أبوبكر أبوالمجد
استمر "حراك" الجزائريين الرافض لأي حلول وسط في بقاء الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ورجالات نظامه، اليوم الجمعة، حيث تظاهر الآف الجزائريين هاتفين "الجيش والشعب إخوة إخوة".
كما بث التلفزيون الجزائري الرسمي لأول مرة هذه التظاهرات. لكن إذا كان هذان الخبرين إيجابيين إلى حد ما، فإن الخبرين الآتيين ليس كذلك، حيث نفت الخارجية الجزائرية ما تردد حول منع بعض المسؤولين من السفر، وكذلك تم الإعلان عن انتداب بوتفليقة رئيس البرلمان رئيسًا لوفد الجزائر نيابة عنه في القمة العربية، ما يعني أن شيئًا حقيقيًا على الأرض لم يتغير.
الحراك مستمر
انطلقت، الجمعة، مسيرات وتجمعات مبكرة ضمت الآلاف في العاصمة الجزائر، رفضا لاستمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، غلبت عليها شعارات "الجيش والشعب خاوة خاوة" (إخوة).وتجمع ضم الآلاف بساحة البريد المركزي بالعاصمة، في أول جمعة عقب دعوة قيادة الجيش لتطبيق المادة 102 من الدستور المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية.
وخلال التجمعات الصباحية، رفع متظاهرون لافتات كتب عليها "وأخيرًا يفجرها الجيش الوطني الشعبي" في إشارة لدعوة قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح تطبيق المادة 102 من الدستور.
وتنص المادة 102 من دستور الجزائر، على أنه في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو عجزه، يخلفه رئيس مجلس الأمة لمدة 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات جديدة.
كما ردد المحتجون شعارات رافضة لإشراف رموز نظام بوتفليقة على المرحلة المقبلة، وخصوصا رئيس مجلس الأمة ( الغرفة الثانية للبرلمان) عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي (وزير الداخلية السابق).
وتتجه الانظار بعد صلاة الجمعة، لمسيرات حاشدة مرتقبة بالعاصمة وجل المدن الجزائرية.
بث التظاهرات تليفزيونيًا
وعلى جانب آخر، قام التلفزيون الرسمي الجزائري، الجمعة، بنقل مباشر للمظاهرات المناهضة لنظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطوة غير مسبوقة منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي.
وفي خطوة مفاجئة، قررت إدارة التلفزيون الرسمي بقنواته الثلاث القناة الأرضية والقناة الناطقة بالفرنسية والقناة الثالثة، نقل مظاهرات الجمعة السادسة للحراك عبر عدة مدن بالبلاد، مع استوديو استضاف محللين للحديث عن الأزمة الراهنة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من إقالة المدير العام للتلفزيون توفيق خلادي، وتعيين المدير السابق للأخبار بنفس المؤسسة لطفي بوشريط خلفا له.وخلال الأيام الماضية، شهدت تغطية التلفزيون الرسمي للحراك الشعبي المناهض لنظام بوتفليقة تطورا مضطردا؛ فبعد تجاهل المظاهرات في أيامها الأولى، أصبحت تخصص حيزا كبيرا لها في الأيام الأخيرة مع نقل شعارات المتظاهرين المطالبة بالتغيير.
وشهدت مؤسستا التلفزيون والإذاعة الحكوميين بالتزامن مع الحراك وقفات احتجاجية للصحفيين والتقنيين تطالب بالتعامل بمهنية مع الأزمة ورفع القيود عن تغطية فعاليات الحراك.
منع مسؤولين
ترددت أخبار عن منع مسؤولين جزائريين من السفر، وهذا ما نفته وزارة الخارجية الجزائرية، الجمعة، حول سحب السلطات الأمنية جوازات سفر دبلوماسية من مسؤولين محليين لمنعهم من السفر على خلفية الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وحسب بيان للوزارة نشرته وكالة الأنباء الرسمية، فإن هذه المعلومات "التي نشرتها بعض وسائل الإعلام بما في ذلك إلكترونية، حول قيام السلطات الأمنية بمصادرة جوازات سفر دبلوماسية معلومات غير صحيحة ولا أساس لها من الصحة".
وأضاف البيان: "وزارة الشؤون الخارجية تُؤكد أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء تقييدي من قبل أي سلطة ضد حاملي هذه وثائق السفر".وتابع: "هذه الفئة من جوازات السفر تصدر حصريا للأشخاص المصرح لهم وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها".
وخلال الأيام الأخيرة، تدولت وسائل إعلام محلية عدة وشبكات التواصل الاجتماعي أنباء حول وضع السلطات الأمنية في البلاد قائمة بعشرات المسؤولين ورجال الأعمال أغلبهم مقربون من المحيط الرئاسي تم منعهم من السفر.
والأربعاء نقلت فضائية "البلاد" الخاصة عن مصدر وصفته بـ"المسؤول"، دون أن تكشف عن هويته، إن "السلطات في البلاد منعت إقلاع 11 طائرة خاصة تعود لرجال أعمال وشخصيات معروفة (لم تسمها) من مطارات الجزائر نحو الخارج".
وأضاف المصدر أن "جهة سيادية أصدرت قائمة تضم أكثر من 100 شخصية سياسية ورجال أعمال، ممنوعون من مغادرة أرض الوطن" على خلفية الأزمة التي تعيشها البلاد.
