في خطوة غير مسبوقة، صدقت السلطات الإسرائيلية على بناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية خلال أسبوع واحد، بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه أفيغدور ليبرمان.
إذاعة صوت إسرائيل، ذكرت أنه من المقرر بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة في الكتل الاستيطانية الكبرى المقامة في الضفة الغربية، من بينهما 100 وحدة استيطانية ستقام في مستوطنة بيت ايل شمال شرق رام الله.
وكانت لجنة التخطيط والبناء التابعة للبلدية الإسرائيلي في القدس صادقت يوم الأحد المنصرم على مخطط لبناء 566 وحدة استيطانية في القدس الشرقية.
وتزامن تصعيد إسرائيل في المصادقة على مزيد من الوحدات الاستيطانية مع تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، والذي عبر سابقا عن مواقفه المؤيدة للاستيطان، واعتبرها لا تتعارض مع المضي في عملية السلام.
وأثار قرار المصادقة على آلاف الوحدات الاستيطانية تحفظ الفلسطينيين الذين أكدوا أن القرار يمثل استخفافاً بالقرارات الدولية الأخيرة الصادرة عن مجلس الأمن ومؤتمر باريس.
الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة قال إن قرار المصادقة على بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة، تحد واستخفاف بالمجتمع الدولي، وعمل مدان ومرفوض، مشيرا إلى أن عواقبه ستكون وخيمة.
وأضاف أن القرار سيعيق أي محاولة لإعادة الأمن والاستقرار، وسيعزز التطرف والارهاب، وسيضع العراقيل امام أي جهد يبذل من اية جهة لخلق مسيرة سلمية تؤدي إلى الامن والسلام.
وأكد أبو ردينة أن القرار يشكل تحديا واستفزازا واستخفافا بالعالم العربي والمجتمع الدولي.
أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت، فقد اعتبر قرارات إسرائيل الخاصة ببناء المزيد من المستوطنات، بمثابة تدمير لحل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعتقد أن الفرصة متاحة لها لتكثيف الاستيطان وتكريس احتلال القدس الشرقية والضفة الغربية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، معلقا بالقول: "إسرائيل تريد مفاوضات ثنائية لكسب المزيد من الوقت، وفرض الحقائق على الأرض وبناء المزيد من المستعمرات .. لا أرى أي فائدة من العودة للمفاوضات الثنائية المباشرة مع الجانب الإسرائيلي"،
وطالب رأفت بضرورة مواصلة العمل من أجل عقد مؤتمر دولي حقيقي فعال يضع آليات لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، تنبثق عنه هيئة دولية جماعية ترعى المفاوضات وتشارك فيها، من أجل إلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وبتحديد مدة زمنية قصيرة لإنهاء المفاوضات خلال عام واحد.
من جهتها، قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي إن التصعيد المتعمّد والمجحف ببناء مشاريع إسرائيلية استيطانية غير مشروعة وغير قانونية يشكل جريمة حرب وانتهاكا صارخا للقانون والاتفاقيات الدولية، لا سيما قرار مجلس الأمن الدولي 2334..
وقالت عشراوي إن الحكومة الإسرائيلية أثبتت أنها ملتزمة بسرقة ونهب الأرض الفلسطينية، بدلا من تحقيق السلام والاستقرار وحل الدولتين، مضيفة أنه "من الواضح أن إسرائيل تستغل تنصيب الإدارة الأميركية الجديدة للتصعيد من عدوانها وتقويض ركائز الدولة الفلسطينية".
الخبير في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش قال في حديث، إن عدد الوحدات الاستيطانية التي تم الإعلان عنها غير مسبوق ما يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية أخدت الموافقة من واشنطن، قبل أن يتم تنصيب ترامب، وخاصة أن لقاءً جمع ترامب ونتنياهو، وهو ما أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة خططتها الاستيطانية..
وأضاف أن سنوات السابقة لم تشهد تصعيد كهذا التصعيد الاستيطاني الذي برز في أقل من أسبوع واحد، "خرج هذا المشروع الاستيطاني الكبير دخل حيز التنفيذ ولن يكون الوحيد خلال الأيام القليلة القادمة".
وبين أن كافة المؤسسات الإسرائيلية ستكون شريكة في تطبيق المخطط الاستيطاني على أرض الواقع، مؤكدا أن المشروع سيؤدي إلى ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية للكتل الاستيطانية المقامة في الضفة الغربية، ولتطبيق القوانين والقرارات الإسرائيلية على هذه المناطق، وصولا لتحقيق الحلم الإسرائيلي ببناء "القدس الكبرى".
من جهته، قال مستشار رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، محمد الياس، إن الحكومة الإسرائيلية ترى فرصة ذهبية في تكريس الاستيطان على الأرض، وخاصة في عمق الضفة الغربية، في ظل وجود الإدارة الأمريكية الجديدة التي لا تعارض الاستيطان ولا ترى فيه عائقا أمام عملية السلام..
ولفت إلى أن المخطط الاستيطاني الجديد تزامن أيضا مع رفع الحكومة الإسرائيلية القيود على البناء الاستيطاني في مدينة القدس وضواحيها، لتكريس تهويدها وضمها إلى إسرائيل، لتأسيس ضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية إلى إسرائيل.
وبالرغم من القرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية مؤخرا، فإن المستوطنين يرون أنها غير كافية ويطالبون بتصعيد العمل الاستيطاني على أرض الواقع والمصادقة على قانون التسوية الذي يشرعن البناء الاستيطاني المقام على الأراضي الفلسطينية الخاصة، حسبما ما أوضح إلياس، مشيراً إلى أن المخطط الاستيطاني الكبير يهدف إلى حصر الفلسطينيين في منطقة حكم ذاتي محدودة وخنقهم في تجمعات سكانية، وتفريغ المنطقة (ج) من سكانها الفلسطينيين.
إلياس أكد أن تحسن العلاقات العربية الإسرائيلية بالرغم مما ترتكبه إسرائيل من تصعيد عبر انتهاكاتها واعتداءاتها على الفلسطينيين، هو ما يشجع على الاستمرار في الاستيطان وتكثيفه.
يذكر أن جامعة الدول العربية طالبت مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته ومباشرة اختصاصه لإنفاذ قراراته والتصدي للاستيطان والتحدي الإسرائيلي، الذي باتت تداعياته تهدد ليس فقط حل الدولتين المعبر عن الخيار الدولي الوحيد، بل السلم والأمن وجدية المجتمع الدولي وفعالية قراراته وقدرته على إنفاذها.
وقالت الجامعة في بيان صادر عن قطاع فلسطين والاراضي العربية المحتلة، إن مصادقة سلطات الاحتلال الاسرائيلية على بناء مزيد من الواحدات الاستيطانية، يأتي ردا على قرار مجلس الأمن الأخير (2334)، الذي يقضي بوقف الاستيطان نهائيا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية انشاء اسرائيل للمستوطنات التي تنتهك الميثاق وقواعد القانون الدولي، كما أكد ذلك مؤتمر باريس للسلام.
وأضاف أن هذا الإجراء الاسرائيلي يعتبر تحديا صارخا لإرادة المجتمع الدولي، وانتهاكا متواصلا وجسيما للقانون والشرعية الدولية، الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن صاحب الولاية والقرار الصادر بشأن وقف الاستيطان، تحمل مسؤولياته بصورة عاجلة وفعالة لإنفاذ قراراته وعلى وجه خاص القرار الأخير (2334).
+ There are no comments
Add yours