أبوبكر أبوالمجد
شهدت جمهورية أّذربيجان بين الثلثين الأولين لشهر فبراير حدثين هامين استحقا وقوف المحللين والسياسيين المهتمين بالشؤون الأوروآسيوية، والدولية بشكل عام عندهما.
حيث جرت في التاسع من هذا الشهر انتخابات برلمانية مبكرة كان قد دعا إليها الرئيس إلهام علييف في ديسمبر الماضي، أي قبل موعدها الرسمي بتسعة أشهر، وتنافس فيها 1314 مرشحًا، وحصد فيها الحزب الحاكم “يني الجديد” أو “أّذربيجان الجديدة” الذي يرأسه علييف الأغلبية بـ72 مقعدًا من جملة مقاعد البرلمان التي عددها 125 مقعدًا.
وأشارت اللجنة المركزية للانتخابات إلى أن نسبة التصويت وصلت إلى 57% من جملة الكتلة التصويتية التي بلغت 5.3 ملايين ناخب.
وشهدت الانتخابات البرلمانية الأذرية المبكرة في دورتها السادسة إقبالًا كبيرًا من قبل النساء والشباب الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع للمشاركة السياسية والإدلاء بأصواتهم، وفي ظل معارضة رافضة للمشاركة ومن ثم رافضة للنتائج الصادرة عنها بطبيعة الحال، ومن ثم ضجيج غربي حول نزاهة الانتخابات اعتادت عليه الدول التي لا تسير خلف الأهواء الغربية وتنبطح أمام رغباتها وتلبي مطالبها.
فرغم مشاركة 800 مراقبًا دوليًا مثلوا العديد من المنظمات الدولية من الهند وكوريا و أوربا واليابان وباكستان وأمريكا اللاتينية، في جميع مراكز الاقتراع الدائمة والمؤقتة والتي بلغت 5442 مركزًا في عموم أذربيجان إضافة إلى المراقبة عبر كاميرات الفيديو وذلك لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، إلا أن الوكالات الغربية لا تتأخر في نشر تقارير تدعم وجهة نظر واحدة معارضة من شأنها إحداث الاضطرابات وتشكيك المجتمعات في قياداتها.
لكن هل يدرك الغرب ما أدركه الناخب الأذري الذي شارك في الانتخابات التي يراها لخطوة من الرئيس إلهام علييف لإنشاء برلمان أكثر شبابًا وفاعلية لدفع وتيرة الإصلاحات المنشودة في المستقبل القريب جدًا؟
هل علم أن أذربيجان تتأهب لخوض مرحلة جديدة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بفكر جديد يعتمد على الشباب الواعي الذي استفاد من تجارب الآخرين وله رؤية وفكر ومنهج جديد وطموح؟
لن يدرك ولن يهتم، ففي الوقت الذي يرفض هذا الغرب الموالي لأرمينيا المحتلة لخمس الأراضي الأذربيجانية أن ينفذ القرارات الأممية والوساطة الأوروبية التي تعيد الحقوق لأصحابها، لا يتوانى عن الإساءة لأي نظام سياسي مستقر مهما كان ناجحًا في أي من البلدان التي تعتز بمشروعها السياسي وقوميتها وحقوقها التاريخية المشروعة.
وهذا ما يأخذنا للحدث الثاني الذي جرى في ميونيخ في الخامس عشر من هذا الشهر أيضًا.
فقد استضاف مؤتمر ميونخ للأمن مناظرة ساخنة وثرية بين رئيس أذربيجان إلهام علييف، ونيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا للنقاش حول إقليم قراباغ الجبلية، وهو الإقليم الذي يمثل 20% من إجمالي مساحة أذربيجان، والذي كانت قد احتلته أرمينيا منذ العام 1992.
وخلال هذه الجلسة استطاع علييف أن ينشر مجددًا على أسماع الأوروبيين والمندوبين المرموقين الحضور من دول العالم، وأمام نيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا، الحق التاريخي وفق القرارات الدولية لأذربيجان في أراضيها المحتلة، وأن يقيم عليه الحجة تلو الأخرى وأن يبرز كذبه الواضح والتفافه على الحقائق التي صرح بها علييف.
فأكد الرئيس الأذري على أن قراباغ الجبلية جزء لا يتجزأ من أذربيجان مشيرًا إلى توقيع حاكم قراباغ إبراهيم خليل خان آنذاك معاهدة كوركتشاي مع الجنرال سيسيانوف جنرال الإمبراطورية الروسية عام 1805 تدخل بموجبها قراباغ كبلد مستقل تابع للامبراطورية الروسية وليس فيها أي إشارة للأرمن من قريب أو بعيد، أما الأجزاء الباقية من أذربيجان فتدخل في تبعية الإمبراطورية الروسية بناء على المعاهدتين الأخريين (جولستان وتركمانتشاي الموقعتين عام 1813 و1828)، ذلك إلى جانب داغستان وجورجيا وأرمينيا أيضا.
ولفت عليف أن المكتب القوقازي للحزب البلشيفي أصدر عام 1921 قرارًا يبقي قراباغ الجبلية ضمن أذربيجان، مضيفًا أن الواقع التاريخي الآخر هو أن جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفييتية أصدرت مرسومًا عن إنشاء إقليم قراباغ الجبلية ذي الحكم الذاتي ضمن أذربيجان عام 1923.
واستكمل الرئيس أنه في نهاية ثمانينيات القرن العشرين بدأت أرمينيا عدوانا على أذربيجان، تسبب في تهجير مئات الآلاف وفي بداية تسعينيات القرن العشرين أصبح مليون أذربيجاني لاجئين ومشرَّدين داخليًا.
كما لم ينس الحديث عن المذابح الأرمينية العديدة ضد الأذريين وعلى رأسها خوجالي.
+ There are no comments
Add yours