مندوب القمة العربية
الأغرب من كل هذا على ما بدا، هو تعين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الجمعة، رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، لتمثيله خلال أشغال القمة الـ30 لجامعة الدول العربية المزمع تنظيمها في العاصمة التونسية الأحد.
وقال بيان للرئاسة الجزائرية نشرته وكالة الأنباء الرسمية إنه "تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس الجمهورية التونسية باجي قايد السبسيي عين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة لتمثيله في القمة الـ30 لجامعة الدول العربية التي ستنعقد في تونس يوم 31 مارس".
وأضاف: "سيكون رئيس مجلس الأمة مرفوقا برمطان لعمامرة نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الخارجية".ومنذ تعرضه لوعكة صحية العام 2013 يكلف بوتفليقة عبد القادر بن صالح بتمثليه في القمم العربية باعتباره الشخصية الثانية في السلطة بعد الرئيس.
وتعيش الجزائر أزمة سياسية منذ أكثر من شهر بسبب انتفاضة شعبية تطالب برحيل نظام بوتفليقة ويعد عبد القادر بن صالح الشخصية المرشحة لخلافة بوتفليقة في حالة تنحيه.
وتشهد الجزائر منذ 22 فبراير الماضي مظاهرات رافضة لعهدة خامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولاحقَا رافضة لتمديد الولاية الرابعة للرئيس، مع شعارات تطالب برحيل جميع الوجوه القديمة للنظام الحالي.
مجلس رئاسي انتقالي
دعا الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين، الجمعة، إلى تشكيل مجلس رئاسي من شخصيات وطنية مقبولة لقيادة مرحلة انتقالية قصيرة المدة.
وطرح الاتحاد، خارطة طريق للخروج من الأزمة التي تعرفها الجزائر، منذ 22 فبراير/شباط الماضي، حين خرج ملايين المواطنين للمطالبة برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عن الحكم ورموز نظامه.
كما دعا مجلس الاتحاد، في بيان اطلعت عليه الأناضول، إلى تأسيس مرحلة انتقالية "قصيرة المدى"، دون أن يحدد الآجال الزمنية لها.واقترح تعليق العمل بالدستور الحالي للبلاد، "الذي يعيق تنظيم انتخابات رئاسية ذات مصداقية"، وإصدار إعلان دستوري لتسيير المرحلة الانتقالية.
وطالب بتشكيل مجلس رئاسي من شخصيات وطنية مقبولة شعبيا للإشراف على المرحلة الانتقالية.والسبت، دعت أحزاب وشخصيات من المعارضة، إلى تنصيب هيئة رئاسية من شخصيات ذات كفاءة ومصداقية ونزاهة، تشرف على مرحلة انتقالية مدتها 6 أشهر.
وأضاف الاتحاد، أن خارطة الطريق هذه توصي بتعيين حكومة كفاءات لتصريف الشأن العام، وتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة، إلى جانب إنشاء هيئة مستقلة للإشراف وتنظيم الاستحقاقات.
وطالب المحامون المنضوون تحت لواء الاتحاد، من الادعاء العام (القضاء) بفتح تحقيقات عاجلة في قضايا الفساد واتخاذ الإجراءات التحفظية.والثلاثاء، دعا قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، إلى تطبيق مادة دستورية تنص على شغور منصب رئيس البلاد كحل "توافقي" يحفظ سيادة الدولة ويستجيب لمطالب الشعب.
وتنص المادة 102 من الدستور الجزائري على أنه في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو عجزه يخلفه رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، لمدة 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات جديدة.
الرحيل بداية الحل
تحولت الجمعة السادسة للحراك الشعبي بالجزائر، إلى استفتاء في الشارع يطالب برحيل كل رموز نظام الحكم الحالي بعد مقترح لقيادة الجيش لتطبيق مادة دستورية حول شغور منصب الرئيس كحل للأزمة.
وحافظ الحراك الشعبي على زخمه بخروج مئات الآلاف في مظاهرات غصت بها شوارع الجزائر العاصمة ومدن أخرى.وظهرت التعبئة مثل الجُمعات الماضية، حيث قدر حجم المشاركين فيها بأكثر من 15 مليون شخص، حسب قوى معارضة.
وتباينت شعارات وهتافات رفعها المتظاهرون بين قبول تطبيق هذه المادة، لكن بضمان عدم إشراف أي من وجوه النظام الحالي على المرحلة الانتقالية، وآراء أخرى تدعو إلى الرجوع إلى المادة 7 من الدستور التي تنص إلى أن الشعب مصدر السلطات.
وبرزت شعارات لأول مرة تخص مطالب الجماهير بشأن الحل المطلوب للأزمة مثل "الشعب فوق الدستور"، ولافتة بالفرنسية بوسط العاصمة تحمل صورا لرموز النظام الحاكم مكتوب عليها "بعد تطبيق المادة 102 ستكون الجزائر بدونهم".
وشعارات أخرى مثل "ماناش حابسين كل جمعة خارجين (لن نتوقف كل جمعة سنتظاهر)" و"ترحلو قاع (يجب أن ترحلوا جميعا)" و"يسقط حكم العصابة".
كما ظهرت لافتة أخرى تطلب التغيير الشامل مكتوب عليها "لا تمديد لا تفعيل كي السعيد (شقيق الرئيس بوتفليقة المتهم بالسطو على صلاحياته) كي بن صالح (عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة الذي سيخلف بوتفليقة في حال تطبيق المادة 102)".
+ There are no comments
Add yours