بدا البيت الأبيض الذي تهزه أزمة تلو أخرى على شفير الانهيار الجمعة، في حين يبذل مساعدو الرئيس دونالد ترامب جهودا حثيثة لاحتواء الاضرار الناتجة عن إعلانين متهورين لهما عواقب بعيدة المدى.
وتسببت تصريحات مفاجئة لترامب تنذر بحرب تجارية عالمية، ومطالبته بوضع ضوابط على الحق الدستوري الذي يجيز حيازة أسلحة، بانشقاقات بين الرئيس المتقلب الرأي ومؤيديه الجمهوريين، وبمضاربات سريعة في الأسواق المالية، كما دفعت اطرافا عدة الى التهديد بفرض عقوبات انتقامية على واشنطن.
ومدفوعا بالغضب إثر الإعلان عن مغادرة مستشارته المقربة هوب هيكس والفضائح المالية المحيطة بصهره جاريد كوشنر والتحقيقات المستمرة في حملته الانتخابية، استخف ترامب بتحذيرات مستشاريه وأعلن عزمه فرض رسوم عقابية على واردات الصلب والألمنيوم.
وكتب ترامب على تويتر الجمعة "عندما تخسر دولة (الولايات المتحدة) مليارات الدولارات في التجارة مع كل دولة تتعامل معها فعليا، فإن الحروب التجارية تصبح جيدة وسهلة الربح".
ولم يحاول المسؤولون إخفاء حقيقة إن القرار — الذي سيستدعي تحركا قانونيا — قطع مشاورات داخلية واستبق حكم الإدارة الأمريكية حول ما إذا كانت تلك الخطوة قانونية.
وتأتي الرسوم ضمن حملة ترمب المستمرة منذ عشرات السنوات على قوانين التجارة الأمريكية، لكنها أغضبت حلفاء في كندا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وجاءت الانتكاسة في الداخل سريعة، فقد عادت الشائعات مجددا لتفيد بأن كبير المستشارين الاقتصاديين غارن كوهن — الذي أثار عدم استعداد ترامب لإدانة النازيين الجدد غضبه — جاهز للرحيل.
والعارفون بأمور وول ستريت — الذين أيدوا اقتطاعات ترامب الضريبية ونهج عدم التدخل في القوانين — أعربوا عن دهشتهم إزاء تلك السياسة، وأيضا إزاء الفوضى التي يتخبط فيها البيت الأبيض.
وجاءت تغريدات ترامب بعد ساعات على تسديده ضربة للجمهوريين باقتراحه رفع السن القانونية لحيازة السلاح وتشديد إجراءات التدقيق في خلفية مالكي الأسلحة ومصادرة بعض الأسلحة دون الرجوع للقانون.
وحرص الجمهوريون على إبداء تساهل كبير مع خطاب ترامب بل حتى مع تجاوزات أخلاقية، لكن "بدعة" الأسلحة تخطت الحدود بالنسبة لكثيرين.
وقال السناتور الجمهوري بن ساس "القادة الاقوياء لا يوافقون بشكل تلقائي مع آخر شيء يقال لهم".
وحتى المذيع في فوكس نيوز تاكر كرلسون الذي دائما ما التزم خط البيت الأبيض، اتهم ترامب بالخيانة.
وقال كارلسون "تصوروا اوباما يقول شيئا مشابها. سيتعرض للتنديد ويوصف بالدكتاتور. والكونغرس سيبحث إجراءات إقالة. والبعض ربما يهمس كلمة فصل".
والخميس اضطر ترامب نفسه للخروج من الورطة إلى استقبال ممثلين عن الجمعية الوطنية للبنادق، مجموعة الضغط القوية، في المكتب البيضوي بالبيت الابيض، ووصف اجتماعه بهم ب"الجيد والرائع".
وتقول مصادر إن ترامب دعا السناتور الجمهوري جون كورنين الذي يقف وراء القانون المؤيد لحيازة الاسلحة، الى التحرك، فيما سعى مساعدو ترامب إلى التراجع عن تصريحاته.
وقالت ساره ساندرز "نظريا، لا يزال يؤيد رفع السن إلى 21 عاما" في تراجع عن تصريحات متعلقة بالتدقيق عالميا في خلفية مالكي الأسلحة. وقالت "عالميا تعني شيئا مختلفا بالنسبة للعديد من الناس".
وتهز سلسلة من الأزمات إدارة ترامب التي تتخبط منذ أكثر من 13 شهرا.
وقال ريتشارد هاس الدبلوماسي المخضرم ورئيس مجلس العلاقات الخارجية ان "غياب كل ما يشبه عملية جادة حول الإعلانات المتعلقة بالأسلحة والرسوم الجمركية، يوضح بشكل موجع بأن لدينا بيتا أبيض يتخبط في فوضى وفي نفس الوقت لدينا عالم يتخبط في فوضى".
وقال "إن كنتم غير قلقين، عليكم أن تقلقوا. فخليطهما لا يخلو من السمية".
وفيما يسعى البيت الأبيض لتخطي مصاعبه، يواجه جاريد كوشنر اتهامات جديدة حول تعاملاته المالية مع حكومات أجنبية، فيما اضطر كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي إلى الإعلان بأنه لن يستقيل، كما أعلن الكونغرس عن إجراء تحقيق في التصاريح الأمنية الممنوحة لموظفي البيت الأبيض.
وحصل هذا الأمر بعد أن أقر كيلي بأن تعامل إدارة ترامب خلال الفترة السابقة مع المعلومات المصنفة سرية وحساسة لم يكن بالمستوى المطلوب، وأن ما بين 35-40 من موظفي البيت الأبيض يملكون تصاريح للاطلاع على وثائق بالغة السرية دون أن يكونوا بحاجة إلى ذلك.
وقال "فيما يتعلق بالتعاطي مع المستندات السرية" فإن البيت الأبيض "لم يكن بالمستوى الذي اختبرته".
واضاف "لا شيء غير قانوني" مستطردا "لكنه لم يكن بالمستوى المطلوب".
وبين وابل الفضائح هذه ورئيس غاضب جاهز للخروج عن النص، فإن السؤال الاكثر تداولا في واشنطن وفي دوائر البيت الأبيض هو "إلى متى سيستمر ذلك؟".
+ There are no comments
Add yours