكات في الساعة الثالثة على محور المناشر (منيان) ودوار السلام والبحوث العلمية بسبب الخسائر الكبيرة التي مني بها المهاجمون.
لكن المسلحين عادوا للهجوم بعد نصف ساعة من ذلك على محور منيان – دوار السلام والبحوث، مستخدمين قوة نارية هائلة، وقصفوا أحياء حلب الغربية، فيما تقدمت مجموعات من الانغماسيين تم التعامل معها وتفجيرها عبر كمائن متقدمة، وبينها دبابة (T72) أوكرانية الصنع استطاع الجيش السوري الاستيلاء عليها بعد إعطابها.
الجفا أشار إلى أنه في صباح السبت استطاعت “الجبهة التركستانية” إحداث خرق والتقدم في بعض الأبنية من الجهة الغربية لضاحية الأسد، ترافق ذلك مع انسحاب لبعض نقاط الجيش من المنطقة، لكن الجيش أقام بالمقابل نقاطا خلفية في منيان والأكاديمية.
لاحقا، حاول المهاجمون تطوير هجوم باتجاه الفاميلي، فتم تنفيذ كمين أدى إلى مقتل وجرح أكثر من 250 مسلحا، وكان لافتا أن جزءا كبيرا من القتلى هم من مسلحي داريا والمعضمية الذين خرجوا قبل أسابيع باتجاه إدلب بموجب اتفاق مع الدولة السورية.
المحاولات المستميتة من قبل جحافل المسلحين للتقدم لم تتوقف، لكن الجيش السوري استطاع رغم ذلك تثبيت نقاطه على كامل محاور القتال، مانعا أي إمكانية لتقدم المسلحين، وكانت نتيجة “الملحمة” كارثية على المهاجمين، وفق مصادر عسكرية، إذ نقلت مصادر صحفية اعترافاً غير معلن من مصادر مقربة من الفصائل المسلحة، بسقوط ما بين 2200-2500 بين قتيل وجريح، وأضافت المصادر أن القتلى الأجانب يُدفنون في منطقة خان العسل أو في أرض المعركة.
إذاً، بعد خمسة أيام على المعارك تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من استعادة زمام المبادرة، فبدأوا بفتح معركة لإعادة تنظيف ضاحية الأسد وما بقي من منيان التي تم استعادة ثلثي مساحتها، فيما بقيت جيوب صغيرة قريبة من غابات الأسد يعمل الجيش على تطهيرها.
وفي ضاحية الأسد، تستمر العمليات، إذ يتوقع أن تبدأ وحدات الجيش السوري والحلفاء خلال الساعات المقبلة هجوماً لإعادة فتح الجبهة الجنوبية وتلة الرخم والالتفاف على الجبهة الغربية من المشروع 1070 ومحاصرة الراشدين 5.
بالمحصلة، يمكن القول بحسب خبراء عسكريين أن الجيش السوري استطاع امتصاص الهجوم الذي يعتبر الأضخم من نوعه منذ أربع سنوات في حلب، وبات الوضع خارج دائرة الخطر، وتم إفشال الحملة العسكرية بالكامل، ولا خوف من أي تقدم جديد.. بالرغم من كل الضخ الإعلامي الموالي للمسلحين والذي لم ينقطع عن بث الأخبار الكاذبة والتهويل طيلة الأيام الماضية وحتى اللحظة.
وكان الجيش السوري، أصدر بيانا شرح من خلاله وقائع الأيام الماضية.. جاء في البيان أن “التنظيمات الإرهابية تستغل فترة التهدئة لتصعيد هجماتها على مدينة حلب واستهداف المدنيين في الأحياء الآمنة”، وذكر البيان “بلغ عدد القذائف التي أطلقتها التنظيمات الإرهابية خلال الأيام الثلاثة الماضية وسقطت على المناطق السكنية في حلب أكثر من مئة قذيفة هاون و 50 صاروخ غراد و 20 أسطوانة غاز إضافة إلى أعمال القنص، ما أدى إلى مقتل 84 شخصا معظمهم من الأطفال والنساء، وإصابة 280 بجروح مختلفة وإلحاق أضرار كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة”.
وأضاف “هذا التصعيد بلغ ذروته بإقدام المجموعات الإرهابية على استخدام قذائف تحوي غاز الكلور على اتجاه 1070 شقة وحي الحمدانية السكني في حلب ما أدى إلى حدوث 48 حالة اختناق”.
بيان الجيش السوري تزامن أمس مع تصريح جديد لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد من خلاله أن موسكو تعتبر جميع المسلحين في أحياء حلب الشرقية أهدافا مشروعة.
وقال الوزير خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القبرصي في موسكو، "إن تعليق طلعات القوات الجوية الفضائية الروسية وسلاح الجو السوري لمدة نحو أسبوعين، كافيا للفصل بين الإرهابيين والمعتدلين. وإذا لم يحدث ذلك، فعلينا أن نراجع تقييماتنا السابقة".
+ There are no comments
Add yours