— حركة “أزواد” من نسيج الشعب المالي ولها مطالب مشروعة ولا يجوز وسمها بالإرهاب
— التواجد الفرنسي له بعد إستراتيجي وهو الضغط على التنظيمات المتطرفة لتقبل بالتفاوض
— إذا تم تخيير الشعب المالي بين الديمقراطية والأمن سيختار الأخير
— فرنسا لها مصالح اقتصادية وجيوأمنية في مالي ومنطقة الساحل الإفريقي
حوار: أبوبكر أبوالمجد
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لديه حساسية شديدة تجاه كل ما يمس الإسلام، وهو يخشى جدًا قيام دولة إسلامية في مالي، هذا ما أكده الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الأمنية والإستراتيجية الإفريقية، إدريس آيات.
وأضاف آيات، أن المجتمع الدولي ليس لديه مواثيق، فميثاقه المصالح، ولا شيء غيرها، وهذا يفسر ازدواجية المعايير الأممية في التعاطي مع انقلابي تشاد، ومالي، فبينما يغض الطرف عن انقلاب تشاد، يتم تعليق عضوية مالي في إيكواس، والاتحاد الإفريقي، والمنظمة الفرانكوفونية، والبنك الدولي.
ولمزيد من التفاصيل والإبحار في الداخل المالي، وتغلغل الجماعات المسلحة كالقاعدة وداعش وأزواد، وسيطرتها على ثلثي الأرض المالية، فإلى مضمون الحوار..
— ما هي المصالح الفرنسية في مالي؟ ولماذا تحرص على استمرار هيمنتها على القرار السيادي بها؟
المصلحة الفرنسية في مالي تتلخص في استمرار بسط نفوذها وهيمنتها على الدول الإفريقية الفرانكوفونية في غرب ووسط إفريقيا.
فتشاد مثلًا، والكاميرون، وإفريقيا الوسطى، هي دول وسط إفريقيا؛ بينما مالي والنيجر وبوركينا فاسو وبنين والسنغال وغيرها، دول في غرب إفريقيا، ولفرنسا مصالح متعددة الجوانب في هذه البلاد، منها ما هو اقتصادي، حيث تستحوذ شركاتها على عمليات استخراج النفط واليورانيوم، كشركة “توتال” في السنغال، وتشاد، أو شركة “أريفا”، في النيجر، والتي تستخرج اليورانيوم، إضافة إلى شركاتها العاملة في استخراج الذهب من مالي، وغيرها.
مصلحة أخرى جيوأمنية، ومحاربة الجماعات الموسومة بالتطرف، مثل القاعدة، وداعش، وبوكو حرام.
وهناك أيضًا مصالح سياسية، وتكمن في وضع سياسيين موالين لها على سدة الحكم، بحيث يتماشوا مع أجندتها في منطقة غرب ووسط إفريقيا، بحيث تصوت هذه النخبة لصالح المصالح الفرنسية، في المحافل الدولية، وبمؤسسات المجتمع المدني، وكذلك الهيئات والمؤسسات الأممية، ولو تتبعنا أكبر إشارة لذلك، تصويتات مختار وان، عندما كان سفيرًا لمالي بالأمم المتحدة، كانت كل مواقفه تابعة وداعمة ومتطابقة مع الموقف الفرنسي.
أما فيما يخص مالي فالمصالح الفرنسية لا تختلف كثيرًا عن نظيراتها في دول وسط وغرب إفريقيا، فهي تريد استمرار مالي داعمة لها في المحافل الأممية، وكذلك استمرار استحواذ الشركات الفرنسية على التنقيب على النفط والذهب واليورانيوم وحتى الغاز.
فرنسا كذلك تريد استمرار هيمنتها على الاتحاد الإفريقي، ومن ثم فاستمرار هيمنتها على مستعمراتها السابقة يضمن لها استمرار تلك الهيمنة، وامتداده حتى مكاتب بروكسل والاتحاد الأوروبي.
