ارتفاع  أسعار النفط يخفف الضغوط المالية على الدول المصدرة

1 min read

في تقرير صادر في 19 أكتوبر الحالي يغطي منطقة الشرق الأوسط وجوارها، يؤكد صندوق النقد الدولي على أن ارتفاع أسعار النفط إلى حدود الـ 50 دولارا أميركيا في الفترة الأخيرة، سوف يبقي توقعات النمو الاقتصادي للدول المصدرة للنفط ضعيفة للسنوات.

قد يخفف ذلك الارتفاع بعض الضغوط المالية على الدول المصدرة للنفط، ويمنح بعض الوقت لجهود إعادة هيكلة اقتصادات تلك الدول، ولكنها ليست أكثر من فسحة قصيرة. فالأصل لإستعادة ديمومة الاستقرار المالي ومعه ديمومة الاستقرار السياسي، يعتمد على مدى نجاعة وجدية جهود إعادة الهيكلة، وإعادة الهيكلة تبدأ مالياً، ولكن، نجاحها مرتبط بشمول تلك الجهود للاقتصاد والسياسة.

وذكر تقرير شركة الشال للاستشارات ان أسعار النفط تماسكت عند مستوى الـ 50 دولارا أميركيا يظل أدنى بأكثر من 50 % من أسعار سنتين مضت، سبقتها نحو 10 سنوات من الإنفلات المالي جاوزت فيه نسبة النمو المركب للنفقات العامة حاجز الـ15% سنوياً لدول مجلس التعاون الخليجي الست.

ذلك يعني، أن حجم النفقات العامة لدول مجلس التعاون الخليجي الست ارتفع من إجمالي بلغ نحو 130.4 مليار دولار أميركي في عام 2003، إلى إجمالي بلغ 551.4 مليار دولار أميركي في عام 2013، أي ارتفع بأكثر من أربعة أضعاف، ومعظمها نفقات جارية من باب إعادة توزيع إيرادات النفط. مشكلتها غير كونها غير مستدامة، أو كانت من باب «إصرف ما في الجيب»، هي أن معظمها بات حقوقاً مكتسبة -أجور ودعوم- يصعب جداً خفضها دون قدوة ومبررات مقنعة، وأنها ضربت تنافسية اقتصادات تلك الدول بقوة، فالتضخم الـذي تسببـت بـه، جعـل كلفـة إنتـاج أي سلعـة أو خـدم محلية بمستوى مرتفع جداً وعاجز عن المنافسة مع مثيلاتها الخارجية.

وجاء تماسك أسعار النفط حول الـ 50 دولارا أميركيا للبرميل متأخراً وهشاً أيضاً، فبعد أكثر من سنتين في صراع مدمر على الحصص بين منتجي النفط التقليدي، إكتشف طرفا الصراع التداعيات المدمرة لاستمراره، وبدت مؤخراً بوادر اتفاق دعمت أسعار النفط، ولكنه اتفاق هش وقد يسقط في أية لحظة بسبب سخونة الصراع الجيوسياسي بين طرفيه.

والبدء بتذويب الصراع الجيوسياسي المدمر ليس فقط يضمن حداً معقول من الإستقرار لسوق النفط، ولكنه يوفر كثيراً من بند متضخم في النفقات العامة يذهب لتمويل الحروب المباشرة وحروب الوكالة وما يصاحبها من نفقات أمنية ضخمة وما يليها من نفقات إعادة بناء ما دمرته الحروب.

ومرت المنطقة بمثل هذا السيناريو المدمر في ثمانينات القرن الفائت، وكانت تداعياته غير محتملة، ولكن، العلاقة الودية الإستراتيجية مع الغرب، والنهوض الاقتصادي الآسيوي غير المسبوق بقيادة الصين، أنقذا الموقف، وهما عنصران غير متوفران حالياً.

لذلك، يحتاج الوضع إلى جهود مضاعفة على مستوى الكتل، ولكن، من المهم أن تعطى أولوية لما تملك فيه الدولة قرارها، أي وضعها الداخلي، ونكرر بأن، الإصلاح المالي ضرورة، ولكن الإصلاح الاقتصادي والسياسي هما ضمانة نجاح واستقرار أي دولة، فالإصلاح المالي لا ينجح ما لم تتوفر الديمومة للبلد.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours