ترجمة –شيماء عمرو:
سلطت مجلة “التايم” –الأمريكية – الضوء على فضيحة التطعيمات الفاسدة في الصين والتى أحدثت ضجة كبيرة ، ووصفتها “المجلة” بالأحدث ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات الطبية التى تفضح تفشي الفساد بأبشع صورة وانعدام الرقابة الصارخ، والتشوهات الخطيرة في نظام الرعاية الصحية العامة في الصين.
وكشفت ” التايم” عن أنَّه يتم بيع ما يقرب من 2 مليون لقاح فاسد بتكلفة 570 مليون ين (بما يعادل 90 مليون دولار)، ويتورط في تلك الفضيحة 29 شركة أدوية، و16 وحدة صحية، وتقوم الشرطة بملاحقة 69 قضية جنائية في هذا الصدد. ففي 28 من مارس الماضي شرعت الحكومة في تحقيقاتها بعد طول انتظار تحت إشراف إدارة الغذاء والدواء الصينية، وقال رئيس الوزراء “لي كه تشيانغ،”:”إن القضية كشفت العديد من الثغرات القانونية”.
ورأت أنَّ تلك الشركات الخاصة عملت بشكل سيء للغاية، فلقد حوَّلت إدارات مكافحة الأمراض التي تعاني ضائقة مالية نظام التطعيم إلى مورد لتدفق الإيرادات. ووصف مسؤول الصحة العامة -لم يُفصح عن هُويته- في شاندونغ إلى مجلة Caixin الصينية، كيف يعمل هذا النظام مؤخرًا. فمراكز مكافحة الأمراض المحلية تستغل صلاحياتها الرقابية للسيطرة على أسعار ومبيعات اللقاحات. فهى تضع هوامش ربح ثابتة للقاحات الخارجة من المصنع، تتراوح ما بين 10٪ و 25٪. وهى تحدد سعر أي دفعة تحصل عليها أي مستشفى أو عيادة. ومن النادر إجراء مناقصات على اللقاحات”، وقال المسؤول “مراكز السيطرة على الأمراض تستغل احتكارها لسوق اللقاح للحصول على الأرباح.”
وعبَّرت ” المجلة الأمريكية ” عن عدم استغربها لهذا السلوك قائلة :” إن مثل هذا السلوك يحدث منذ زمن طويل ” مشيرًا إلى أنَّه في عام 2006 م تم الحكم على مدير قسم المناعة في “مركز “شاندونغ” للسيطرة على الأمراض والوقاية منها” بالسجن مدى الحياة لتقاضيه رشاوى من شركات إنتاج اللقاحات. وكان من المفترض أن تتعاطى وتحد حملة الرئيس الصيني “شي جين بينغ” لمكافحة الفساد من هذا النوع من الفساد. وقالتْ “التايم “معلقةً :” يبدو أنه الواضح أن الطريق أمام الرئيس الصيني طويل للقضاء على الفساد”
وسردت ” المجلة الأمريكية ” خلفية أحدث فضيحة طبية في الصين ؛ إذ نصح مسؤولو الرعاية الصحية في مقاطعة “قوانغتشو” جنوب الصين امرأة تعمل بالمحاماة وأم لطفل حديث الولادة بتطعيم طفلها ليس فقط بالتطعيمات الإلزامية كالسل ، والتهاب الكبد بي ، ولكن أيضًا ضد الجديري المائي والتهاب الكبد ألف ، والتهاب السحايا وغيرها من الأمراض الغير إلزامية . وبالفعل نفذت ما أرادوا ؛ لكن بعد بضعة أيام ، اندلعت أحدث فضيحة طبية في الصين – على حد قول المجلة – فالبلاد تستخدم في التطعيمات الغير إلزامية ملايين الجرعات المنتهية الصلاحية أو أخرى تم تخزينها بصورة سيئة .
وتابعتْ “التايم ” القول بإنَّ السيدة “وانغ” قررت التصدى لهذا الفساد ، وحررت مذكرة وقع عليها 12 محاميًا آخرين طالبت فيها الحكومة باجراء تحقيق وطني ، فيما اعتبرته أسوأ فضيحة طبية في الصين منذ عام 2008 .مشيرًا إلي أنه في ذلك العام اكتشفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن الشر كة الصينية تقوم بغش دواء “الهيبارين” المضاد لتجلط الدم ، كما استشاط الصينيون غضبًا في هذا العام بعدما تم الكشف عن أن أكثر من 300,000 طفل مرضوا ، وستة لقوا حتفهم بعد شرب حليب منتهي الصلاحية .