— لماذا فشلت الجهود العسكرية الفرنسية في مواجهة الجماعات والحركات المسلحة في مالي؟
أما عن سبب فشل فرنسا خلال الثماني سنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ 11 يناير 2013، وفشل عملية “سرفال”، فإذا التزمنا الموضوعية في مناقشة هذا التدخل، فإن الإنصاف يقول أن تدخلها العسكري هذه المرة يختلف عن تدخلاتها السابقة وتواجدها عقب مرحلة ما بعد الاستعمار، فهذا التدخل كان بطلب من الحكومة الرسمية، ومجموعات من الشعب المالي، حين فشلت الحكومة الهشة في استعادة أراضيها من الجماعات المسلحة، والمليشيا التي أتت عقب سقوط نظام القذافي في 2011، وهي مدججة بالسلاح، ولديها خطة لبناء دولة أسمتها بدولة الطوارق، في شمال البلاد.
انبثقت من هذه المليشيا عدة جماعات أخرى موسومة بالتكفير والجهاد، فطلبت الحكومة رسميًا من فرنسا بالتدخل لوقف زحفهم، واستطاعت بالفعل في وقف بعض الحركات؛ لكنها فشلت في الوقت ذاته في بسط سيطرتها على جميع الأراضي، ومن هنا احتدمت النقاشات واختلفت الآراء، حول ما إذا كانت فرنسا جادة فعلًا في مقاتلة هذه الجماعات المسلحين من حركة “أزواد” (حركة سياسية مسلحة في شمال مالي، في كيدال وتيساليت وتاوديني وغيرها، أسسها الطوارق، وتسعى الحركة إلى إقامة دولة مستقلة أسمتها أزواد)، وبالتالي يكون للعملية فرسال العسكرية أهمية، أم أن فرنسا تتخذ من ذلك ذريعة لإعادة بسط هيمنتها على مستعمرتها السابقة؟!
لكن لماذا فشلت؟
بمنتهى الصراحة لا فرنسا ولا غيرها بإمكانها حسم المعركة مع المليشيات المسلحة، في حروب غير متماثلة، أو حرب الشوارع، فأمامنا الولايات المتحدة الأمريكية، بعد 20 عامًا من التدخل العسكري، ومقتل 10 آلاف جندي، وإصابة 50 ألف آخرين، وإنفاق تريليوني دولار، لم تستطع حسم المعركة العسكرية مع طالبان.
فالموضوعية تقتضي علينا أن نؤكد أنه في الحروب غير المتماثلة كالتي واجهتها فرنسا ولا تزال في مالي يصعب حسم المعركة بكل تأكيد، وإذا أردت أي قوة حسم المعركة العسكرية فلزامًا أن يرتكب الكثير من المجازر في حق المدنيين، والمسلحين، والحقيقة أن الدول الغربية تتفادى هذه الإستراتيجية بعد الحرب العالمية الثانية، ولو أن لفرنسا سوابق في رواند، والجزائر، ولكن هي تتفادى ذلك في مالي، وربما لو كانت روسيا مثلًا مكان فرنسا، لما اهتمت بأي حقوق إنسان أو مجتمع دولي، أو مجازر في حق الإنسانية، وهذا ما يفسر لما يطالب بعض الماليين بالتدخل الروسي، فتدخل روسيا في افريقيا الوسطى الآن يكشف عن العديد من المجازر التي ترتكبها في المناطق التي يسيطر عليها مليشيات مسلحة.
إذا فحقيقة اخفاق فرنسا ليس فقط لأنها تضمر بسط هيمنتها على مستعمرتها القديمة مالي، ولكن لا بد من الاعتراف بقوة المليشيات المسلحة على الأرض، وتدريبها الجيد، خاصة وأن الكثيرين من عناصر هذه المليشيات خرج من رحم جيوش نظامية.
