كتب- أبوبكر أبوالمجد
وفي ثاني هذه الاتهامات التي صرح بها رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان في أرمينيا، أرمان تاتويان، في 18 أكتوبر الماضي، أدان ما اسماه جرائم أذربيجان بحق مواطني ناجورنو قاراباغ، من خلال إضرام النار في ممتلكات سكان القرى، ما اعتبره انتهاك لحقوق الإنسان الدولي.
وأضاف المعنى بحقوق الإنسان في أرمينيا، أنه تم توثيق كافة الانتهاكات وسيقدم نسخة إلى الجمعية البرلمانية في أوروبا والمؤسسات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
ولفت إلى أن القوات الأذربيجانية قامت بارتكاب أعمال إرهابية ضد السكان المدنيين في الكثير من القرى.
وأكد أن قوات الدفاع المدني وصلوا في الوقت المناسب لبعض القرى، التي اضرمت القوات الأذربيجانية، النار فيها، خاصة في يراسخ التابعة لمنطقة أرارات.
وهذا أحد أغرب التصريحات التي يمكن أن تستمعها من أسوأ احتلال عرفته الأرض. فأرمينيا التي جعلت من أراضي أذربيجان المحتلة أكبر مقبرة للألغام، وهدمت المنازل ودنست المساجد، ودمرت الآثار تتحدث اليوم عن إضرام النار في الممتلكات!
فهل أبقت أرمينيا المحتلة على ممتلكات من قتلتهم في حرب قارباغ الأولى؟
هل أبقت على شيء من رفاتهم؟
هل أبقت على شيء من ذكرياتهم؟
ألم تسعى جاهدة طوال 28 عامًا من تديمر وطمس هوية الأرض وتلويث المياه وحرق الغابات؟
ماذا عن وقت خروجهم من منطقة كلبجار بتاريخ 25 نوفبمر 2020، حسب الاتفاق الثلاثي،(مغادرة باقي الأراضي المحتلة سياسيًا)، حيث أحرقوا البيوت والغابات انتقامًا وحقدًا، وجميع الصور متوفرة على الإنترنت.
أما ثالث الافتراءات فكان في 29 أكتوبر الماضي، حيث ادعى، تاتويان، أن هناك عمليات غزو غير قانوني من الجانب الأذربيجاني في المنطقة المجاورة مباشرة لقرى منطقة كيغاركونيك الأرمينية السيادية.
وأضاف، أن إحدى الشركات التجارية الأرمينية الواقعة في منطقة كيغاركونيك، غير قادرة على استخدام 200 هكتار من الأراضي المخصصة لها بشكل قانوني بموجب قرار من حكومة أرمينيا وبموجب شهادة الملكية للجنة السجل العقاري والتي بُنت مساحة 75 هكتاراً منها طواحين الهواء، وبسبب التواجد العسكري للقوات المسلحة الأذربيجانية هناك، يقدر الضرر بنحو 5 ملايين دولار لصاحب الشركة.
وأردف رئيس الحقوق الأرمينية، تتعرض حياة الناس السلمية وأمنهم للخطر بسبب القصف المنتظم، وينتهك الحق في الحياة، ويُحرم الناس من حقوق الملكية ومن فرصة كسب دخل الأسرة من خلال الزراعة.
وأشار إلى أن هناك شريط فيديو: «سيتم إرسال هذه الحقائق إلى الهيئات الدولية ذات الصلة، وكذلك إلى الهيئات الحكومية في أرمينيا والمنظمات غير الحكومية لإبرازها للجهات المعنية»!
فسبحان الله العظيم.. ءالآن صار الأرمن يشكون من غزو الأذربيجانيين؟!
ءالآن صاروا يعرفون أن في العالم هيئات دولية يريدون أن يعودوا إليها بفيديو يثبت ادعاءاتهم؟!
وأين كانوا هم من قرارات هذه الهيئات الدولية عبر ما يقرب من ثلاثة عقود؟!
الحقيقة، أنه بعد انتهاء حرب التحرير (44 يومًا) بين أذربيجان وأرمينيا وأسفرت عن هزيمة الجانب الأرميني بتوقعيه على وثيقة الاستسلام بوساطة روسيا، ونقول الاستسلام لأن أذربيجان هي الجانب المنتصر الذي أملى شروطه، ومحال أن تكون اتفاقية سلام.
فقامت أذربيجان بدور بناء وترميم الأراضي المحررة والتي احتلتها أرمينيا منذ ما يقرب من 30 عامًا، حيث لم يتركوا بنية تحتية، ولا منطقة سكنية، ولا آثار تاريخية أو دينية ولا أراضٍ زراعية، ولا أنهار جارية إلا دمروها، ولوثوها.