وأوضحتْ “المجلة الأمريكية ” أنَّه تم تسليط الضوء علي فضيحة اللقاح للمرة الأولى قبل عام ، عندما قامت الشرطة في “شاندونغ” ، (مقاطعة تقع شرق الصين) باعتقال طبيبة صيدلانية وابنتها على خلفية قيامهما بشراء لقاحات منتهية الصلاحية أوعلى وشك الانتهاء وبيعها إلى المستشفيات والعيادات في جميع أنحاء الصين ، ونقلت “المجلة” عن أحد رجال الشرطة قوله :” لقد وجدنا المخازن ملوثة … والمبردات تالفة “.
وقالتْ إنَّ رد فعل الحكومة في البداية كان بطيئًا أو شبه منعدم ، فلم تحظى القصة بالاهتمام حتى مارس الماضي، عندما قام موقع “ورقة ” الإلكتروني بالبحث في هذه القضية، واعلان الشرطة للجمهور ما كان يجري مؤخرًا. وقام العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بشجب السلطات بسبب تلك الفضيحة وردة فعلها البطيء تجاهها . ونقلت ” التايم ” عن صحيفة “تشاينا ديلي” – الصينية – المملوكة للدولة قولها:” لا يلم المسؤولون إلاَّ أنفسهم”
وأشارت “المجلة الأمريكية ” إلي أنَّ الرسالة المفتوحة التي تقدم بها المحامون في “قوانغتشو” تطالب الحكومة بفحص جميع السجلات حتى يتمكن الناس من التحقق من مدي صلاحية اللقاحات للاستهلاك الآدامي، كما تسألت الرسالة عمَّن سيتحمل تكلفة إعادة التطعيم ، وما هي الاسعافات الأولية المفترض القيام بها إذا ما تضرر أحد الأشخاص من تلك اللقاحات؟.
وذكرت أنَّه لدى الصين نظامين للتطعيم . أولهما : اللقاحات الإلزامية، مثل تلك التي تعطى للوقاية من التهاب الكبد ب، وتقدم مجانًا من قبل السلطات المحلية، التي تعتبر مسؤولة عن إنتاج والتوزيع اللقاحات غير الإلزامية، مثل الجدري المائي، وهو غير مجاني..، وقد سمح لشركات القطاع الخاص على المنافسة في إنتاج اللقاحات، والتوزيع بالجملة ومبيعات التجزئة. بهدف خفض الأسعار وتحسين الكفاءة.
ولفتت إلى أنَّ الصين لديها أيضًا الهيئات الإشرافية المفترض اطلاقها صفارات التحذير في حالة وقع أية مشاكل صحية. فالنظام الذي أنشئ في عام 2006 وتوسع في عام 2009 م من المفترض أن يوفير الإنذار المبكر لحالات الطوارئ الصحية العامة. هناك أيضا هيئة أخرى لرصد جودة اللقاحات. من الواضح أنها لا تعمل بشكل صحيح.على حد قول المجلة.
وتابعت المجلة القول بإنَّه “لا يبدو أنَّ اللقاحات المُنتهية الصلاحية خطيرة في حد ذاتها؛ فلم يتم الإبلاغ عن أي حالة وفاة نتيجة لتعاطيها. فتصف منظمة الصحة العالمية مخاطرها الصحية بأنها “منخفضة جدا”؛لكن ربما لا يزال للفضيحة عواقب مدمرة ؛لأن الآباء القلقون مترددين في إعطاء أطفالهم جُرعات التطعيمات.. فجتمع العاملين في مجال الصحة، والأطباء في “قوانغتشو”، مسقط رأس السيدة وانغ، يقولون إنَّهم تلقوا عشرات المكالمات من الآباء والأمهات القلقون . العديد منهم ذهب إلى “هونغ كونغ” و”ماكاو” بدلا من ذلك، على أمل الحصول على تطعيم هناك.
+ There are no comments
Add yours