— ما الأسباب الحقيقية وراء ازدواجية المعايير الأممية في التعاطي مع انقلابي تشاد ومالي؟
تضارب مواقف المجتمع الدولي فيما يخص انقلابي مالي وتشاد، والكيل بمكيالين، والمعايير المزدوجة فمرجعه لثلاثة نقاط، الأولى أن الوضع في تشاد يختلف عنه في مالي، فالقوات التشادية أقوى بكثير، ولديها خبرات في مواجهة الجماعات المسلحة، فقد كان الراحل إدريس ديبي، بمثابة شرطي الساحل الإفريقي، وتدخلت القوات التشادية في افريقيا الوسطى ومالي، وخاضت معارك كثيرة في منطقة ما يعرف ببحيرة تشاد، والتي تضم أربع دول منها تشاد، ونيجيريا والنيجر والكاميرون، إضافة إلى نشاطها في المثلث الحدودي (بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر) الذي انتشرت منه الجماعات الموسومة بالجهادية والتكفيرية، فالمجتمع الدولي وخاصة باريس، كانوا ولا زالوا بحاجة إلى بقاء جيش تشاد قويًا، وهذا لن يتأتي إلا بالحفاظ على إرث إدريس ديبي، ولذا تم غض الطرف عن الانقلاب الذي حدث بعد مقتل ديبي، وتنصيب نجله بدلًا منه.
أما الوضع في مالي، فالداخل المالي يختلف عنه في تشاد، القوات المسلحة المالية لا تلعب نفس الدور الذي تلعبه قوات تشاد في الساحل الإفريقي، ولذا فهي لا تملك أي ورقة ضغط على القوى الأممية والمجتمع الدولي.
إضف لذلك أن الداخل التشادي مستقر، وكل الحركات المسلحة تأتي من خارج البلاد، أما في مالي فهناك حركات داخلية تنادي بالانفصال كحركة “أزواد”، إضافة لحركات داعش والقاعدة، والمغرب الإسلامي والصحراء الكبرى، وثمة غياب للدولة في مناطق كثيرة في مالي.
فمالي إذا تحت الضغط ولا تمتلك أي أوراق ضغط على المجتمع الدولي.
الأمر الثاني، أن المجلس العسكري في مالي ليس في مجمله مواليًا لباريس؛ بل يقال إن منهم من لا يوالي الغرب بالكلية، على عكس ولاء الجيش التشادي ومجلسه العسكري ونجل الرئيس التشادي الراحل ديبي، والذي يوالي باريس.
الأمر الثالث أن طبيعة الانقلاب في مالي يختلف عن نظيره في تشاد، فانقلاب مالي أسقط الرئيس المختار للمرحلة الانتقالية، أما في تشاد فالانقلاب كان على المؤسسة الدستورية، وليس شخصًا حاكمًا بعينه، صحيح كان هناك رئيس البرلمان كرئيس بحكم الدستور، لكنه أعلن اعتذاره، فكان الانقلاب على الدستور وليس عسكريًا.
وهذا الاختلاف بين البلدين وللأسباب السابقة كان بديهيًا أن تكون قرار العقوبات مختلفة؛ فبينما لم تتعرض تشاد لأي عقوبات، وجدنا أن فرنسا قطعت تعاونها العسكري مع مالي وكذا الولايات المتحدة الأمريكية، والمنظمة الفرانكوفونية علقت عضوية مالي بها، وسبقها لذلك الاتحاد الافريقي، ومنظمة إيكواس.
وهذا يؤكد أن المواثيق الدولية وادعاءات العدالة هي مجرد حبر على ورق، والمعيار الوحيد أنه لا معيار، فقط المصالح ولا شيء غيرها، فالقوى التي تتوافق ميولاتها مع القوى الغربية يتم التغاضي عن أخطائها، وتبارك انقلاباتها العسكرية، والتي لا تتوافق يتم عقابها وتجريم انقلابها!
— فرنسا على لسان رئيسها قالت أنها لن تتعاون مع دولة لا يوجد بها عملية ديمقراطية وسلطة مدنية، فهل هي جادة في تصريحها هذا؟ وما هو السبب الحقيقي وراء هذا التصريح؟
تصريح ماكرون كان واضحًا، وهو أن فرنسا لن تتعاون مع دولة لا يوجد بها عملية ديمقراطية، وانتقال سلمي للسلطة، وهذا هو الشق الأول للتصريح، ولا أظن أن فرنسا جادة في ذلك، فهي لا تخاطب الداخل المالي ولا الإفريقي، ولا حتى المجلس العسكري الحاكم، بقدر مخاطبتها للداخل الفرنسي، وخاصة اليسار الفرنسي.
