أوروبا والحرب “الكورونية” الثانية

1 min read

كتب- أبوبكر أبوالمجد

تعيش دول أوروبا حالة استثنائية من الترقب والقلق بسبب الموجة الثانية المتوقعة من كوفيد19 (كورونا المستجد). ومن المتوقع أن تواجه أوروبا حرب كورونية ثانية قوية ستنتشر فيها الإصابات بالفيروس ومن ثم سيحدث إغلاقًا في بعض الدول، وعزلًا جزئيًا وحظر تجوّل محلي في بعضها الآخر.

حالة الفيروس

تجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في قارة أوروبا اليوم الخميس ثمانية ملايين، وحالات الوفاة 256 ألف حالة، وفق تعداد أعدّته وكالة فرانس برس.

في الوقت الذي تشدد فيه أوروبا القيود للحد من موجة ثانية من الإصابات بفيروس كورونا المستجد، باتت أيرلندا، منذ أمس الأربعاء، أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعيد فرض إجراءات عزل على كل سكانها.

على أمل “الاحتفال بعيد الميلاد بشكل معقول”، وفق قول رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، سيُلازم الإيرلنديون منازلهم لستة أسابيع اعتبارًا من منتصف ليل الأربعاء (23,00 ت غ)، في تدبير غير مسبوق في الاتحاد الأوروبي منذ الربيع، رغم أن المدارس ستبقى مفتوحة.

وفي المملكة المتحدة، سيخضع سكان مقاطعة ويلز (3 ملايين نسمة) اعتبارًا من الجمعة إلى عزل مدّته أسبوعين، في تدبير هو الأكثر صرامةً في البلاد منذ انتهاء الموجة الأولى من الإصابات بكوفيد-19 في الربيع الماضي.

في أيرلندا كما في ويلز، ستُغلق المتاجر غير الأساسية.

ولن يتمكن الأيرلنديون من الخروج من منازلهم إلا لممارسة الرياضة في مسافة لا تتجاوز 5 كيلومترات حول منازلهم، تحت طائلة فرض غرامات عليهم.

في انجلترا، وُضعت مانشستر (2,8 مليون نسمة) أول أمس الثلاثاء، في مستوى إنذار “مرتفع جدًا”، ما يفرض خصوصًا إغلاق الحانات والملاهي الليلية التي لا تقدم خدمة الطعام إضافة إلى قيود على التنقلات.

وسجّلت ألمانيا التي أُشيد بإدارتها الجيدة للموجة الأولى في الربيع، قرابة 11300 إصابة جديدة في 24 ساعة، في عدد قياسي منذ بدء تفشي وباء كوفيد-19 في البلاد، فيما وصل عدد الوفيات قرابة 9900 وفاة.

وفي ظل هذه الوتيرة أعلن رئيس معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية وغير المعدية أنّ “الوضع العام أصبح خطيرا جدا”.

وأمرت السلطات بمنع التجمعات وفُرض عزل جزئي على منطقة في جبال الألب وأصبح وضع الكمامات إلزامياً في بعض شوارع برلين ومدن أخرة أخرى.

وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دعت رسميًا السبت الماضي المواطنين إلى “البقاء في المنازل” قدر الإمكان، مشيرةً إلى أن “طبيعة فصل الشتاء وعيد الميلاد تحدّده الأيام والأسابيع المقبلة”.

وفي جمهورية تشيكيا التي سجّلت أعلى عدد إصابات ووفيات لكل مئة ألف نسمة خلال الأسبوعين الأخيرين، فُرض عزل جزئي حتى الثالث من نوفمبر مع قيود على التحركات واللقاءات وإغلاق كل المتاجر والخدمات غير الأساسية.

واختارت دول أخرى فرض حظر تجوّل ليلي، على غرار بلجيكا، حيث ستُغلق المقاهي والمطاعم لمدة شهر فيما تتحدث السلطات عن وضع “أسوأ بكثير” مما كان عليه في الربيع.

أما في فرنسا (أكثر من 34 ألف وفاة)، حيث يُعتبر الوضع أسوأ من ألمانيا، إذ تم تسجيل أكثر 40 ألف إصابة وهي حصيلة يومية قياسية، فُرض حظر تجوّل على أكثر من عشرين مليون شخص بينهم سكان باريس ومنطقتها بالإضافة إلى ثماني مدن كبيرة، بين الساعة التاسعة مساء والسادسة صباحاً.

