اتفاق لمؤسسات النفط الليبية يعيد أمل الوحدة والمستقبل الأفضل لليبيين؛ لكن يحمل الواقغ والمستقبل تهديدات ومخاف تهدد بقاءه.
فبعد أن تنفست أهم المؤسسات الحكومية في ليبيا الصعداء، بدمج مؤسستي قطاع النفط الموازيتين، والذي تعتمد موازنة البلاد بشكل كامل على إيرادات بيعه، تعالت أصوات الانتقاد من جديد، مهددةً بانهيار الاتفاق الذي لم يمر على إعلانه سوى أيام معدودة.
وفي 2 يوليو/تموز الجاري، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس غربي البلاد (كانت تتبع المؤتمر الوطني)، عن اتفاق مسؤوليها مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط في مدينة بنغازي شرقي البلاد (تابعة لمجلس النواب) خلال اجتماع جرى في العاصمة التركية أنقرة، على تنحية الخلافات بشأن أحقية تصدير نفط البلاد، واعتماد هيكل جديد لمؤسسة موحدة.
وأكدت المؤسسة الحكومية، عبر بيان لها نقلته الأناضول في وقت سابق، أن الاتفاق الجديد، الذي جري خلال اجتماع الطرفين، السبت الماضي، سيعزز قدرة المؤسسة على مضاعفة الإنتاج إلى أكثر من 700 ألف برميل يوميا، إذا استقرت الأوضاع في البلاد، علما بأن إنتاج النفط كان 1.5 مليون برميل يوميا قبل عام 2011 (ثورة أطاحت بحكم الزعيم الراحل معمر القذافي)، وتراجع بعدها بسبب التوتر الأمني والانقسام السياسي إلي 300 ألف برميل حاليا.
تلك الخطوة لاقت إشادة واسعة من المجتمع الدولي، تمثل في إعلان حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، ترحيبها بالاتفاق.
وقالت تلك الدول، في بيان مشترك صادر عن الخارجية البريطانية، نشرته عبر موقعها الرسمي على الإنترنت، الخميس الماضي “نحن نحث كافة الليبيين على العمل معا لاستئناف إنتاج صادرات النفط من ليبيا، ونؤكد على أهمية استغلال موارد ثروة ليبيا لصالح كافة الليبيين، وفق ما أكدته مبادئ الاتفاق السياسي الليبي الموقع في 17 ديسمبر (كانون أول) 2015، وكذلك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2259 (2015)”.
ولزيادة تأكيدها على أهمية ما توصلت إلية المؤسسات الحكومية الليبية الموازية من اتفاق، لوّحت الدول الموقعة على البيان المشترك بإمكانية فرض عقوبات على مصدري النفط بشكل غير شرعي، قائلة “إننا نعاود تأكيد استعدادنا إلى اللجوء، بناءً على طلب من حكومة الوفاق الوطني، لكافة التدابير التي ينص عليها قرار مجلس الأمن رقم 2146 (2014)، لوقف التصدير غير القانوني للنفط من ليبيا، وفرض عقوبات على كل من يسعى لاستغلال أو تحويل نفط ليبيا أو ثروتها النفطية”.
وفي الاتجاه نفسه، وفى تدوينة له عبر حسابه الرسمي على “فيسبوك”، قال مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “أشارك فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الترحيب بالاتفاق الذي من شأنه تعزيز وحدة الشركة الوطنية للنفط في ليبيا”.
كوبلر اعتبر الاتفاق “خطوة مهمة لبناء الاقتصاد الليبي”، لافتا أن “إيرادات النفط في ليبيا تقلصت من 74.7 مليارات دينار ليبي (53.5 مليارات دولار) سنة 2012، إلى 12.6 مليارات دينار (9 مليارات دولار) سنة 2015”.
ورغم كل ذلك الترحيب خرجت أصوات ليبية لتعلن رفضها للاتفاق.
إذ قالت لجنة الطاقة بمجلس النواب، المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، عبر بيان لها الأحد الماضي، أنها “ترفض دمج مؤسسة النفط الشرعية في بنغازي بالمؤسسة الموازية للنفط في العاصمة طرابلس”، حسب تعبيرها.
وأكدت اللجنة أن “أي اتفاق بين المؤسسة الشرعية في بنغازي والمؤسسة غير الشرعية في طرابلس (وفق وصفها) سيكون باطلا ما لم يتضمن الاتفاق أن يكون مقر المؤسسة الوطنية للنفط في مدينة بنغازي، وأن يتم توزيع عائدات تصدير النفط توزيعا عادلا بين جميع المناطق الليبية”.
أما ناجي حسين المغربي، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، ومقرها بنغازي، فأكد عبر تصريحات له نشرت على الصفحة الرسمية للمؤسسة علي “فيسبوك” قبل يومين، أن “الاتفاق لتوحيد المؤسسة الوطنية للنفط لن يتم الإ بناء على الشروط والضوابط التي تضمنها الاتفاق”.
ورغم أن رئيس مؤسسة النفط في شرق ليبيا لم يذكر تلك الشروط، إلا أن مؤسسة النفط في غرب البلاد ذكرت في بيان سابق تلك البنود، والتي منها “الاتفاق على تأهيل البني التحتية لقطاع النفط، وخاصة في مدينة بنغازي، وذلك بشكل تام وكامل تمهيدا لانتقال المؤسسة بعد توحيدها إلى مقرها الجديد في بنغازي”.
ويعتبر ذلك من أهم البنود التي طالب المعارضون لدمج المؤسستين بتضمينها لأي اتفاق، شرطا للموافقة عليه، فيما نص الاتفاق أيضا بحسب ما ذكرت مؤسسة النفط في طرابلس أن “يتم استمرار تبني سياسة النأي بمؤسسات الدولة عن الصراع الدائر في البلاد والوقوف في صف المواطن وتجاوز صفحة الماضي ونبذ الخلافات”.
إضافة لذلك، ذكر بيان المؤسسة النفطية أنه تم الاتفاق علي أن “تلتزم المؤسسة النفطية بشكل كامل بتقديم تقارير دورية إلى مجلس النواب باعتباره أعلى سلطة تشريعية في البلاد، وإلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بصفته قمة هرم السلطة التنفيذية في البلاد”.
ورغم كل تلك التصريحات الموافقة لإعلان الدمج والمعارضة لها، أعلنت القوات المسيطرة على مواني النفط شرق البلاد، والتي أوقفت التصدير من أكثر من عام، أنها “ستعمل مع المؤسسة الوطنية للنفط الموحدة الجديدة، وستتخذ الترتيبات اللازمة لإعادة فتح الحقول المغلقة، وضخ الخام من جديد”.
ذلك الإعلان جاء، الخميس الماضي، على لسان علي الحاسي، الناطق باسم حرس المنشآت النفطية، (كان يتبع حكومة الشرق وأعلن تبعيته مؤخرا لحكومة الوفاق).
واعتبر الحاسي اتفاق توحيد مؤسسة النفط “خطوة هامة في سبيل توحيد كامل البلاد المنقسم”.
وفي يوليو/تموز 2013، أغلق مسلحون، يقودهم قائد حرس المنشآت النفطية، إبراهيم الجضران، 4 مواني نفط شرقي ليبيا بعد اتهامهم للمسؤولين النفطيين في ليبيا بـ”سرقة النفط”، ليسلموها بعد عام كامل للحكومة التي كان يقودها علي زيدان، آنذاك، قبل أن يعودوا لإغلاق هذه المواني من جديد العام الماضي.
+ There are no comments
Add yours