فالرئيس الفرنسي قضى الأشهر الماضية في مهاجمة الإسلام، والإسلاميين، وأئمة الإسلام، وتهاون مع الكاريكاتير المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، وأعد قانونًا خاصًا لاختيار أئمة المساجد، وقرب الانتخابات في 2022، يفرض عليه مغازلة اليسار الفرنسي، ويضيف اليوم احترامه لقيم الجمهورية الفرنسية، كالديمقراطية، والانتقال السلمي للسلطة.
لكن لا أرى أن هذا التصريح له أي مصداقية، ففرنسا لا يهمها الحاكم إذا كان عسكريًا أو مدنيًا، وما حدث في تشاد يثبت ذلك، وهذا يدلل أن فرنسا تتمايل على مصلحتها وليس على قيمها.
أما الشق الآخر من التصريح الماكروني، وهو الأهم في رأيي، وينطوي على مصداقية كبيرة، أن فرنسا ستسحب قواتها من مالي إذا سارت نحو تأسيس دولة إسلامية راديكالية.
فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لديه حساسية مفرطة تجاه كل ما يمس الإسلام بين قوسين الراديكالي، وهذه الحساسية واضحة في طريقة تعامله مع المسلمين، وما يخص شؤونهم، والقانون الذي سنه مؤخرًا.
لكن استكمال تصريح ماكرون، انطوى على سحب قواته لتموضعهم في قواعد أخرى في دول الجوار ومنها النيجر، وبوركينا فاسو، أو حتى تشاد، فهو انسحاب ينطوي على إعادة تموضع، وليس انسحابًا بالكلية من منطقة الساحل.
أيضًا لا يجب أن نغفل السياق الذي قيل فيه هذا التصريح الفرنسي، وغفل عنه كثير من المراقبين، وهو قبل أسابيع فقط من هذا التصريح، وزير المصالحة في جمهورية مالي، الكولونيل إسماعيل واغي، قال إن تطبيق الشريعة الإسلامية في قضايا الأحوال الشخصية، كالزواج والميراث وغيرها، لا يتعارض مع الدستور العلماني لجمهورية مالي.
تم تفسير هذا من قبل المراقبين الفرنسيين، أن المجلس العسكري المالي عازم على تفاوضه مع الجماعات الإسلامية المسلحة وهذا أمر لا يرضي فرنسا أبدًا، ويتوقعون تقديم الحكومة المالية الحالية الكثير من التنازلات لهذه الجماعات.
فرنسا مرعوبة من انزلاق مالي نحو إسلام راديكالي، والتأثير على علمانية الدولة، خاصة وأن القاعدة تسيطر على معظم الأراضي شمال ووسط مالي، وتطبق أحكام الشريعة، وتمنع بعض مظاهر العلمانية والمدنية، وهذا حدث في 2020، وبدايات 2021، وهذا مقلق جدًا لباريس.
أضف أنه للمرة الأولى قبل أكثر من شهرين، قامت الدولة الإسلامية داعش، غرب مالي، على إقامة الحد على ثلاثة رجال، في مكان عام وبساحة عامة، حيث قطعوا الأيدي اليمنى والأرجل اليسرى لهم، باعتبارهم أقاموا فسادًا في الأرض!
فهؤلاء هم الذين يتفاوض معهم المجلس العسكري المالي ليقينه أنه لن يستطيع أن يحسم الحرب في الميدان، فآثر التفاوض، وهذا التفاوض مع هذه الجماعات بالتحديد مقلق جدًا لباريس، وربما مع تقديم تنازلات لها تنزلق مالي نحو إسلام راديكالي، خاصة مع الدور البارز للإمام السلفي محمود ديكو، والذي كان له دور بارز في إسقاط الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا، أغسطس الماضي.
— إلى أي مدى ومتى يمكن أن نتوقع وقف نزيف الدم المالي وتحقيق الأمن والاستقرار فيها؟
الشعب المالي وشعوب منطقة الساحل عمومًا إذا خيرتهم بين الديمقراطية، والحكم المدني، والأمن، سيختاروا الأمن.