وكذلك فُرض حظر تجوّل في منطقة لا لوار أيضًا اعتبارًا من الجمعة بين منتصف الليل والفجر.

ومع ارتفاع عدد الإصابات (أكثر من 26 ألف إصابة في 24 ساعة) أعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الخميس أنّ نطاق حظر التجول الليلي في المدن الفرنسية الكبيرة سيتسع بدءًا من السبت ليخضع له نحو 46 مليون نسمة، ما يعني فرنسيين من أصل ثلاثة.

وقال وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران الخميس “الفترة خطرة (…) الوباء تفشى في معظم” أراضي البلاد.

 وأُلغيت سوق عيد الميلاد الشهيرة في ستراسبورغ (شرق) التي تستقطب كل عام مليوني زائر، على غرار أسواق عيد الميلاد في باريس وبوردو فضلا عن كولونيا فرايبورغ في ألمانيا.

وفي شمال إيطاليا، ستفرض لومبارديا الرئة الاقتصادية والمنطقة الأكثر تضررًا جراء الوباء في البلاد، حظر تجوّل اعتبارًا من مساء اليوم الخميس بين الساعة 23,00 والساعة الخامسة فجرًا لمدة ثلاثة أسابيع. أما في كامبانيا في جنوب البلاد فيُفرض الإجراء نفسه بدءاً من مساء الجمعة. ومنذ أسبوع، تسجّل إيطاليا أكثر من 10 آلاف إصابة جديدة يوميًا.

ويتواصل تفاقم الوضعفي إسبانيا  (34366 وفاة) التي أصبحت أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي والسادسة في العالم، تتجاوز عتبة المليون إصابة بفيروس كورونا المستجد، مع قرابة 17 ألف إصابة جديدة في 24 ساعة. وفي مواجهة عودة ظهور الإصابات، أُرغمت السلطات الإسبانية على فرض بشكل عاجل قيود جديدة مع إغلاق جزئي لعشرات المدن الجديدة وبعض المناطق.

وقررت بلغاريا، الدولة الأشدّ فقراً في الاتحاد الأوروبي، فرض وضع الكمامات بشكل إلزامي في المساحات الخارجية الحيوية.

من جهتها، قد تشدّد بولندا أيضاً القيود، فيما حذّرت حكومة كرواتيا من أن الوضع الصحي “خطير” منددة بـ”السلوك غير المسؤول” في البلاد التي تسجّل عدد إصابات قياسيا في الأيام الأخيرة.

في سلوفينيا، دخل حظر تجوّل حيّز التنفيذ الثلاثاء، ولن يتمكن السكان البالغ عددهم مليوني نسمة من الخروج بين الساعة التاسعة مساءً والسادسة صباحًا.

الإصابات واللقاح

أودى فيروس كورونا المستجد بحياة 1,133,136 شخصًا على الأقل في العالم منذ أواخر ديسمبر 2019، بحسب تعداد أعدّته وكالة فرانس برس الخميس.

وسجلت أكثر من 41,304,020 إصابة مثبتة بينما تعافى 28,294,600 شخص على الأقل.

وتعد الولايات المتحدة البلد الأكثر تضررا في العالم، إذ سجّلت 220,940 وفاة تليها البرازيل (154,837)، ومن ثم الهند (115,197) والمكسيك (86,338) فالمملكة المتحدة (43,726).

ويُرجّح أن تكون هذه الحصائل أقلّ مما هي في الواقع، كما تُظهره دراسة أمريكية أجرتها مراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها الثلاثاء، ومفادها أن الوفيات الإضافية جراء الوباء في الولايات المتحدة بلغت في الواقع 300 ألف.

وعلى صعيد اللقاح، أعلن باحثون بريطانيون الثلاثاء الماضي، أنهم يعتزمون حقن متطوّعين تراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً بفيروس كورونا المستجدّ، للمضي قدماً في الأبحاث في إطار دراسة “امبيريال كوليدج” في لندن.

وأعلنت الصين الثلاثاء، أنها اختبرت لقاحات على 60 ألف شخص في مدن عدة، مؤكدةً أنه لم يشعر أي شخص بآثار جانبية.

أبوبكر أبوالمجد https://asiaelyoum.com

صحفي وباحث متخصص في شئون آسيا السياسية والاقتصادية

قد يعجبك أيضاً

المزيد من الكاتب

+ There are no comments

Add yours