ولا يزال هناك أيضًا مشكلة ترسيم الحدود وتوضيحها بين البلدين قائمةٍ، حيث أن أذربيجان تطلب أن ترسم الحدود وفق الخريطة الموجودة لديها ولدى روسيا؛ ولكن أرمينيا ترفض وتقول بقبول الخريطة التي عندها والتي غيرتها وزورتها، ومن هنا تأتي الإشكالية.
فالذي تراه أرمينيا المحتلة أرضًا لها أو ضمن حدودها هي ببساطة أرض أذربيجانية، وإن لم يكن هذا مقررًا فعليًا، فعلى الأقل تبقى وجهة النظر الأذربيجانية حق كالتي تراها أرمينيا حيال نفسها.
فالأضرار التي ألحقتها جمهورية أرمينيا بأراضي جمهورية أذربيجان المحتلة سابقًا تقدر بمليارات الدولارات.
ويمكن تصور ذلك أنه خلال ما يقرب من 30 سنة صارت هذه الأراضي تُنهَب ثرواتها الطبيعية، والتي تضم 155 نوعًا من المواد المعدنية المختلفة في الأراضي المحتلة، منها 5 للذهب و6 للزئبق و2 للنحاس والرصاص والزنك و19 لحجر الواجهة و10 للأحجار المنشورة و4 للمواد الخام الأسمنتية و13 للأنواع المختلفة من أحجار البناء والمواد و1 للخامات لإنتاج الصودا و21 للحجر الخفاف والرماد البركاني و10 للطين و9 للحصى الرملية و5 للرمل الإنشائي و9 للجبس وأنهيدريد والكاج و1 للبيرلايت و1 لحجر سبج و3 للفيرميكوليت و14 لحجر الزينة والحجر الملون (عقيق ويشم وأونيكس وجاد وبيفروتويد والخ).
وتبلغ الاحتياطيات الصناعية المصدقة في هذه المكامن 132.6 طن من الذهب و37.3 ألف طن من الرصاص و189 مليون متر مكعب من الحجر المنشور و1 مليون و526 ألف طن من الطين و18 مليون 432 ألف متر مكعب من حجر الواجهة و23 مليون 243 ألف متر مكعب من الطين و57 مليون 965 ألف طن من حجر البناء و96 مليون 987 ألف طن من الرمل والحصى و18 ألف 98.4 طن من الزئبق و4 ملايين 473 ألف متر مكعب من البيرلايت و2 مليونان و144 ألف متر مكعب من الحجر الخفاف و129 مليون 833 ألف متر مكعب من الحجر الجيري لإنتاج الصودا و147 مليون 108 ألف طن من الأسمنت.
وكما تم اكتشاف المواد الخام والمعادن الأخرى المهمة لتنمية الاقتصاد.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال السنوات الثلاثين الماضية تعرضت المناطق للنهب.
وبجانب دولة أرمينيا المعتدية، استثمرت الشركات الأجنبية في الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني في منطقة قاراباغ والمناطق المجاورة لها.
ومنذ عام 1999، شجعت الحكومة الأرمينية العديد من الشركات الأجنبية على الاستثمار في قاراباغ.
كانت تعمل هذه الشركات في قاراباغ في مختلف المجالات -التعدين والبناء والنجارة والاتصالات وغيرها- دون إذن من أذربيجان، ومعظم هذه الشركات من فرنسا وبريطانيا العظمى وإيران والولايات المتحدة وروسيا وسويسرا وألمانيا وهولندا ودول أخرى، استغلت بشكل غير قانوني ثروة أذربيجان من خلال الاستثمار في الأراضي المحتلة.
وفي المجموع، عملت شركات من أكثر من 20 دولة بشكل غير قانوني في الأراضي المحتلة بأذربيجان.
ويُذكر أنه في السنوات العشر الماضية فقط، استثمرت هذه الشركات بشكل غير قانوني 470 مليون دولار في قاراباغ.
بعد جمع المعلومات حول رؤساء هذه الشركات، بدأت إدارة التحقيق في الجرائم الخطيرة التابعة لمكتب المدعي العام في أذربيجان قضية جنائية بموجب المواد ذات الصلة في القانون الجنائي، ويجري التحقيق في الأمر.
كما وجه الرئيس إلهام علييف خلال الاجتماع المخصص لنتائج 2020 تحذيرًا نهائيًا لهذه الشركات، إذا لم تدفع هذه الشركات التي تستغل مواردنا الطبيعية بشكل غير قانوني، تعويضات، فسيتم رفع القضية إلى محكمة دولية.
وهكذا دائمًا كانت الفرايا الأرمينية؛ لكن الحقيقة شأن آخر، والحق احق أن يتبع، وهكذا انتهى وجه الصراع العسكري ليبدأ صراع جديد ربما يفضي بنا في النهاية إلى عودة المواجهات العسكرية لكن على نطاق أوسع.
+ There are no comments
Add yours