صحيح أن النظام الديمقراطي الحقيقي يتماشى مع فكرة الأمن ويساعد على تحقيقها، وهذا قائم في كل الدول الأوروبية على سبيل المثال، وأمريكا الشمالية، ولكن يجب التركيز على نقطة هامة، الآن تحتاج الدول الإفريقية وجمهورية مالي بالتحديد إلى الأمن أولًا، فإذا استتب الأمن تأتي التنمية، ومع التنمية يمكن الحديث عن الديمقراطية، والانتقال السلس للسلطة.
لكن مع عدم قدرة الدولة على بسط نفوذها على ثلثي الأراضي في مالي لا يمكن الحديث عن الديمقراطية، بل يعد حديثًا سابقًا لأوانه، وهذا يأخذني إلى النقطة الهامة من وجهة نظري كباحث متخصص في الشؤون الإفريقية والإستراتيجية لمنطقة الساحل، أعتقد أن المهلة المقررة يصعب معها تحقيق المصالحة الشاملة في مالي، وتندمل كل الجروح، وتندمج كل الحركات والجماعات المسلحة.
ولذا لا بد من التفريق بين ثلاثة أشياء، أولًا شيطنة كل الجماعات والحركات المسلحة في مالي، ووسمهم بالإرهاب والتكفيريين، فهذا خطأ كبيرجدًا.
فلا بد من التفريق بين الجماعات المتطرفة والإرهابية، وبين الجماعات المسلحة المالية، فمثلا الجماعات التي تضم الطوارق وبعض العرب، عاشوا تهميشًا لا يمكن نكرانه، ولهم مطالب مشروعة، تنسيقية الحركة الأزوادية التي تشملهم اليوم، ولو أنها مسلحة؛ غير أنها جزء من الشعب، وكثير من مطالبهم شرعية.
أما عن استقرار مالي على المدى المتوسط أو البعيد، فمن وجهة نظري أن الأمن لن يتحقق على المدى القريب، فهذا مستحيل بحكم خبرتي ومعرفتي بأرض الواقع، لكنه ربما يتحقق إذا ما أحسنت الحكومة المؤقتة إدارة المرحلة الانتقالية، والحكومة التي ستأتي بحسب ما هو مقرر بعد الانتخابات المقررة بعد 18 تبقى منها نصفها، وهو أمر صعب.
لكن يمكن للأمن أن يتحقق وكذا الاستقرار على المدى المتوسط والبعيد، إذا ما وجدنا رجال دولة حقيقيين، يستطيعوا أن يقربوا وجهات النظر، ومواجهة التشظي الحالي.
وعلى الصعيد الإستراتيجي البحت، وبغض النظر عن مشاعرنا، فإن الوجود الفرنسي وقدرة التواجد العسكري على مواجهة التظيمات والجماعات الإرهابية، وانتزاع أراض منها لحساب الحكومات المالية، ساعد في تقوية موقف الحكومة، وكان بمثابة قدرة ضغط فرنسية على الجماعات، وجعل القاعدة لأول مرة منذ تأسيسها تؤكد أنها لن تقترب من الأراضي الفرنسية أو مصالحها في أي منطقة بالعالم عدا مالي والساحل الإفريقي، حيث تعتبرها القاعدة أرضًا لها، بعكس تصريحاتها تجاه الولايات المتحدة ومصالحها، حيث تؤكد على محاربة أمريكا ومصالحها في أي مكان بالعالم.
إذا إما أن تظل فرنسا، أو يتم استبدالها بقوة أخرى غاشمة لا تبقى ولا تذر كالقوة الروسية مثلًا، وذلك لضمان سحق هذه الجماعات المتطرفة وتحقيق الأمن، أي أن وجود القوى الأجنبية أحيانًا يكون وسيلة ضاغطة لإجبار العناصر المتطرفة على التفاوض مع الحكومة ومن ثم يتحقق الاستقرار، كما حدث في افغانستان والعراق، حيث أن الوجود الأمريكي ساعد في تحقيق ذلك.
لكن ما أخشاه حقيقة أن بعض الرجال في السلطة في الدول غير المستقرة أمنيًا، تحت ادعاءات الأمننة يستغلون حالة عدم الاستقرار لتبرير بقائهم في السلطة.
+ There are no comments
Add yours